حكاية "إمبراطور الترامادول" الإخوانى
هى حكاية أسطورية، حكاية مجرم، نجح فى استغلال ظروف البلاد، واللعب على جميع الأحبال السياسية، حتى أصبح من أبرز رجالات الإخوان، مع كونه واحداً من أبرز تجار المخدرات. الرجل لم يتورّع عن فعل أى شىء، اشتغل بتجارة المخدرات والسلاح، موّل الجماعة بالذخائر والأسلحة، خاصة فى اعتصام «رابعة»، فضلاً عن تجهيز وجبات يومية للمعتصمين، ارتبط بعلاقات وثيقة بقيادات الجماعة وبشخصيات سياسية مؤثرة. إنها رحلة صعود وهبوط الرجل، الذى صدرت ضده أحكام بالسجن 22 عاماً، نرصدها فى السطور التالية:
اسمه سعد زينهم سعد حسن أبوالغيط، وشهرته «الشيخ الدب»، 37 سنة، من مدينة نبروه بالدقهلية، وحاصل على دبلوم ثانوى تجارى من مدرسة نبروه الثانوية التجارية، أعزب، يعانى سمنة مفرطة، متوسط الطول، أبيض البشرة، ذو لحية خفيفة، معروف عنه كثرة الثرثرة والكذب وحب الفتنة وإطلاق الشائعات منذ صباه، تمكن «أبوالغيط» من تكوين أكبر مافيا للتهريب وجلب «الترامادول» والسلاح والممنوعات، من ألعاب نارية وسجائر مسرطنة وأدوية مغشوشة ومنشطات جنسية رديئة إلى مصر والشرق الأوسط فى خلال فترة زمنية لم تتجاوز سبع سنوات، واستطاع جلب مليارات الأقراص المخدرة، بعلاقاته الوثيقة مع كبار المنتجين والمهربين فى 10 دول على الأقل، مثل الصين والهند والإمارات العربية المتحدة والأردن وليبيا والسودان وتركيا ومالطا وسوريا والعراق، وحقق من ذلك ثروة باهظة تصل إلى ثلاثة مليارات جنيه أموالاً سائلة وأصولاً ثابتة ومنقولة بالقاهرة والإسكندرية والمنصورة ورأس البر ونبروه والبحيرة وعدد من الدول مثل الأردن، التى يمتلك بها، وآخرون من بلدته نبروه، مصنعاً للسجائر المقلدة.
قام بإثبات ملكية هذه الأصول فى الجهات الرسمية بأسماء آخرين من المنتفعين والأعوان غير المشكوك فيهم مع أخذ أوراق ومستندات ثبوتية عليهم، بإشراف عدد من القانونيين المنتفعين، واستطاع ضم الكثير من المسجلين والبلطجية فى عدد من المحافظات، منها الدقهلية والقليوبية والجيزة والقاهرة والإسكندرية وبورسعيد ودمياط والشرقية والفيوم وأسيوط ومرسى مطروح وشمال سيناء، وتطورت مراحل هذه الرحلة الإجرامية إلى عدة محطات، كالتالى:
البداية: من 2005 إلى 2008:
كان فى العشرينات من عمره ولديه رغبه ملحة فى تحقيق الثراء السريع من أى طريق، اعتقاداً منه أن المال الوفير سيحقق له الاحترام المجتمعى المأمول، ساعده فى ذلك طبيعة البيئة المجتمعية بالبلدة التى نشأ بها، التى تشتهر بوجود العديد من الأشخاص من ذوى رؤوس الأموال الكبيرة، أغلبها من أعمال ظاهرية تجارية بالاستيراد والتصدير من دول مختلفة، وهى المرحلة التى بدأ فيها معرفة الطريق إلى التهريب الجمركى لعدد من البضائع والسلع الأصلية والمقلدة مثل قطع غيار الهاتف المحمول والأجهزة الإلكترونية والأقمشة والملابس المستوردة، ثم تطور الأمر ليشمل عمليات التهريب الأدوية المغشوشة والسجائر المسرطنة والألعاب النارية بعد توسّع علاقاته وشركائه ببعض مستخلصى الجمارك فى المنصورة وبورسعيد والإسكندرية ودمياط والعين السخنة، والمعروف عنهم إجادة عمل أساليب التحايل المستندية والإدارية وغيرها بالاتفاق مع آخرين، والتى تمكنهم من التهريب وخروج الحاويات دون كشفها، أو الكشف الصورى لوجود أجهزة الأشعة كثيراً فى حالة عطل، ومن هنا نشأت مافيا التهريب والاتجار فى الممنوعات فى بلدة نبروه، بمعاونة شركاء وعملاء ومنتفعين فى عدد من المدن والقرى المختلفة.
واستطاع المهرّب الشاب عمل ثروة كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة، ورغم هذه الثروة كانت لديه عادة أخذ مبالغ مالية من عدد من معارفه وبلدياته على أساس الشراكة فى التجارة بنسبة يلتزم بسدادها فى بادئ الأمر، وسرعان ما يتحول إلى المماطلة فى رد المبالغ ويخشى الكثيرون من سطوته وعلاقاته بالمسجلين والمجرمين. كانت هذه المرحلة بمثابة الانتشار السريع له فى عدد من المحافظات عن قدرته على التهريب بكميات كبيرة لأى سلعة مستورَدة، وتم تقسيم الأدوار لشركائه والمنتفعين منه فى كيفية أسلوب التعاون منهم المتخصص فى البلطجية، ومنهم رجل العلاقات العامة والأعمال ومجالسة رجال السلطة العامة، ومنهم القانونيون لاتخاذ كل الإجراءات القانونية الاحترازية فى إثبات ملكية الأصول الثابتة من أراضٍ وعقارات بأسماء آخرين من المنتفعين والمحيطين به أو بعض رجال الأعمال غير المشكوك فيهم، خشية المساءلة، وكان يلتقى بهم أحياناً فى أحد المطاعم برأس البر، ومنهم المعاونون فى تسليم وتسلم وبيع البضائع والسلع المهربة.
وتعامل المهرب فى هذه الفترة مع آخرين فى عدة دول، منها الصين والإمارات العربية المتحدة وليبيا، وخلال تلك الفترة ظهر الشاب الثرى أمام المجتمع فى صورة رجل الأعمال المتخصص فى التجارة والاستيراد والتصدير، وقدّم نفسه لرجال السلطة على أنه الشخص القوى بالبلدة الذى لديه القدرة على حل العديد من المشكلات. وبجانب ذلك مارس تهريب الأموال المحلية والأجنبية عبر بعض المطارات، باستخدام عدد من الشباب ذوى الظروف الاجتماعية للسفر لمدة يومين إلى دولة الإمارات العربية بشنطة بها جيوب سرية ومبالغ مالية كبيرة ملفوفة بورق فضى لمنع الكشف بالأشعة، ويعود الشاب ثانى أو ثالث يوم السفر، ليمنحه ألفى جنيه للرحلة الواحدة، ويتم تحويل الأموال للاستفادة من فرق العملة وتحقيق أرباح كبيرة، نتيجة تهريب مئات الملايين من العملات، بمعاونة أحد القانونيين المنتمين إلى تنظيم الإخوان.[FirstQuote]
ومن الأشياء التى اشتهر بها بالبلدة، حبه الشديد للطعام، حيث أصيب بالسمنة المفرطة، وبلغ وزنه 240 كيلوجراماً تقريباً، وأيضاً الثرثرة الكبيرة فى الأحاديث وترويج الشائعات والفتن، ولم يتم ضبط المهرّب فى خلال تلك الفترة فى قضايا من أى نوع، سوى عدد من بلاغات الشيكات دون رصيد وإيصالات الأمانة، لكنه يحب ويهوى المماطلة فى السداد رغم وفرة المال معه، وغادر المهرب مصر إلى عدة دول، وكان يمارس نشاطه من دولة الأردن بمدينة عمان 5 شارع عبدالكريم منصور بدير أغبار، حيث انتقل إلى مرحلة جديدة للنشاط الإجرامى.
الثراء الفاحش: من 2008 حتى 2011:
عقب سفره إلى الخارج واختيار الأردن مقراً اختيارياً له، مع تنقله إلى عدة دول لممارسة نشاطه الإجرامى وعقد الاتفاقيات الخاصة بجلب وتهريب الممنوعات إلى مصر، ومن خلال تردُّده على دول الصين والهند وجبل على بدولة الإمارات العربية المتحدة، استطاع التعاون مع مزيد من القائمين على ممارسة ذات الأنشطة الممنوعة فى تلك الدول من جنسيات مختلفة، وأيضاً مع العديد من شركات النقل البحرى والتوكيلات الملاحية من جنسيات فلسطينية وسورية وأردنية، ومن هنا بدأ باستكمال رحلة الحصول على المال الحرام، بالاتفاق على جلب عقار «الترامادول» من الصين فى بداية الأمر، لكنه اكتشف ضعف إقبال الزبائن فى مصر عليه، لضعف الصناعة أو تركيبة المادة الفعالة بالعقار، ثم لجأ إلى دولة الهند، للاتفاق مع عدد من المصانع غير المرخصة لتوريد «الترامادول» له بجودة أفضل من الصينى بواسطة شخصين سوريى الجنسية أحدهما مراسل لإحدى القنوات الفضائية، والآخر صاحب مطعم هناك.
ونجح فى إدارة تهريب كميات كبيرة من عقار «الترامادول» بطرق متعددة، منها الدروب الصحراوية مع دولة ليبيا، بالتعاون مع المهربين من البدو بعد قيامه بإدخال الحاويات إلى ليبيا من موانئ مختلفة، منها ميناء الخمس بليبيا وأحياناً عن طريق دولة مالطا خط ليبيا البحرى، بمساعدة عدد من عصابات التهريب من الأعراب بليبيا ومصر، أو الموانئ البحرية المصرية بالتحايل المستندى بأوراق الشحنة من الحاويات، وبطرق احترافية يستغل القائمين عليها من معاونيه من بعض مستخلصى الجمارك والمنتفعين، ويقوم المعاونون والشركاء بتسلم الشحنات وتخزينها وبيعها بإشراف مباشر منه، وتوريد المبالغ عن طريق عدة شركات صرافة بنبروه والمنصورة.
أول قضية مخدرات يتم تحريرها ضده تحمل رقم 4954 جنح مركز نبروه لسنة 2009 مخدرات، محررة بمعرفة المقدم عبدالوهاب الراعى مفتش مكافحة المخدرات، وتعد أول مواجهة حقيقية من السلطات المصرية المتخصصة فى مجال مكافحة المخدرات ضد إمبراطور «الترامادول»، حيث تمكنت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرق الدلتا من ضبط عاطلين من مدينة نبروه فى كمين بمدخل نبروه وبحوزتهم 500000 قرص مخدر من عقار «الترامادول»، وأفادت التحريات والمواجهة بأنها جزء من الكميات السابق قيام المهرب المقيم بالأردن بتهريبها داخل البلاد، وقرّرت النيابة حبس المتهمين وضبط وإحضار سعد أبوالغيط وآخر يُدعى محمد شوقى، وتمت إحالة الجميع إلى المحاكمة حضورياً وغيابياً، وأصدرت محكمة جنح المنصورة حكمها حضورياً للأول والثانى بالحبس لمدة سنة وغيابياً للثانى والثالث، حيث كان عقار «الترامادول» فى ذلك الوقت فى جدول قضايا الجنح، وأهمية هذه القضية أنها أول قضية مخدرات رسمية مصرية ضد المهرّب الشهير وأول إلقاء للضوء بشكل قانونى ورسمى لنشاطه الإجرامى. ومن هنا أدرك المهرب الكبير أن أكبر جهاز متخصص لمكافحة المخدرات فى مصر قد رصده، لكن طمع المال الوفير الحرام لم يردعه أو يحول دون الحد من نشاطه، حيث كان العديد من أعوانه والمستفيدين يعطونه المزيد من الاطمئنان بأنها قضية غيابية وضعيفة من الناحية القانونية.[SecondQuote]
القضية الثانية تحمل رقم 1154 جنح قسم شرطة ميناء الإسكندرية لسنة 2010 جلب «الترامادول»، 20 مليون قرص مخدر، والمحررة بمعرفة المقدم عبدالوهاب الراعى، والرائد هانى صلاح، من مكافحة المخدرات وإدارة شرطة وجمارك ميناء الإسكندرية، وتتلخص القضية فى معلومات وتحريات الإدارة باعتزام المهرب الخطير المقيم بالأردن، بمعاونة آخرين بالقطر المصرى، تهريب كميات ضخمة من عقار «الترامادول» داخل مشمول حاوية 40 قدماً واردة من دولة الهند إلى ميناء الإسكندرية، باستخدام أساليب تهريب احترافية مستندية، وبتفتيش الحاوية بمعرفة اللجنة الأمنية الجمركية، تم ضبط كمية ضخمة من العقار، حوالى 20 مليون قرص، وتم ضبط المستخلص الجمركى. وأفادت التحريات بأن تلك الشحنة خاصة بالمهرب الشهير بمعاونة آخر، وحكمت محكمة جنح الإسكندرية غيابياً وحضورياً عليهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
الغرور: من 2011 حتى 2013:
تتميز هذه المرحلة بتنوع أحداثها وتداخلها، نظراً لاشتراك أبعاد سياسية معها، حيث استطاع شخص سياسى شهير، رئيس حزب هارب حالياً خارج البلاد، وممول لتنظيم الإخوان الإرهابى، تربطه به صلة قرابة، إقناعه باستغلال ظروف الانفلات الأمنى والفوضى عقب ثورة يناير، بالعودة إلى مصر، لإنهاء الإجراءات والإشراف على المحامين، لعمل معارضات على الأحكام الغيابية، وبالفعل عاد المهرّب عبر مطار القاهرة، وكان فى استقباله بالمطار هذا الشخص السياسى الشهير وآخرون من أقاربه وأعوانه، فى فبراير 2011، وكان موضوعاً على قوائم ترقب الوصول، وتم ترحيله إلى وزارة الداخلية والأمن العام والإدارة العامة لمكافحة المخدرات لاتخاذ الإجراءات الأمنية المقررة، وعارض المهرب كل الأحكام القضائية الغيابية، وتم إنهاء الإجراءات وإخلاء سبيله، ومن هذا الموقف تبين له صحة رؤية صديقه السياسى الشهير. وكان ذلك دافعاً رئيسياً فى زيادة أواصر الثقة والعلاقة بينهم، التى تطورت إلى شراكة أحياناً، وهو الذى قام بتقديمه وتعريفه لقيادات تنظيم الإخوان الإرهابى، واستمر المهرّب بمزاولة نشاطة الإجرامى بشكل أوسع وكميات ضخمة. ووصل به الأمر إلى تصفية حساباته مع أى شخص، مستغلاً فى ذلك تلك الشبكة من العلاقات والنفوذ المالى الضخم، وتوطدت علاقاته خلال تلك الفترة مع قيادات التنظيم الإرهابى، وحضر معهم عدداً من المناسبات والحفلات بواسطة صديقه السياسى المعروف، واستطاع أيضاً تكوين شبكة مع عدد من المنتفعين والفاسدين، وهى التى ساعدته كثيراً فى تصفية الحسابات مع الكثير من خصومه، من بينها تعمّد إطلاق الشائعات الكاذبة ضد كفاءات نزيهة فى جهاز الشرطة، ومصاهرة عائلته ضباط شرطة وقضاة، وتزايدت بشكل كبير عمليات التهريب التى يقوم بها لجميع الممنوعات، وبدأ بإضافة تهريب السلاح والذخائر أيضاً بصورة تدريجية فى البداية، وامتدت علاقاته لتشمل جزءاً من التكفيريين بسيناء.
ثالث قضية مخدرات تحررت ضده تحمل رقم 1008 جنايات ثانى طنطا، لسنة 2012، واشترك فى واقعتى الضبط والتحريات بها العقيد عبدالوهاب الراعى، والعقيد أحمد عرفات، والمقدم نصر رفقى، من مكافحة المخدرات، وعدد من ضباط مديرية أمن الغربية، بإشراف اللواء مصطفى الباز، وتتلخص فى ضبط مخزن كبير بدائرة القسم يمتلكه شقيقان، بداخله سبعة ملايين قرص مخدر من عقار «الترامادول»، وأسفرت التحريات عن أن مصدر حصول المتهمين على المخدر المذكور المهرب الشهير أبوالغيط، وتولت النيابة العامة التحقيق، وقررت حبس المتهمين وضبط وإحضار المهرّب، ولم يمنعه هذا من استمرار مزاولة المزيد من النشاط الإجرامى، لكن تم التركيز على القاهرة، وتنقل فى الإقامة بين شارع جامعة الدول العربية والزمالك ومدينة نصر، وأصبح تردده على الدقهلية ونبروه بحساب، وأحياناً كان يقيم برأس البر والإسكندرية وبورسعيد، وتوطدت علاقاته بتنظيم الإخوان الإرهابى على مستوى القيادات، وتقابل مع خيرت الشاطر بفيلا بالتجمع الخامس، ومع صعود وتزايد الغضب الشعبى على حكم الإخوان، تزايد فى المقابل قيامه بعمليات التهريب للسلاح والذخيرة، وهنا كانت بداية النهاية، فبعد رصد أجهزة وطنية نشاط المهرب وأعوانه، خاصة مع قيام المهرب الكبير بعد اندلاع ثورة 30 يونيو وعزل «مرسى» بإعداد 2000 وجبة جاهزة يومياً لمعتصمى ميدان رابعة من تنظيم الإخوان من أجود أنواع الطعام مع كميات من «الترامادول» التى يحتاجونها، حيث كان يقوم بذبح 20 عجلاً يومياً ويتولى مجموعة من الطباخين إعداد الطعام بمصنع للمستحضرات الطبية بمدينة بدر، خاص بأحد شركائه، وكان المهرّب وحاشيته يذهبون كثيراً لتسليم الوجبات وسط ترحيب كبير من المعتصمين الذين لقّبوه بالشيخ الدب، وأعلن فى إحدى زياراته قرب إمدادهم بالسلاح.
السقوط:
رصدته أجهزة الأمن بالداخلية فى بداية اعتصام «رابعة» وعزل محمد مرسى من منصبه، حيث تبين من خلال الرصد والمتابعة اليومية أن الشيخ سعد أبوالغيط يتردّد على المعتصمين ومعه سيارات تحمل وجبات 5 نجوم، وجميع أنواع الفاكهة، حيث يحظى إمبراطور «الترامادول» بترحيب كبير عند دخوله ميدان رابعة، وكان المسئول عن دخوله وخروجه هو مصطفى حسن، زوج حفصة ابنة خيرت الشاطر، المحبوس حالياً، وكان ذلك بتعليمات من «الشاطر» نفسه.
بعد دخول «أبوالغيط» تتولى مجموعة من أعضاء «المحظورة» توزيع الوجبات «فايف ستارز» على المعتصمين، ثم يجلس «أبوالغيط» على كنبة كبيرة معدة له خصيصاً بسبب حجمه، يتابع توزيع الوجبات وعلى وجهه علامات الفرح، ثم مكالمة لخيرت الشاطر قبل حبسه، يخبره بأن «كله تمام»، والغريب أنه كان يطلق عليه كلمة «الريس»، بعدها يُخرج «أبوالغيط» من سيارة «مرسيدس» عبوات كبيرة لمخدر «الترامادول» ويعطيها لشخص اسمه «بلال» لتوزيعها على بعض المعتصمين من الباعة الجائلين ومعتادى الإجرام الذين استقطبتهم الجماعة المحظورة بأموالها للاعتصام فى رابعة، وأيضاً كان يتعاطى «الترامادول» أعضاء «التنظيم»، بدليل ضبط الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل فى سجن طرة بـ3 شرائط من «الترامادول» فى أوانى الطعام بعد انصراف أسرته من الزيارة.
الغريب فى الأمر أن أعز أصدقاء الشيخ سعد هو السياسى المزور بحكم محكمة النقض أيمن نور، حيث كان يتردّد إمبراطور «الترامادول» على أيمن نور فى منزله، وسبق أن حضر احتفاله بعيد ميلاده، وهو ما يردده «أبوالغيط» نفسه للمحيطين به. بعد تولى تنظيم الإخوان مقاليد الحكم فى مصر أقنعه «نور» بضرورة الاقتراب من الكبار لحماية مصالحه، واقترح عليه التعرّف على خيرت الشاطر، الرجل الأقوى فى التنظيم الإرهابى، خاصة أن «التنظيم» يتوقع إقصاء الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فى أى وقت من جانب الشعب والجيش، بعد قيام الجماعة بجلب السلاح من الخارج، وكذلك الإفراج على الإرهابيين لتأمين «مرسى» إذا أصبح فى موقع «مبارك».[ThirdQuote]
وبالفعل تقابلا فى فيلا بالتجمع الخامس يملكها أحد قيادات «التنظيم»، ووقتها أعجب خيرت الشاطر بتفكير الذئاب، ووضع حلولاً عديدة لإدخال كونتينرات السلاح من الموانئ المختلفة، التى اعتاد إمبراطور «الترامادول» إغراق البلاد بالسجائر المسرطنة والحبوب المخدرة عن طريقها، وكان ذلك مقابل تسهيل تجارة الشيخ سعد فى «الترامادول». حيث أكد «أبوالغيط» لـ«الشاطر» أن تأثير «الترامادول» ليس ضاراً على المصريين وأنه يحضره للرجال لمساعدتهم فى عملية التواصل الجنسى وعدم فضحهم، على حد قوله. وانتهى اللقاء على وعد بالمساعدة بعد ترتيب الأمور، وروى «أبوالغيط» لـ«الشاطر» كيفية دخول السلاح من الدروب الصحراوية وأنه على استعداد لجلب الأسلحة التى يحددها «التنظيم».
انتهت أسطورة الرجل بالقضية التى تحمل رقم 4706 جنايات ثانى أكتوبر لسنة 2013، التى أظهرت فيها أجهزة وطنية مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات نقطة مضيئة فى تعاون ويقظة المؤسسات المختصة فى حماية البلاد، واشتركت فى الضبط قوات متعددة بقيادة اللواء زكريا الغمرى واللواء محمود فاروق والعقداء علاء خليل وأحمد سكر ووليد السيسى وآخرون، فى كمين سرى وبعد تبادل إطلاق النيران تم ضبط المهرب الكبير وشقيقه وعصابته المكونة من 11 شخصاً تبين إصابة أحدهم، بطريق الواحات - 6 أكتوبر، ومعهم عدد 809 قطع سلاح خرطوش تركية الصنع، و6 سيارات فارهة ومبلغ 144 ألف دولار أمريكى، و92 ألف جنيه مصرى، وفى الوقت ذاته داهمت قوات أخرى المصنع غير المرخص بمدينة بدر مكان إعداد الوجبات للمعتصمين فى رابعة، وتم ضبط أطنان من اللحوم ولوازم التجهيزات، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 3609 جنح قسم شرطة بدر لسنة 2013، وقررت النيابة العامة حبسهم جميعاً وإحالتهم إلى المحاكمة محبوسين، وأثناء تداول جلسات التحقيق والمحاكمة تحدد ميعاد جلسة محاكمته فى قضية مخدرات طنطا، حيث حكمت محكمة جنايات طنطا حضورياً عليه بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً وغرامة 500000 جنيه، وهو أول حكم حبس حضورى واجب النفاذ ضده، وتداولت جلسات قضية السلاح الكبرى بحضور مجموعة من كبار المحامين معه، منهم المحامية هويدا سالم، حيث حكمت محكمة جنايات القاهرة الدائرة الثامنة الجنائية، برئاسة المستشار محمد محمود شكرى وعضوية المستشارين أحمد إبراهيم خليل وهشام عبدالسلام بدوى، على المهرب الكبير بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات، وبراءة شقيقه، والسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات لباقى المتهمين. وبعد الحكم رصدت الأجهزة حدوث ارتباك كبير لأعوانه من المنتفعين، حيث قاموا باستغلال حركة الشرطة السنوية الروتينية وإطلاق شائعات كاذبة وغير صحيحة ضد بعض الكفاءات النزيهة فى جهاز الشرطة التى أسهمت بقوة فى كشف مافيا الإمبراطور، بغرض الثأر والإضرار وتشويش الرأى العام والتغطية على علاقتهم الفعلية بالمهرب الخائن، وتم ذلك بمتابعة ودعم من كبار المنتفعين من أموال المهرب الطائلة، وكانت هذه نهاية إمبراطور «الترامادول» وبداية أخرى للملاحقة القانونية للأموال غير المشروعة له ولأعوانه.