بمناسبة فتح تحقيقات جديدة مع رموز النظام الفاسد.. وسؤالهم: من أين لك هذا؟
سين سؤال: هل يوجد مثل هذا القانون، فى بلاد الخواجات؟.. الإجابة: نعم!!
بدايةً: فى بلاد الخواجات والدول المتقدمة.. مفيش حاجات تتسرق!!
لا فيه أملاك دولة من أرض، أو عقارات حكومية.. ولا فيه شركات ملك الشعب، بتتخصخص (أقصد بتتمصمص).. ولا تشريعات فاسدة تُقنّن السرقة.. ولا تضارب قوانين وقرارات تفتح أبواب الفساد.. وأخلاق المجتمع ومفهوم الشرف، لا تسمح بالتستر أو بإدارة فساد.. هناك فقط «التهرُّب الضريبى» على مستوى أصحاب الأعمال، وبعضاً منه على مستوى القمة (رشاوى لتمويل الحملات الانتخابية الرئاسية أو الحزبية)، وفى بعض المؤسسات الدولية على شاكلة «الفيفا».
سيادتك تُدير «دولة - شركة - مؤسسة».. صغيرة أو كبيرة فى أوروبا أو أمريكا أو حتى فى إسرائيل.. لن تستطيع السرقة أو النصب بسهولة.. ليه؟
لأن «القانون» هيقطع إيدك، وهيسجنك (إنشالله تكون ابن الرئيس، أو حتى الرئيس نفسه، شوف بن الرئيس «ميتران» أو رئيس إسرائيل، وغيرهما كثير)!!.. هناك «الصحافة» تُراقب (مع وعلى) البرلمان، ولا تتستر على فساد (ولكن بالمستندات، وليس بالشبهات أو نشر الشائعات)، وهناك الرقابة الأهلية، أقوى من الرقابة الحكومية.. وكل الناس أمام القانون سواسية (مفيش خيار وفاقوس)، ابن عامل النظافة زى ابن الحاكم!!.
أغلبية مشاكل الناس مع الدولة هناك، قضايا تهرُّب ضريبى.. ليه؟. لأن معظم الناس يعملون لحسابهم (مفيش وظائف حكومية) ولو فيه.. فلا يُقبل الناس عليها.. لأن آلاف «الفرص» متوافرة لكى تُنشئ مشروعاً (صغيراً - متوسطاً - كبيراً)، فى الإنتاج أو الخدمات.. فهناك أجهزة الدولة «مُسخّرة» 24 ساعة لخدمة سيادتك.. وإجراءات التراخيص والموافقات والتصاريح، تصلك بالإيميل.. والبنوك تتنافس لإقراضك بالملايين، بضمان خبرتك أو بتاريخك المنضبط مع البنوك، وبضمان المشروع نفسه!!.
فالدولة هناك لديها «رؤية»، و«خطط»، و«سياسات»، و«برامج»، و«آليات» تُشجّع الناس على المخاطرة.. على الإبداع.. على الإنتاج.. على العمل والكسب.. يا رب تكسب وتحشى جيوبك بالملايين.. سيرفعون لك القُبّعة.. ليه؟
لأن مصلحة الضرائب شريك «بالنُص» (فيفتى - فيفتى) الجيب اليمين لسيادتك، والشمال للضرايب (ويا ويلك وسواد ليلك، لو استهبلت ومدّيت إيدك على الجيب الشمال، بتاع شريكك) هتتسجن يعنى هتتسجن!!
هناك.. كل أصحاب الأعمال (صغيرهم قبل كبيرهم) تحت الميكروسكوب «مصلحة الضرائب».. سيادتك تشترى سيارة «BM» (مش «هامر») كاش.. هيوصل لك استدعاء من الضرائب، يسألوك: من أين لك هذا؟ (وحضرتك أعلنت فى إقرارك الضريبى إنك خسران)؟؟!!
أما إذا اشتريت «يخت» أو فيلا بحمام سباحة كاش، بأكثر مما أعلنته من أرباح بالميزانية، ستجد 14 من شرطة التهرّب الضريبى، يحاصرون منزلك ومكتبك، ويصحبوك فجراً لسؤالك: من أين لك هذا؟ وسين وجيم، وتتفتح كل ملفّاتك وحساباتك البنكية لعشر سنوات سابقة.. وعليك أن تُثبت لهم براءتك، لتعود إلى منزلك!!
السؤال: ولماذا يتهرّب بعض الناس من الضرائب؟
1 - لأن أصحاب الأعمال (من أول صاحب كشك بيع الجرائد، إلى صاحب شركة «داسّو» لصناعة طائرات «الميراج» و«الرافال») يعملون 12 ساعة يومياً، ولذلك يعتبرون أن أرباحهم من عرقهم ومجهودهم ومخاطرتهم، وأن الدولة مفترية حينما تقاسمهم «بالنُص»!!.
2 - ارتفاع نسبة الضرائب على الأرباح، فهى تصاعدية وقد تصل إلى 60% من صافى الربح!!.
الخلاصة:
إذا اتهموك فى بلاد برّه، بأن سيادتك حرامى (من أين لك هذا؟) فما عليك إلا أن تمدهم بصورة من إقراراتك الضريبية، خلال العشر سنوات الأخيرة، لتثبت لهم أن «ثروتك» الآن، هى مجموع تراكمى لأرباحك الصافية بعد سداد الضرائب (ويا دار ما دخلك شر).. لكن لو «الثروة» بتاع سيادتك 3 أو 4 أضعاف أرباحك، فأنت متهرّب، وأكلت حق المجتمع، وستذهب وراء القضبان أنت وتحويشتك!!.
صباح الخير سيادة الرئيس..
أ - اسأل سيادتك الخبراء والمتخصصين: كيف نخلق «مناخاً» جاذباً للاستثمار المحلى والأجنبى (مش حكاية قانون موحّد للاستثمار فقط..) لماذا؟
1 - حتى لا يتحول الناس إلى سماسرة ووسطاء، ومخلّصاتية، أو مستوردين.. ولا نجد من يُخاطر بالدخول فى مشروعات إنتاجية، وعربية وأجنبية، تخلق فُرص عمل لطابور البطالة، الممتد من حلايب إلى بورسعيد!
2 - من غير استثمارات محلية وعربية وأجنبية، مش فقط مفيش فُرص عمل للشباب، ولكن أيضاً مفيش حصيلة للضرائب، يعنى مفيش خدمات، والأهم مفيش عدالة اجتماعية!!
ب - كيف نُغيّر عداء المجتمع للمستثمرين، وحقد الجهاز الإدارى على أصحاب المشروعات.. وكيف نتعود على رفع القبعة لكل ناجح أو ثرى أو صاحب عمل مُجتهد.. طالما أنه يُسدّد ضرائبه على داير المليم، ونتوقف عن التشويه والتلطيش وتوزيع الاتهامات.. على جهازى الكسب غير المشروع والتهرب الضريبى، القيام بكامل واجباتهما، طبقاً للقانون، وعلى الكبير قبل الصغير، ومن غير تسريبات للاتهامات أو التحقيقات، منعاً للشوشرة والشائعات، طالما أنه لا توجد إثباتات أو أحكام!!
ج - وأخيراً.. الضرائب التصاعدية.. هى قاعدة فى كل بلدان الدنيا (على الأقل حتى 35%).. لتستطيع الدولة مساندة الطبقات الدنيا، وتحقيق الاستقرار الاجتماعى.. أُكرر: الاستقرار الاجتماعى.. الاستقرار الاجتماعى.. ماذا، وإلا!!