أجدنى فى حاجة إلى الكتابة من جديد عن موضوع أمناء الشرطة بعد المعلومات التى تطوع الإعلامى أحمد موسى بإفشائها حول المرتبات التى يحصلون عليها. فى البداية يحق لنا أن نصف المعلومات التى أذاعها «موسى» بـ«الانفراد»، لأن غيره لم يستطع الوصول إليها، لذلك فهو يستحق التحية على علاقاته الوطيدة بمصادره فى وزارة الداخلية الذين حصل منهم على هذه المعلومات. لقد وصف المعلومات التى شنفت آذاننا بـ«المتداولة»، وذلك هو التواضع بعينه، لأن أكثرنا لم يكن يعلمها قبل أن يحصل عليها «موسى» من مصادره الخاصة. ذكر الإعلامى أن مرتبات أمين شرطة ممتاز أول ارتفعت من 5712 إلى 7872 جنيهاً، وأمين ممتاز ثان من 4512 جنيهاً إلى 6312 جنيهاً، وأمين ممتاز ثالث من 3552 جنيهاً إلى 4992 جنيهاً. المعلومات التى أثارها أحمد موسى ألهبت خيال الكثيرين حول حجم المرتبات التى يحصل عليها ضباط الداخلية، كما أوجعت الأكثرين ممن يحصلون على مرتبات متدنية من الدولة، ثم أوقعهم الحظ العاثر، بعد ذلك، فى شرك قانون الخدمة المدنية الذى تخطط عدة نقابات لتنظيم مليونية يوم 12 أغسطس للتعبير عن رفضهم له. فريق «الكثيرين» الذى التهب خياله لم يأخذ فى الاعتبار المخاطر الجمة التى يواجهها رجال الشرطة فى حماية الدولة المصرية، وربما اشتط الخيال ببعضهم أكثر فأوغل فى التفكير فى حجم المخاطر التى يواجهها فى عمله، هذا النمط من التفكير يبدو طبيعياً، إذا أخذنا فى الاعتبار أن حب الإنسان لذاته يفوق ما عداه من أنواع الحب، ومن المعلوم أن «مراية الحب عميا». أما فريق «الأكثرين» فلم يفرق بين بعض البنود التى تصب فى اتجاه الإصلاح الإدارى فى قانون الخدمة المدنية، والبنود الأخرى التى قد يضار منها، أو لا يطمئن إلى عدالة تطبيقها، ويحتج هذا الفريق باستمرار بالقرارات الاستثنائية التى صدرت لتعفى بعض الجهات مثل مجلس الوزراء والرئاسة من بعض البنود التى يشتمل عليها القانون. قد يكون لديهم حق فى ذلك، لأن فكرة «الاستثناء» تتناقض بصورة صارخة مع فكرة «الإصلاح». أمناء الشرطة يريدون الحصول على بعض البدلات التى يحصل عليها ضباط الشرطة، الأمر الذى ألجأهم إلى التظاهر والاعتصام، وقد تساءل بعض الخبثاء: هل حصل هؤلاء على تصريح بالتظاهر طبقاً لقانون تنظيم التظاهر؟السؤال غير واقعى لأن مصدر التصريح هو الداخلية، وأمناء الشرطة يعملون فى الداخلية، وبالتالى فلا حاجة تدعو أحد أفراد البيت إلى أن يستأذن للدخول على أهل بيته! أيضاً تعجب آخرون من أمر «الأمناء» الذين يرفعون مطالب فئوية، فى وقت سبق أن نصح فيه الرئيس بضرورة الكف عن مثل هذه المطالب، لأن اقتصاد البلاد يعانى من عجز واضح فى موازنته، وليس من المعقول أن يأكل أمناء الشرطة مصر، لأنهم من ضمن المسئولين عن فض أى تظاهرات أخرى ترفع مطالب فئوية وينخرط فيها من يريدون أكل مصر، كيف يفعلون ذلك ونصيبهم من المرتبات يشهد على أنهم يأكلون أكثر من غيرهم، كما أكد الإعلامى أحمد موسى، وتقديرى أن هذا الكلام يتمتع بقدر كبير من «الدسم»!