كانت الابتسامة تتسابق على شفتى وهى تسألنى بحيرة مشوبة بالخجل عن معنى تلك العلامة التى تسبق ذلك الشعار الذى يظهر على شاشة التلفاز منذ أيام، إنها والدتى التى تخجل منذ فترة أن تسأل عن معناها، لقد كان كبرياؤها يمنعها من السؤال، ولكنها قررت أخيراً أن تعرف، المشكلة أنه كيف سأشرح لجيل انبهر بالتلفاز وهو طفل معنى «الهاشتاج»؟!
إنها تلك العلامة التى حين تسبق الكلمة أو الجملة على مواقع التواصل الاجتماعى فإنها تجعلها أسهل فى البحث عنها، والتى يمكنها أن تجمع تعليقات المهتمين بنفس الموضوع فى ذلك العالم المترامى الأطراف الذى يدعى مواقع التواصل الاجتماعى، أقسم أننى بذلت مجهوداً كبيراً فى شرح معناها، ولكننى متأكد أن الفكرة لم تصل إليها كاملة بعد!
على كل حال ليست العلامة فى حد ذاتها هى موضوع حديثنا اليوم، وإنما ذلك الشعار الذى أطلقته القنوات الفضائية لتجمع فيه صيحات الفرح التى تنطلق من حناجر المصريين جميعاً فى هاشتاج واحد، والواقع أن الشعار يحمل أمرين فى منتهى الأهمية، يحملان بين طياتهما الكثير مما يجب أن يقال.
الأمر الأول هو أن الإعلام قد بدأ فى مخاطبة الفئة الأكثر تأثيراً والأكثر حماساً بين جمهوره بلغتهم التى ابتدعوها بل وبرعوا فى تطويرها يوماً بعد الآخر، وهو أمر جيد بكل تأكيد، فالشعار المكتوب على شاشات التلفاز يشى بأن فكراً جديداً بدأ فى غزو الشاشات، ويشى بنظرة متفتحة للأمور، فالجيل المقبل من الشباب لا يعرف تقريباً سوى هذه اللغة التى تنتمى إلى العالم الافتراضى فى مواقع التواصل الاجتماعى أكثر من انتمائها إلى أرض الواقع، إننى سعيد بهذا حقاً.
والأمر الثانى هو معنى الشعار نفسه، نعم إن مصر تفرح حتى فى ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التى تضرب أبناءها، تفرح حتى وذيول الإرهاب الأسود التى تبرز كل يوم وآخر لتهدم وتكسر وتدمر وتقتل، تفرح حتى وظلال الخطر الخارجى الذى يتربص بنا تزداد، نفرح حتى ونحن لا نمتلك من مقومات الفرحة إلا إرادتنا، نفرح..!
ولم لا؟ وقد أردنا ففعلنا، ونوينا فبدأنا بل وانتهينا، وهو ما كان غريباً بالفعل فى نظر الكثيرين ولكننا أخيراً نجحنا!
لقد كان الكثيرون -وأنا منهم- قد فقدوا الأمل فى أن ننجح فى شىء، إنه ذلك الشعور الكريه الذى تشعر به حين تصيبك إحباطات متتالية، إنه الخوف من تكرار الفشل، التابو الذى تخلقه أوهامك، والذى استطعنا أن نكسره هذه المرة بسواعدنا.
الطريف أن مبالغ طائلة يتم إنفاقها وجهود خارقة يتم بذلها لمحاولة إفساد تلك الفرحة التى نتوق إليها، فالتشكيك فى جدوى القناة الجديدة بات متكرراً، ومحاولات النفوس المريضة فى كسر الفرحة فى عيون البسطاء وصلت إلى مراحل غير مسبوقة، كان آخرها من يدعى أن صور القناة الجديدة مزيفة من الأساس!!
لقد أصبح الأمر مثيراً للسخرية أكثر بكثير لدىَّ من إثارته للقلق، أولاً لأن محاولاتهم لإفساد الفرحة أصبحت تتخذ مسارات عجيبة، وذرائع تثير الضحك، ومبررات لا يصدقها عقل طفل صغير!
والأمر الثانى هو عدم اكتراثى بكل ما يدعونه من قصور فى مشروع القناة الجديدة، ففرحتى والمصريين ليست بسبب العوائد المنتظرة من القناة، ولا بسبب الأهمية الاستراتيجية لها، إنها فرحة تحقيق الحلم ونجاح الإرادة، إنها فرحة النصر الذى يتكرر على نفس الرمال التى شهدت ملحمة أكتوبر من قبل، إنها فرحة أننا أردنا ففعلنا.
عزيزى الذى لا يريد لنا أن نفرح، لا أريد أن أكون سخيفاً، ولكننى أريد أن أبلغك بأننى سأفرح مهما حاولت أن تشكك فى الإنجاز، ومهما عصرت قريحتك وبحثت فى مكتبتك أو بين خبرائك الذين يدعون أن أموال المصريين قد أكلتها الرمال، ومهما ألقيت سهام كراهيتك فى وجهى فقد قررت أن أفرح، وسأفرح رغم أنفك، لأن مصر تستحق أن تفرح.