يثير اهتمامى دائماً أحد الحسابات على موقع التواصل الاجتماعى الشهير «تويتر»، الذى يعتبر من الحسابات المشهورة والطريفة بين مرتادى هذا الموقع، الحساب اسمه «السويد بالعربية»، يختص هذا الحساب بالرد على الاستفسارات الخاصة بالسويد من بين مرتادى الموقع الشهير الخاصة بالسياحة أو الهجرة والتعليم، يدير الحساب سويدى يجيد العربية، باختصار هو محاولة للتواصل مع الناطقين بالعربية من الحكومة السويدية، ولكن لأن المصريين لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم، فكثير منهم يمازحونه ويعلقون على ما ينشره بتعليقات ساخرة، لا يفهمها مدير الحساب فى الأغلب ولهذا يرد دوماً بردود مثيرة للضحك.
ربما كانت تلك المقدمة مهمة لمن لا يرتاد «تويتر» ولكنها قد تشعرك بالملل الشديد إذا كنت أحد مستخدميه الدائمين، ليس هذا هو المهم، المهم أن أحدهم قد بعث إليه يسأله سؤالاً عجيباً، لقد سأله ما احتمالية أن يتم اختطاف أحد الطلاب من جامعته ثم يُقتل وتجد جثته فى الصحراء بعدها، وتدعى الداخلية أنه كان مختبئاً فى أحد الأوكار؟! إذا كان يدرس لديكم؟!
إلى هنا والسؤال يحمل تهكماً واضحاً واستنكاراً لمقتل ذلك الطالب الجامعى «إسلام عطية»، ولكن الجواب هو ما أثارنى، فقد أجابه الحساب هذه المرة «فى السويد.. لا توجد صحراء»!!
لقد عجز الحساب عن الرد، أو فشل فى استيعاب ما حدث للطالب المصرى، الذى شهدت كاميرات المراقبة بالجامعة أنه كان موجوداً يومها وخرج وحيداً، والذى تنكر إدارة جامعة عين شمس أن أحداً قد اصطحبه من الجامعة، ويصر زملاؤه أن شخصاً ما قد انتظره خارج اللجنة الامتحانية ليصطحبه إلى مكان مجهول، ويبقى عضو هيئة تدريس وحيد يشهد أنه حضر الامتحان يومها، ويقدم أوراق إجابته للنيابة!!
لقد فهم مدير الحساب السؤال جيداً، ولكنه عجز عن الرد بما يليق، لقد عجز أن يقول إن حادثة مثل هذه لا يحدث مثلها فى بلاده مطلقاً، ففى تلك البلاد لا يتم القبض على أحد أو قتله دون أن تقوم الدنيا ولا تهدأ، ولا يصدر بيان من الداخلية بشأنه، ويثبت كذبه بعد ذلك.
لقد اضطر مدير الحساب أن يجيب إجابة ذكية يخرج بها من هذا المأزق السياسى، اضطر أن يجيب تلك الإجابة وهو يلعن اليوم الذى تعلم فيه العربية من الأساس، ويلعن اليوم الذى امتهن فيه تلك الوظيفة التى تضعه فى هذا الموقف، ففى بلادهم لا توجد جهات أمنية تكذب، ولا توجد إدارة جامعية تنكر، ولا توجد صحراء أيضاً!
لقد قُتل إسلام بطريقة غامضة تبعث الشك الذى قد يصل إلى اليقين أن هناك شيئاً ما غير طبيعى قد حدث، فاختباؤه فى أحد «الأوكار» بطريق صحراوى وإطلاقه النيران على قوات شرطية يتناقض وبشدة مع ذهابه إلى كليته يوم الامتحان! فإذا كان مختبئاً فى «وكر»، فما احتمالية أن يتم القبض عليه إذا ذهب إلى كليته؟ بل وما أهمية أن يحضر الامتحان من الأساس؟ هذا إذا ما تناسينا شهادة زملائه التى ترفض وبشدة ذلك البيان الذى صدر من إدارة جامعته!
أنا لا أبرئ الطالب القتيل من أى تهمة يمكن أن يكون متورطاً فيها، ولكننى أسأل بعض الأسئلة المنطقية التى عجز عقلى المسكين عن الإجابة عنها، لعل بيان الداخلية القادم يجيب عنها، أو تثبت النيابة صحة شهادة زملائه وكذب الشرطة!!
لقد قُتل إسلام بطريقة ما، ولسبب ما، لا يعلمه أحد حتى الآن سوى قاتله بعد الله، ليتحول إلى خالد سعيد آخر، سيظل شبحاً على رقاب كل من أخفى معلومة تكشف ما حدث، وسيظل فى ذاكرة زملائه ما بقى لهم من العمر، ليشهد على ممارسات غريبة لجهة يفترض أنها هى من تحفظ الأمن فى ربوع هذا الوطن، وهى من تطبق القانون، ولكن يبدو أنه قانون البلاد التى بها صحراء فقط!!