- يقول الدكتور حلمى بهجت بدوى فى وصفه لنشأة «عودة الروح» للأديب الكبير توفيق الحكيم: (انصرف فى حين ما إلى قراءة ما كُتب عن قدماء المصريين وعن روحهم العميق، وإذا هو شاعر بمصريته العريقة كيف هى تتمشى فى دمه، وإذا هو محدثك عن هذا الروح فى فخر وإدراك لا فى مجرد زهو ونعرة.. وإذا الأمل الذى كان يدب فى نفسك دبيباً مبهماً فى مستقبل مصر، وفى روح مصر قد تحدد لديك تحديداً كاملاً، لأنك تشاهد النور بعد أن حجبه عنك ستار، وتلمس الحقيقة بعد أن كانت وراء حجاب، وتشعر بما فى روح مصر من عبقرية خاصة)، يقول توفيق الحكيم فى كتابه «التعادلية» عن عودة الروح: (كان من الممكن أن تكون عودة الروح مثلاً مجرد قصة تصور الحياة فى حى السيدة زينب، بين أسرة متواضعة، وتخلق أشخاصاً نابضين بالحياة، يعيشون فى صميم بيئتهم، وفى هذا الكفاية من حيث الفن، لأن خلق الحياة هو عمل فى الفن كافٍ، ولكنى ألزمت نفسى بتفسير خاص للروح المصرية، فلم تنته مهمة القصة عند حد التعبير، والتصوير لبيئة وأشخاص، بل اتخذت موقفاً ينم عن رأى معين).
- (الكل فى واحد) والجوهر باقٍ، وإن كانت قوة أوروبا هى العقل، فقوة مصر هى القلب، فى هذه العبارة تتلخص المقولة الفكرية الحضارية لعودة الروح، يقول المفكر الدكتور لويس عوض فى كتابه «الحرية ونقد الحرية»: (كنا شباب الثلاثينات نقرأ هذا الكلام فى الثلاثينات، فتدمع عيوننا، وتقشعر جلودنا، وترتفع هاماتنا، إذ نتذكر أننا سبط الفراعنة، وورثة كل هذا المجد العظيم.. وتعلمنا من توفيق الحكيم أن نترنم برقية الخلاص التى جاءت وعداً حقاً فى كتاب الموتى، بعودة الروح: انهض، انهض، انهض يا أوزيريس، أنا ولدك حورس، جئت أعيد إليك الحياة، لم يزل لك قلبك الحقيقى، قلبك الماضى)، يقول صلاح الدين ذهنى فى مؤلفه «مصر بين الاحتلال والثورة»: (التاريخ التقريرى للثورة لا يكشف شيئاً، كلمة واحدة تكشف كل شىء، الروح المصرية، الروح الكامنة، لا يمكن بغير ذلك تعليل ثورة شعب كامل فى يوم وليلة، الأسباب التى يذكرها المؤرخون دائماً: التذمر، الضيق المالى، الرخاء أحياناً، حدوث أثر يمس المجموع، المقدمات والأسباب البعيدة والقريبة.. كل هذه التعليلات لا تكفى.. لندع المؤرخين، إذن. لنولِّ وجوهنا شطر المعجزة الأولى، لنتأملها، هذه الأهرام، هل عندها الخبر السر لهذه المعجزة الثانية سنة 1919؟)، يعلل صلاح ذهنى الثورة بطبيعة مصر وشخصيتها الحضارية يقول: (لن تجد فى العالم قوماً أشعلوا ثورة، دون أن تكون أهدافها مباعث حقدهم ومصادر ظلمهم، ولن تجد إنساناً عرّض صدره للرصاص غير آمل فى نفع مادى، وإن من بعيد، غير هذا الفلاح الذى دخل الثورة وراء المعبود، ونسى كل آلامه، لكى يساهم من جديد فى ألم أكبر، بالروح نفسها، روح الجماعة والمشاركة)، ففى عرف «ذهنى» أن توفيق الحكيم قد: كشف الستار عن نفسية هذا الشعب العجيب، فقد خرجت الثورة من تلك الطبيعة الثابتة، الكامنة فى أعماق المصريين، من ذلك الإحساس الجماعى: «الكل فى واحد»، هو القلب، والكل وراء واحد هو المعبود، وعلم القلب هو الذى أوحى للمصريين بالثورة، ومنه خرج الزعيم، وسبيل الاستقلال هو: تحريك الروح المصرية.
- إن عودة الروح هى حلم بنهوض مصر من جديد، وبهذا المعنى يصف لويس عوض استيعاب جيله، فى الثلاثينات، لمقولة عودة الروح: (كانت نبوءة بشىء آتٍ، لا بشرى بشىء لاح للعيون.. فقد علمتنا قداسة الجهاد، ومرارة الجلاد، وخيبة الآمال.. إن خير ما فى الكلام الرمز إلى كان، وكائن، وسيكون ما دام فى مصر قلب ينبض)، إنها رؤية مصر كقضية حضارية، يصف فتحى رضوان رؤيته لمصر ومستقبلها فيقول: (إن مصر وعاء حضارى)، بمعنى أنها تمثل كياناً حضارياً ذا طابع مستقر على مر العصور، وأن لها دوراً حضارياً.
- المقولة التى تعدنا بها عودة الروح هى ظهور المعبود الذى سيحيى الأمة من رقادها، وكما التف الشعب حول سعد زغلول، سيجتمع حول هذا الزعيم المعبود، أو الرجل المنتظر.
قناة السويس الجديدة، إنها تحريك الروح المصرية، ستكون ما دام فى مصر قلب ينبض.