(قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء).. لعل الإخوان لم يقرأوا هذه الآية الكريمة.. وإن قرأوا فلم يتدبروها.. فهم يصرون على أن الملك لهم وحدهم.. ورّثهم الله الأرض وما عليها.. وهم شعبه المختار فضّلهم على العالمين.
استحضرت هذه الآية الكريمة أثناء مكالمة مع شاب إخوانى اسمه «مصطفى» حدثته لأعرف تحركات التنظيم يوم 30 يونيو لإفساد فرحة المصريين بذكرى «الثورة»، ولكن ما إن ذكرت اسم «السيسى» و«30 يونيو» ثار وغضب كأنه بركان خامد انفجر فى وجهى.. وظل يصرخ قائلاً: «30 يونيو مش ثورة.. ده انقلاب.. وكلكم شركاء فيه.. والإخوان راجعين وهتدفعوا تمنه وأولهم جريدة الوطن والجلاد».
ظل «مصطفى» يتمتم بكلمات لم أفهمها.. فقد قطعت صرخاته مشهداً آخر قفز إلى عقلى فجأة، دارت تفاصيله أمام مكتب الإرشاد بالمقطم، عندما ذهبت لتغطية اجتماع الإخوان مع الدعوة السلفية لإقناع السلفيين بدعم «المعزول» فى انتخابات الإعادة بالماراثون الرئاسى 2012، فمكثت أمام «الباب العالى»، كما كان يسميه «أولياء الإخوان» فى ذلك الوقت، أنتظر «الفرج».
وبعد ساعات خرج «الشاطر» ومعه برهامى وسلفيوه، فمارست عملى الطبيعى وحاولت الحصول على تصريحات من «الشاطر» فامتنع، وظل يصرخ مثل «مصطفى» قائلاً: مش هصرّح لـ«الوطن».. أنا بينى وبين مجدى الجلاد تار لما أشوف هيدفع تمن 4 سنين سجن إزاى؟! فالشاطر يتوهم أن الإعلام السبب وراء سجنه بقضية «العرض العسكرى لطلاب الإخوان بجامعة الأزهر»، وعاد الشاطر إلى السجن بعد ثورة 30 يونيو، لعله يجد «تاره» هناك.
انتبهت مرة أخرى إلى حديثى مع «مصطفى» لأجده ما زال يصرخ، حتى أنهى حديثه بالوعيد والتهديد، فأنا لم أتعجب من غضبه أو عدائه الشديد للصحفيين، فالعداء بين الإخوان والصحفيين له سطور وصفحات، سطرت أوراقه قبل ثورة «25 يناير»، وتفجّر بعد وصول مرسى لـ«الرئاسة» واندلاع ثورة 30 يونيو بعد أن تخطى كونه خلافاً فى الرأى، إلى تهديدات بالاغتيال فى أحيان كثيرة.
فالإخوان يعتبرون الإعلاميين «سحرة فرعون»، هكذا وصفهم محمد بديع، مرشد الإخوان، وهتفت من ورائه قواعد الجماعة، عندما اعتدوا على الصحفيين أثناء تغطية أحداث مليونية «رد الكرامة» التى نظمتها القوى الثورية أمام مكتب الإرشاد فى مارس 2013، للمطالبة برحيل «مرسى»، بعد أن أعد لنا أحدهم كميناً بمحيط «مسجد بلال بن رباح»، الذى كان يحتجز فيها الإخوان المتظاهرين وحولوه إلى «سلخانة تعذيب».
وبمجرد وصولنا إلى هناك، بعد أن وسوس لنا نفر من الإخوان «كذباً»، أن هناك قتلى فى صفوفهم بالمسجد، تجمهر حولنا جموع الإخوان وظلوا يهتفون ضدنا «يا سحرة فرعون» واعتدوا علينا، لأجد نفسى بعدها ملقى داخل إحدى سيارات الإسعاف بعد أن أُصبت بـ«شومة» على رأسى.
وربما يكون كره الإخوان الشديد للصحفيين والإعلام يتلخص فى أن آليات عمل التنظيم تعتمد على السرية، والعمل «تحت الأرض»، بينما الصحافة مهمتها كشف «المستور» والحقيقة، لدرجة أن التنظيم انقلب على بعض صحفييه وأصبحوا من وجهة نظره «سحرة فرعون» أيضاً.
وأشهر تلك الوقائع الأزمة التى اندلعت بين القيادى الإخوانى عصام العريان وعبدالجليل الشرنوبى رئيس التحرير السابق لـ«إخوان أون لاين»، بعد نشر الأخير بياناً رسمياً لـ«التنظيم» بشأن تظاهرات الذكرى الأولى لجمعة الغضب، عنوانه «الشعب المصرى يرفض المشاركة فى جمعة الوقيعة»، ما سبّب أزمة للتنظيم قدم على أثرها «الشرنوبى» استقالته لـ«المرشد».
لذلك عليك كصحفى أن تعلم أنه لن يرضى عنك الإخوان، حتى وإن اتبعت ملتهم، ولكن المعركة فى النهاية دائماً ما تُحسم لصالح «صاحبة الجلالة».. علشان كده بقول لـ«مصطفى»: كان غيرك أشطر».