(عنوان المقال حق من حقوق الملكية الفكرية للجهاديين وليس من رسمى أو من قلمى) مقدمة ضرورية حتى لا أتهم بسرقة حقوقهم الفكرية والإبداعية.. بسم الله نتوكل.
الجماعات الجهادية تستهزئ وتستنكف ما فعله محمد النفس الذكية فى حربه ضد أبوجعفر المنصور، الخليفة العباسى، حين أمر قادة جيشه أن يتقوا الله فى الأعداء. النفس الذكية هو محمد بن عبدالله بن الحسن بن على بن أبى طالب، أمه هند بنت أبى عبيدة، جدها عبدالمطلب. وأبوجعفر هو عبدالله بن محمد بن على بن العباس بن عبدالمطلب، وجده عبدالمطلب (القاتل والمقتول أولاد عمومة والجد واحد)، وهو ثانى الخلفاء العباسيين بعد أخيه (المنصور). يختفى النفس الذكية فى عهد الخليفة العباسى المنصور (السفاح) مخافة القتل والتشريد، أعظم صفات الخلافة العباسية. يظهر النفس الذكية للعيون بعد موته. يطلب أبوجعفر البيعة من الأمصار. يرفض النفس الذكية، أمَّر نفسه على المدينة ودعا الناس له على منابرها. الإمام أبوحنيفة يؤيد النفس الذكية فى ثورته ضد العباسيين. الإمام مالك يفتى لأهل الأمصار بسحب بيعة الإكراه للعباسيين. جنود أبوجعفر المنصور يغزون المدينة لأخذ البيعة للخليفة جبراً. تدور الحرب بين الطرفين على مشارف المدينة المنورة. النفس الذكية يأمر قادة الجيوش بأن يتقوا الله ما أمكن فى دماء الأعداء. قواد الجيش يتعجبون، كيف للحرب من رخاوة وطراوة؟ وكيف يتقون الله فيمن جاء لقتالهم فى عقر دارهم؟ كاد محمد النفس الذكية وجنوده أن ينتصروا، لكن هزمته غرابة مطلبه ورخاوته وطيبته. حين تمكن منه جنود أبوجعفر المنصور وأمسكوا به، لم يتقوا الله فيه ولم يرحموا أسيرهم، ذبحوه ذبح الدواعش، وأرسلوا رأسه إلى الخليفة أبوجعفر المنصور، وطافوا بالرأس فى الكوفة على أسنة الرماح. لم يسلم أولاده وآل بيته فى المدينة، قطعوا رقابهم وصلبوها على الأشجار ثلاثة أيام، وكذلك الدواعش يفعلون. معظم قتلى المسلمين بأيدى أبناء عمومتهم. هذا هو هاجس كل الجماعات الجهادية منذ قرون، يسبقون الناس بغدرهم وذبحهم وترويعهم لأنهم على يقين أنهم سيواجهون مصير النفس الذكية، سواء استعملوا الشدة أو اللين فى الجهاد إذا تمكنت منهم الأنظمة، فكان الأجدر بهم أن يثخنوا فى القتل والترويع حتى يرهبوا عدو الله وعدوهم (كما يزعمون).
الجهاد عند هذه الجماعات إثخان فى القتل، دم وهدم وتشريد وذبح. فلا جهاد دون شدة، ولا دعوة دون قسوة، هذا هو العهد والقسم فيما بينهم.. الصالحون الطيبون الورعون التقاة لا يصلحون للجهاد، هكذا كان مصير النفس الذكية، وعمّيه سبطى النبى. لم يفهموا طبيعة الحرب من شدة وبأس وتشريد وذبح وإثخان كما فهمها العباسيون ومن قبلهم الأمويون ليفوزوا بالخلافة. قالوا إن الصديق وعلياً وخلفاء بنى أمية والعباسيين مارسوا الحرق والتنكيل، ليس لأنهم غلاظ القلوب، بل هم أرق القلوب، وأرحم البشر، لكنهم يعرفون أثر اللين والرخاوة على الجهاد وضياعه، ويعرفون أثر البأس والغلظة على الجهاد واستمراره!! ولما مكنهم الله من العباد وجدوا العطف والعدل والرحمة!! وفيما استشهدوا به عن أجدادهم الدواعش، هذا محمد بن القاسم، قائد جيوش الحجاج فى فتح السند، لم يعجب الحجاج تساهله مع أهل البلاد المفتوحة وأرسل رسالته: «فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ»، فلما دخل ابن القاسم برهمباد فى الهند قطع رؤوس المحاربين وأخذ نساءهم أسرى. هذا أيها الحجاج ما فعلته مع الكفار، وما صنعته مع المسلمين لتثبيت الخلافة الأموية كان أمرَّ وأكثر إثخاناً، حتى أحفاد رسولك لم يفلتوا من إثخانك وبأسك.
طالبان على نهج أجدادهم الدواعش (ليسا حديث عهد، بل نحن منذ قرون) عام 1998. جمعت طالبان العشرات فى مدينة مزار شريف، وربطوا أيديهم وأرجلهم من خلاف وسكبوا عليهم البنزين وأحرقوهم أحياء، وتكرر هذا المشهد عشرات المرات. الأطفال الصغار من أبناء رجال الشرطة كان لهم نصيب من هذا الإثخان، يقتلونهم دون ذنب ويصلبونهم على الأشجار حتى يتراجع الآباء عن حربهم. العائلات فى العراق التى ترفض التعاون مع الدواعش أو بيعتهم يقتلون أطفالهم ويحزون رقابهم ويتركونها فى الميادين عدة أيام لإرهاب الناس وإجبارهم على بيعتهم. فى واقعة شهيرة فى أحد مستشفيات الموصل تقدمت طبيبتان بشكوى بعدم قدرتهما على إجراء العمليات الجراحية للمصابين، فى ظل ارتداء الخمار والزى الإسلامى المفروض من طالبان على العاملين بالمستشفى، والذى يعوق حركة الجراح أثناء إجراء العمليات الجراحية مما يعرض المصاب للخطر. بعد التحقيق تم اكتشافهما. وتم جرهما إلى ميدان عام وأعدموهما رمياً بالرصاص فى الرأس على مرأى من الناس حتى لا يتجرأ غيرهما بالشكوى (الطبيبتان مها سبهان، ولمياء إسماعيل). فى أدبيات الجهاد عند تفجير المبانى وأبراج الكهرباء أو أهداف عسكرية كالوحدات أو الأكمنة وغيرها يستخدمون أطناناً من المتفجرات مهما كان الهدف صغيراً، ليس لزيادة عدد القتلى فهم سيواجهون مصير الموت بأقل المتفجرات، لكن الهدف هو مضاعفة الرعب والخوف إذا دمر الهدف تدميراً مهولاً، ودكت الأرض دكاً. هذا هو الجهاد؛ القتل والذبح والإثخان. حتى إذا تمكنوا من العباد تبدلت الغلظة إلى رحمة، والإثخان إلى العدل وقالوا لكم اذهبوا فأنتم الطلقاء. خدعة كبرى، فما زلنا أسرى الذبح والإثخان. شارب الدم إذا تاب شرب الخمر!!.
على الهامش: والله لو راهناهم على كرامة المرأة وعفتها عارية، وبين بيعها كالجوارى فى سوق النخاسة فى العراق لخسرنا تاريخنا كله.