فى ظل الأحداث الجارية، والسِّجال الواضح حول الدستور وقضية الشريعة، أحب أن أُشْرِك أصدقائى وأحبائى فيما يجول فى نفسى وما أعتقده وأومن به، قد أصيب، وقد يجانبُنِى الصواب، ولكن على الأقل هذا تصورى الذى أَدِينُ اللهَ به.
أول ما أحب توضيحه أن انحيازى فى الأساس للشريعة والدِّين، وأسعى وأجاهد نفسى أن يكون ذلك هدفى الذى أعمل من أجله، ووجهتى التى أتحرك نحوها؛ إذ إن تطبيق شرع الله وإقامة الدين وتعبيد الناس لرب العالمين أصلٌ يجب أن نسعى إليه جميعاً، بغض النظر عن المواقع التى نتحرك منها، والوظائف التى نشغلها، والسلطات التى نترأسها.
الشريعة عندى إطار شمولى يُدْرِجُ المبادئ والأحكام والقوانين والتنظيمات داخل الدولة، وهى المنظومة القِيمِيَّة الحاكمة بين الناس. الشريعة عندى الفكرة والمنطق والمضمون، ثم المبادرة والمشروع والسياسات. الشريعة مشروع حياة لذوى الألباب، بصيرتُهم نحو الآخرةِ؛ حيث الثواب والعقاب، والجنة والنار، ورضا الله وسخطه.
الشريعة -فى وجهة نظرى- لا يمكن أن تُخْتَزل فى نص داخلَ الدستور فحسبُ، لكنها إطار عام جامع يترأس كل مؤسساتِ الحكمِ والدولةِ والدعوةِ والعملِ العامِّ. الشريعة إطار طاهرٌ ناصعُ البياضِ، لا يكرس لظلمٍ أو استبدادٍ، وليس سلعةً يتم المتاجرةُ بها أو تسويقُها لمكاسبَ سياسيةٍ أو تجارية. الشريعة عندى حقٌّ مطلقٌ، وصواب لا يعتريه نقص أو خلل، بل وأزيدكم أن التدرج فى تطبيقِ الشريعة ليس هدفاً، بل هو سبيل لتحقيق المراد من التطبيقِ، وضمان الاستمرار ومراعاة المقاصد، فإن تَبيَّن ما يعاكس ذلك، فالتدرجُ يكون معيباً وغير مرغوب فيه، والتوجه نحو التطبيق المباشر يكون هو الأولَى والأكمل.
إخوانى الكرام، انطلاقاً من كل ما ذكرت، أحب أن أسرد ما أراه من منظور الشريعة حول الواقع الحالى:
إن الانتقال من النظرية إلى التطبيق، ومن التنظير إلى البناء، ومن الترويج إلى التنفيذ هو المطلوبُ من السلطة اليوم فى منتهى الوضوح والواقعية. الرئيس محمد مرسى وحكومتُه على عاتقهم مسئوليةٌ نحو ما أقبله أنا وأتبناه من انحياز واضح نحو إقامة الدين وتطبيق الشريعة، فهناك العديد من السياساتِ التى يجب أن تتبناها الدولةُ فى هذا السياق العام، منها على سبيل المثال لا الحصر:
- العمل على تطهيرِ مؤسسات الدولة؛ لإقرار دولة العدلِ، والقضاءِ على دولة الظلم والطغيان والفساد.
- تطوير منظومة اقتصادية تنقذُنا من وحل الديون المتراكمة وبيع السندات بفوائد ربوية مُركبة.
- الاهتمام بالبعد الاجتماعى ومراعاة مصالح المواطنينِ، ومنع بيع الخمور، وإلغاء تراخيصها، والقضاء على تجارة المخدرات، ووقف طوفان الترامادول وغيره داخل أروقة الوطن.
القائمة طويلة، والمقام قد لا يتسع لما فى صدرى من هموم، والسؤال: أليس كل هذا من الشريعة، وإقامة الدين؟
فى النهاية: أنا من المطالبين بوضعِ الشريعة بما يناسبها فى الدستور ويناسب مقامها، وأرفضُ:
- أرفض كل بندٍ يناقضها ويناقض مقاصدها.
- أرفض كل ما يعبر عن مقايضة سياسية على حساب مستقبل هذا الوطن.
- أرفض أى تمييز للعسكر.
- أرفض ما يُفَرْعِنُ الحاكم ويجعل سلطته مطلقةً.
أطلب العدل والإنصاف، وكل المبادئ التى تحافظ على الدينِ، والنفس، والعقل، والنسل، والمال.
فلنكن أمةَ خيرٍ وعطاءٍ وعدلٍ وهدايةٍ، يؤمن من شاء ويكفرُ من شاء، والعاقبة للمتقين.