"وحفرنا تاني القناة".. مصر بتفرح
"لفت صديقنا المسيو فرديناند ديلسبس نظرنا إلى الفوائد التي تعود على مصر من ربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر بإنشاء طريق للملاحة صالح لمرور السفن الكبرى.. وأوضح لنا أن في الإمكان تأسيس شركة لهذا الغرض تؤلف من أصحاب رؤوس الأموال من شتى الأمم"، كلمات جاءت في فرمان الامتياز الأول لشركة قناة السويس الذي أصدره الخديوي محمد سعيد باشا في 30 نوفمبر عام 1854، لتبدأ رحلة طويلة رأى فيها المصريون البلاء قبل أن يبصروا الأمل، وارتوت القناة بدمائهم قبل أن تكون شاهدة على تاريخها، ثم كانت سببًا في ديون طائلة على مصر تسبب فيها حفل افتتاحها، قبل أن يستغلها مستعمر أجنبي في احتلال البلاد لأكثر من 70 عامًا.
"لقد ذهب بعيدًا.. لقد فقد صوابه ولا بد أن نعيده إليه"، ربما كانت تلك الكلمات التي عبَّرت عن غضب رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن حينما سمع بتأميم مصر لقناتها، أكبر دليل على أهمية تلك القناة بالنسبة لكل دول العالم، ولا أقل من أن يخوض أبناء هذا الوطن حربًا طاحنة من أجل الدفاع عن قرار بعودتها، قبل أن تمتد يد احتلال آخر عليها فتشل حركتها، فيهب أبطال أشاوسة آخرون ليعبروا المستحيل ويعيدوا الحياة لها، وفي الأخير يأتي أمل جديد محملًا بالبشرى للمصريين بقدوم عهدٍ من الرخاء وصلاح الحال، ويحمل ذات الاسم "قناة السويس الجديدة".
"الوطن" تعرض في ملفٍ خاص، ملامح 150 عامًا من النضال، رسخت معاناة آلاف المصريين الذين لاقوا أصعب ألوان التعذيب أثناء تسخيرهم لحفر القناة، ثم غاصت في كواليس قرار اهتزت له الدنيا اتخذه الرئيس جمال عبد الناصر من المنشية بتأميمها عام 1956، ثم رصدت عهدا آخر من النماء بعد إعادة افتتاحها عام 1975 عقب تطهيرها من الاحتلال الإسرائيلي، وفي الأخير نقلت فرحة المصريين بأمل يحمل ذات الاسم، "قناة السويس الجديدة".