انتهت العاصفة التى صاحبت تعيين المستشار أحمد الزند وزيراً للعدل ككل عاصفة فى بلادنا تبدأ بالغضب وتنتهى بضرب الرأس فى الحيط. المؤيدون اعتبروا الزند انتصاراً لثورة 30 يونيو، والرافضون اعتبروه خطوة واسعة للخلف. ومن بين هؤلاء الرافضين مؤيدون للرئيس عبدالفتاح السيسى، ويؤلمهم اتهامهم بالغباء والتآمر والأخونة لمجرد أنهم قالوا رأيهم فى الرجل. ولن أقول رأياً فى القضية، لكننى سأروى حكاية يعرفها جيداً مشجعو الكرة فى بلادنا.
فى العام 2004 كان إبراهيم سعيد، مدافع الأهلى، واحداً من أهم لاعبى مصر، وكانت مشكلته أنه يلعب فى فريق يطبق شعار «اللاعبون عبيد»، تحت رئاسة حسن حمدى، وما أدراك من هو حسن حمدى ونفوذ حسن حمدى. المهم أن اللاعب اختلف مع ناديه، حيث اقترب عقده على الانتهاء وأصبح على وشك أن ينال حريته، وترددت الأنباء عن توقيعه للزمالك.
هل يسكت الأهلى؟ مستحيل طبعاً، لكن المشكلة أن من حق اللاعب التوقيع لأى ناد ما دام عقده سينتهى مع ناديه الحالى. ووقتها أحضر الأهلى عروض احتراف تافهة لإبراهيم سعيد مقابل أرقام هزيلة للغاية، وبالطبع رفضها اللاعب جميعها، فليس من حق النادى أن يبيعه رغماً عن أنفه.
فى تلك الفترة كان رئيس اتحاد الكرة هو عصام عبدالمنعم، الصحفى بالأهرام. وتفتّق ذهن حمدى وعبدالمنعم عن خطة جهنمية ربما تكون الأفسد والأوقح فى تاريخ الكرة المصرية، حيث جرى الاتفاق على أن يقدم الأهلى شكوى لاتحاد الكرة يتضرر فيها من رفضه عروض الاحتراف، وتلقّف عبدالمنعم الشكوى المتفق عليها، وأصدر قراراً بتشكيل محكمة رياضية يرأسها المستشار أحمد الزند الذى كان قبلها رئيساً لنادى طنطا الرياضى.
واجتمعت اللجنة الميمونة لنظر جرائم الحرب التى ارتكبها الشقى العنيد الإرهابى إبراهيم سعيد، وأهمها بالطبع جريمة تحديه للأهلى ووقوفه فى وجه حسن حمدى. وبعد المداولة قررت المحكمة الرياضية تغريم إبراهيم سعيد 1.6 مليون جنيه، وإيقافه عن اللعب لمدة 6 أشهر اعتباراً من بداية الموسم الجديد. وقالت المحكمة فى حيثيات العقوبة إن الأهلى قدم مستندات بالغرامات التى وقّعها على سعيد وتبلغ 438٫5 ألف جنيه، إضافة إلى 120 ألف جنيه حصل عليها من النادى، كما فرضت عليه سداد مبلغ مليون جنيه كتعويض للأهلى عن رفضه الاحتراف. وألزمت محكمة الزند اتحاد عصام عبدالمنعم بعدم اعتماد أى انتقال للاعب داخل أو خارج مصر لحين سداد الغرامة المقررة.
وكانت هذه المرة الأولى فى التاريخ التى يعاقب فيها لاعب بعقوبة مزدوجة هى الإيقاف والغرامة، وكانت هذه هى المرة الأولى والأخيرة فى التاريخ التى يعاقب فيها لاعب لرفضه عروض احتراف، وكانت هذه هى أول وآخر قرارات محكمة الزند، فقد اختفت المحكمة بعد تلك القضية ولم نسمع عنها شيئاً، كانت محكمة الجلسة الواحدة والقضية الواحدة.
هذا هو المستشار أحمد الزند وزير «العدل».. بس خلاص.