نحن كبشر نعيش حياة مليئة بالأحداث اليومية والمواقف التى تبنى بداخلنا الكثير والكثير من المشاعر والتى ربما لم نخلق بها أو لم تكن بهذا الحجم بداخلنا مثل إحساس الخوف، بمعنى أدق، كلنا خُلقنا أطفالاً، هل يتذكر أحدنا نفسه طفلاً؟ أكيد لا، ولكننا اليوم وبوجود أطفال حولنا نراهم فى كل مكان ألم يلفت نظرك تعامل الطفل مع شىء ربما تخاف أنت أن تلمسه؟
على سبيل المثال ربما تكون أنت تخاف الكلاب مثلاً وفى الوقت نفسه ربما تجد طفلاً يقترب من الكلب بل يضع يده داخل فم الكلب دون خوف أو حتى قلق.. هل هذا الموقف يعتبر شجاعة من الطفل.. أم أن الطفل لم يولد بداخله إحساس الخوف الذى تربى بداخل الكثير منا.
الخوف من وجهة نظرى هو بذرة بالتأكيد موجودة بداخل كل إنسان على وجه الأرض ولكننا نحن كبشر مَن ينميها عن طريق التربية والعادات المختلفة التى ربما تجعل الخوف أساساً ودائماً ما نفكر فيه قبل كل شىء، فبسبب ذلك منا اليوم من يخاف الحب، من يخاف العمل، من يخاف الموت.. أنا لا أنتقد إحساس الخوف لأننا بشر وهذا الإحساس طبيعى جداً وبذرته -كما ذكرت- موجودة فى داخل كل واحد منا، ولكن عندما تزيد نسبة الإحساس بالخوف وتصل إلى درجة الثبات فهذه هى الكارثة الكبرى فمن الممكن جداً أن تنتهى حياة شخص حتى وإن كان ما زال على قيد الحياة لمجرد إحساسه بالخوف الشديد من إعادة تجربة فى الحب مثلا لمجرد أنه مر بأخرى وباءت بالفشل. أقاويل كثيرة غرست فينا منذ الطفولة مثل (من خاف سلم.. طالما خايف يبقى هتنجح)، وغيرها من العبارات التى تربينا عليها أرست فى داخلنا إحساس الخوف، والمشكلة أن تلك العبارات ليست خاطئة ولكن قولها دون تفسير أو توضيح كان معناه أن الخوف أساس فى حياتنا لدرجة أن بعض الناس بعد ضحك طويل يتمنون الخير خوفاً من وقوع مصيبة نتيجة لهذا الضحك. لقد ارتبط بنا الخوف ارتباطاً أشبه بالزواج الكاثوليكى فلا يتركنا ولا نتركه فى أى مناسبة أو موقف ويجب أن نتذكره حتى فى أسعد لحظات حياتنا.
، وعن الشجاعة قال الراحل نيلسون مانديلا «تعلمت أن الشجاعة ليست غياب الخوف، ولكن القدرة على التغلب عليه»، ومن منا لا يبحث عن الطريقة التى يستطيع أن يغلب بها خوفه ففسرها «مانديلا» بأن الشجاعة ليست شيئاً يُبحث عنه بذاته ولكنها توجد عندما نستطيع التغلب على الخوف المزروع بداخلنا، ما أروع هؤلاء العظماء من الحكماء والأدباء وغيرهم من الذين شكلوا وكونوا الكثير من أفكارنا والدليل هو أننا ما زلنا نستفيد من خبراتهم وأقوالهم حتى الآن لنتغلب ونحاول أن نصل لحلول لمشاكل موجودة منذ عصورهم.
وربما يكون سبب ما أكتب اليوم هو حالة الخوف التى لاحظتها وسمعتها من الكثير من الناس هذه الأيام بالتحديد وقبل افتتاح المشروع المصرى العالمى الذى يضعنا على خريطة العالم بشكل جديد ملىء بالاحترام والتقدير لشعب قام بمشروع، من المفترض أن ينتهى فى سنين، فى عام واحد فقط.. إنه مشرع قناة السويس الجديدة، وكالعادة بدلاً من أن نفرح ونفخر ونتباهى بأنفسنا وبلدنا ورئيسنا المصرى الوطنى المحترم، نجح الحاقدون فى تسريب إحساس الخوف لكل منا فمنهم من قال إن الافتتاح لن يمر على خير، والمشكلة أنه يقول ذلك دون تفسير أو تعليل أو حتى شرح وجهة نظره ومن أين جاء بهذا الكلام لكنه فقط يريد التشكيك وإفساد الفرحة مثلما عملوا سابقاً حاولوا أن يصدروا للعالم كله أن المشروع فاشل ولن يتم ولكن أراد الله أن يكشفهم أمام العالم كله وأن يتمم المشروع على خير وعلى أكمل وجه وفى وقت قياسى وأمام العالم أجمع.
«خلّونا ننسى الخوف ونصدق إننا جامدين؛ مصر قوية بينا ولينا، مش هتموّتوا فرحتنا ولا الأمل اللى جوانا مهما كان، وكما قال رئيسى: «مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا»... مبروك لمصر وتحيا مصر.