الحوار المصرى الأمريكى ينطلق اليوم وسط توتر وخلافات بين البلدين
يصل وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إلى القاهرة، اليوم، على رأس وفد رفيع المستوى للمشاركة فى انعقاد الحوار الاستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة على مستوى وزراء الخارجية وكبار المسئولين بعد توقف دام لسنوات، وسط توقعات بأن تخيم أجواء التوتر والخلافات فى وجهات النظر على جانب من الحوار بين البلدين؛ خاصة فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان والحريات فى مصر، فضلاً عن عدم الاتفاق التام بين رؤيتى البلدين لمسألة مكافحة الإرهاب.
وكشفت مصادر مطلعة، لـ«الوطن»، عن عدد من أبرز محاور الحوار الاستراتيجى المصرى - الأمريكى المنتظر انطلاقه اليوم ولمدة يوم واحد فى القاهرة بحضور وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى. وأوضحت المصادر أن «كيرى» قد لفت أكثر من مرة بطرق مباشرة وغير مباشرة إلى أن مسائل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمشاركة السياسية سوف تظل من نقاط الخلاف بين القاهرة و«واشنطن»، وهو ما ظهر جلياً فى خطاب «كيرى» لـ«الكونجرس» مؤخراً، إضافة إلى تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان فى مصر الذى انتقد تلك الأوضاع، فضلا عن لقائه أخيراً بنجلى القيادى الإخوانى الدكتور صلاح سلطان قبل أيام قليلة من توجهه إلى القاهرة للمشاركة فى الحوار المزمع.
ومن جانبه، أكد مصدر دبلوماسى مطلع، لـ«الوطن»، أن «القاهرة سوف تؤكد ضرورة توضيح كافة الحقائق الخاصة بالتطورات السياسية الداخلية فى مصر، حيث إن الحوار سوف يتطرق لجميع النقاط بما فيها مسألة الحريات وحقوق الإنسان وتوضيح الصورة للوفد المشارك وإطلاعه على كافة الحقائق وما يجرى فى مصر مؤخراً، دون الاعتماد على تقارير المنظمات الدولية غير الدقيقة ومراكز الأبحاث التى تتبنى وجهات نظر غير حقيقية»، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية وبعض نواب «الكونجرس» يتبنون فى تقاريرهم هذه المعلومات المغلوطة وهو ما يؤدى إلى وجود انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان فى مصر.
وأشارت المصادر، فى تصريحاتها لـ«الوطن»، إلى أن أبرز نقاط الخلاف التى سيتم الحوار حولها تشمل أوضاع حقوق الإنسان والحريات ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى فى مصر، وضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية المصرية بحرية ونزاهة، وقضايا التحول الديمقراطى، وقانون التظاهر، وتوسيع المشاركة السياسية، والموقف من جماعة الإخوان. وبحسب المصادر نفسها، فإن «نقاط الاتفاق تشمل: ضرورة تجاوز الخلافات بين القاهرة وواشنطن فيما يتعلق بقضايا الحريات، وضرورة مراعاة التغيرات التى شهدتها البلدين منذ آخر حوار استراتيجى بينهما فى عام 2009، وتعزيز التعاون مع مصر فى الأزمات الإقليمية وخاصة القضية الفلسطينية والأزمات السورية والليبية واليمنية، وتعزيز التعاون فى مكافحة الإرهاب باعتبار مصر جزءاً رئيسياً من التحالف الدولى ضد تنظيم داعش، وضرورة تعزيز العلاقات الأمنية والعسكرية بين البلدين، والرغبة فى تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية وزيارة الاستثمارات الأمريكية فى مصر.[FirstQuote]
من جانبه، قال السفير كمال عبدالمتعال، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، لـ«الوطن»، إنه «بالرغم من الإشارات السلبية التى بدت مؤخراً ممثلة فى الانتقادات التى وجهتها وزارة الخارجية الأمريكية لأوضاع حقوق الإنسان فى مصر، ولقاء (كيرى) بنجلى أحد قيادات تنظيم الإخوان، إلا أن هناك إشارات إيجابية لا يمكن إغفالها تتمثل فى رفض استضافة وفد إخوانى فى وزارة الخارجية الأمريكية قبل شهر تقريباً، وتسليم المعونات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية إلى مصر، مثل تسليم طائرات الأباتشى والـF16 وزورقين للقوات البحرية، فضلاً عن حضور وزير الخارجية الأمريكى للمؤتمر الاقتصادى فى مارس الماضى فى شرم الشيخ».
وفى الوقت ذاته، اعتبر السفير السيد أمين شلبى، المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية، أن «استئناف الحوار الاستراتيجى مع الولايات المتحدة يعكس دقة المرحلة التى تعيشها المنطقة والعالم، فضلاً عن الظروف التى مرت بها مصر»، مؤكداً أهمية أن تتطرق المباحثات إلى معالجة أى توتر فى العلاقات بعد 30 يونيو؛ حيث زادت المفاهيم غير الدقيقة والقراءة غير المكتملة للإدارة الأمريكية حول حقيقة ما يحدث فى مصر، وبات من الضرورى تصحيح هذه المفاهيم من خلال انعقاد حوار استراتيجى مصرى أمريكى يتطرق لجميع الملفات المشتركة بين البلدين».
وأضاف «شلبى» أن «رؤية كل من البلدين لمفهوم مكافحة الإرهاب سيكون من نقاط الخلاف بين الجانبين، فى ضوء تبنى مصر لرؤية شاملة فى مكافحة الظاهرة؛ حيث تفهم مصر محاربة الإرهاب أن يكون بشكل لا يقتصر على فئة معينة ويجب أن يشمل كل الجماعات المتطرفة، وهذا ما لا تراه الولايات المتحدة فى الوقت الراهن وتركز على محاربة بعض تنظيمات إرهابية بعينها فقط». ولفت السفير «شلبى» إلى أن إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى منطقة الشرق الأوسط، سيكون موضع خلاف خاصة فى ظل التهديد النووى الإسرائيلى فى المنطقة. وتوقع «شلبى» أن الحوار سوف يساهم فى تفهم كل طرف دوافع الآخر فى الوقت الحالى والاطلاع على حقائق ما يجرى فى البلدين، خاصة فى الجانب المصرى، حيث يتم تبادل وجهات النظر والتأكيد على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك فى كافة المجالات وخاصة فى مجال مكافحة الإرهاب.
والتقى وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى فى «واشنطن»، محمد وهناء، نجلى الدكتور صلاح سلطان القيادى الإخوانى والقيادى بما يسمى «تحالف دعم الشرعية»، الداعم للرئيس المعزول محمد مرسى، بوصفهما «ممثلين للمجتمع المدنى المصرى».
وفى بيان صدر، أمس، عن وزارة الخارجية الأمريكية، تلقت «الوطن» نسخة منه، قالت «واشنطن» إن «الوزير الأمريكى التقى محمد سلطان وشقيقته يوم 30 يوليو، حيث أعرب وزير الخارجية الأمريكى عن سعادته لرؤية (سلطان) حر وآمن فى وطنه أمريكا»، وتابع البيان: «لقد ناقشوا تجربة محمد فى مصر، والظروف التى تم فيها اعتقاله، وأهمية التمييز والتفرقة بين المعارضة السلمية والتطرف العنيف فى مجال مكافحة الإرهاب، وجدد الوزير (كيرى) تأكيده التزام الولايات المتحدة بتعزيز احترام حقوق الإنسان وهامش المجتمع المدنى كجزء من الشراكة مع مصر».