أحزاب «البيزنس» تتصارع على مرشحى «الوطنى»: «فلوسنا وخبراتكم»
أحزاب «البيزنس» تتصارع على مرشحى «الوطنى»: «فلوسنا وخبراتكم»
أحمد عز فى إحدى جلسات مجلس الشعب السابقة «صورة أرشيفية»
تصاعدت حدة الصراعات بين الأحزاب التى يُسيطر عليها رجال الأعمال، والتسابق فيما بينهم للحصول على أكبر عدد من نواب الحزب الوطنى المنحل السابقين، وإقناعهم بالتوقيع على استمارات العضوية لأحزابهم، لما يملكونه من عصبية وقبلية وخبرات تمكنهم من خوض المعركة الانتخابية واقتناص المقاعد البرلمانية، مقابل مبالغ مالية كبيرة تحت مُسمى تكاليف الدعاية الانتخابية تتحملها هذه الأحزاب، التى تبدأ بـ300 ألف جنيه وتتجاوز المليون جنيه، حسب قدرة كل حزب.
نواب «المنحل» رصدوا الملايين للدعاية.. وأبرزهم «شاهيناز النجار وفتحى سرور والقواس»
«المصريين الأحرار - الشعب الجمهورى - المحافظين - تيار الاستقلال»، أحزاب تُصنف فى عالم السياسة بأنها أحزاب رجال البيزنس، التى تنفق بشراهة على النواب السابقين لشرائهم وليكونوا على «ذمتهم» ويخوضوا الانتخابات بأسماء تلك الأحزاب، كذلك مع اقتراب بدء العملية الانتخابية، بدأ كثير من نواب الوطنى السابقين الذين يتمتعون بباع طويل من الخبرة النيابية، الاستعداد لهذه المعركة ببدء حملاتهم الدعائية.
ورصدت «الوطن» مظاهر الدعاية الانتخابية لحملات مرشحى نواب الحزب الوطنى خلال عودتهم للمشهد السياسى وخوض انتخابات النواب المقبلة، وجاء أبرز هؤلاء من نواب الوطنى السابقين، رجل الأعمال هانى سرور، نائب الحزب الوطنى عن دائرة الأزبكية، مترشحاً على مقعد المستقلين بدائرة الظاهر، الذى بدأ حملته الانتخابية من خلال توزيع مئات الشنط التموينية على أهالى الدائرة، فضلاً عن تخصيص مبالغ مادية ثابتة فى شكل مرتبات شهرية تصل إلى500 جنيه لكل أسرة، ومن 3 إلى 10 آلاف لكل شاب يرغب فى العمل ضمن حملته الانتخابية، هذا غير كفالة عينية لكل أسرة تقدر بـ100 جنيه كل 15 يوماً.
سعر المرشح يبدأ بـ500 ألف جنيه.. وأحد الأحزاب يعرض 2 مليون لدعم نقيب الموسيقيين السابق
ويأتى أبرز نواب «الوطنى» السابقين ضمن قائمة مرشحى المجلس المقبل، مجدى محمود إبراهيم، عن دائرة الظاهر، طلعت القواس عن دائرة عابدين، داكر عبدالله عن دائرة الجمالية، حيدر بغدادى عن دائرة المنشية، هانى مرجان عن دائرة المنشية، إيهاب العمدة عن دائرة الزاوية، شريف عبدالعزيز عن دائرة العباسية، نبيل بولس عن دائرة باب الشعرية، الذى يقوم بتوزيع عدد من مستحضرات الدواء على المرضى من الناخبين مثل حقن «الأنسولين» لمرضى السكر.
كما تأتى شاهيناز النجار، زوجة رجل الأعمال أحمد عز، أمين الحزب الوطنى المنحل، على رأس قوائم مرشحى الوطنى لتحتل نصيب الأسد من حجم الدعاية الانتخابية المرصودة بدائرة المنيل ومصر القديمة، التى يشير ناخبوها إلى تحركات سيدة الأعمال منذ الانتخابات البرلمانية السابقة وقبل تأجيلها، من خلال رصد ملايين الجنيهات لدعايتها الانتخابية، التى تمثلت فى توزيع العديد من الأجهزة الكهربائية والمنزلية، مثل الغسالات والثلاجات، كما أنها بدأت توزيع عدد كبير من أجهزة التكييفات، خاصة فى ظل الموجة الحارة التى تشهدها البلاد، هذا غير مساعدتها فى إعداد جهاز العرائس للشباب المقبلين على الزواج.
وقال طارق زيدان، رئيس حزب الثورة المصرية ومتحدث ائتلاف «نداء مصر»، إن بورصة شراء النواب ما زالت مستمرة وتسيطر على المشهد الانتخابى الحالى، مشيراً إلى عمليات شراء النواب التى تجرى بين الأحزاب والتى تصل إلى صفقات بملايين الجنيهات، فى إشارة منه إلى تيار الاستقلال الذى يخصص 300 ألف جنيه لشراء نواب الحزب الوطنى أصحاب العصبيات ممن لهم شعبية كبيرة فى دوائرهم، مضيفاً أنه يخصص مبالغ مادية طائلة أيضاً لإخراج بعض الأعضاء وانسحابهم من قوائمهم الانتخابية مقابل الانضمام لهم، مشيراً إلى ما قام به «الفضالى» من عرض 300 ألف جنيه على أحد أعضاء الائتلاف لإخراجه من «نداء مصر» وضمه للتيار.
وأضاف «زيدان» لـ«الوطن»، أن حزب المصريين الأحرار يدفع للمرشح مليون جنيه مقابل النزول على قوائمه، لافتاً إلى أن الحزب عرض على المطرب مصطفى كامل، نقيب الموسيقيين السابق، 2 مليون جنيه لضمه لقوائم مرشحى الحزب.
كما كشف أيضاً عن تحالف أهل النيل، بقيادة الفريق حسام خيرالله، الذى يدخل فى قائمة «بيزنس الانتخابات»، مؤكداً أنه يطلب من النواب مبالغ مادية كبيرة قد تصل إلى مليون جنيه مقابل نزولهم على قوائم التحالف، مضيفاً أن حزب الوفد أيضاً يطلب من المرشحين دفع 10 آلاف جنيه مقابل تقديم أوراق ترشحهم للحزب فقط، على أن يتم بعدها دراسة قبول أوراقهم من عدمه، لافتاً إلى أن قائمة «فى حب مصر» شهدت أكبر عمليات صفقات شراء المرشحين، خاصة من رجال الأعمال ونواب الوطنى السابقين الذين دفعوا ملايين الجنيهات مقابل انضمامهم للقائمة، حيث ظهرت تلك الأموال فى حجم الإعلانات الضخمة التى خصصت للقائمة.
وكشف أحمد كشك، عضو بجبهة إنقاذ حزب المصريين الأحرار، عن قيام الحزب بالاتفاق مع عدد كبير من نواب الحزب الوطنى على رأسهم حيدر بغدادى، هانى سرور ومحمد زكى بدر، نجل وزير الداخلية الأسبق، مقابل مبالغ مادية صرفت من ميزانية الحزب فى إطار صفقة شراء المرشحين التى تراوحت بين مليون و2 مليون لكل مرشح تصرف على دفعات، بحيث تصل الدفعة الأولى إلى 400 ألف جنيه وباقى المبلغ يصرف فى الدفعة الثانية، إلا أن تأجيل الانتخابات أدى إلى تأخير صرف الدفعة الثانية، الأمر الذى يفسر سبب عدم مناقشة ميزانية الحزب فى مؤتمره العام الذى عقد منذ شهرين.
وأضاف أنه تم الاتفاق أيضاً مع محمد أبوحامد، البرلمانى السابق، لخوض الانتخابات على قوائم الحزب مقابل حصوله على ٣ ملايين جنيه، إضافة إلى عدد كبير من نواب الوطنى بالمحافظات، مثل صفى الدين دراج وسامى صقر بمحافظة كفر الشيخ، معتز عاشور، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل، الأمر الذى أدى إلى استبدال كثير من أعضاء الحزب بنواب الوطنى بعد استقالة العديد نتيجة رفضهم السياسات الأخيرة وطرد بعضهم وإغلاق مقرات الحزب ببورسعيد والإسكندرية وكفر الشيخ، بعد تعيين عدد من نواب الوطنى أمناء للمحافظات وتولى مهام السكرتير العام لشئون المحافظات، لتصل نسبة الحزب الوطنى بعد استحواذه على قوائم الحزب إلى ٩٠٪ من مقاعد المصريين الأحرار، ومن أبرز قائمة أسماء نواب الحزب الوطنى الذين من المقرر ترشيحهم على قوائم الحزب: طلعت القواس، عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الموسكى، الذى سبق اتهامه فى موقعة الجمل.
وبحسب مصادر مطلعة داخل الحزب، كشفت أن «القواس» هو من يدير الحزب من خلف الستار، وأنه يتدخل فى كل صغيرة وكبيرة داخله، نظراً لعلاقة الصداقة التى تجمعه بعصام خليل منذ سنوات، هذا غير أحمد نشأت منصور عن دائرة مركز سوهاج، وعلاء مازن عن دائرة بندر سوهاج، وهاشم محمد هاشم، وهمام العادلى، بدائرة المراغة، ومحمد عبدالرؤوف الضبع بدائرة جهينة، وعفيفى الشريف لدائرة مركز ساقلتة، ومصطفى سالم عن دائرة مركز طهطا، وأحمد خلف أبودومة بدائرة مركز طما، ورأفت أبوالخير بدائرة مركز البلينا، وهرقل وفقى دائرة مركز جرجا، وأحمد إسماعيل أبوكريشة، ومحمد الجبالى، عن دائرة المنشأة، وطارق رضوان، دائرة دار السلام، إضافة للمرشحين على مقعد دائرة مراكز سوهاج، وجرجا، وطما، والبلينا، وجهينة هم من أبناء الوطنى المنحل، وهو ما أثار سخط الكثيرين من أبناء الحزب بالمحافظة، وعصام غالى أمين المهنيين بالحزب «الوطنى المنحل» وعضو مجلس محلى المحافظة عن دائرة ثان شبرا الخيمة، واطف النمكى عضو مجلس الشعب السابق عن الحزب «الوطنى المنحل» بدائرة الخصوص «المستحدثة»، وسيد راغب نوارة، عن دائرة قليوب، وائل زكريا، بهجت الصن، وخالد مجاهد، محمد ياسين، من مرشحى الحزب بقائمة فى حب مصر.
وعن محافظة قنا استقر الحزب على الدفع بـ«هشام الشعينى» البرلمانى السابق عن الحزب الوطنى، ووفاء رشاد خلف الله كمرشحة للمرأة، وأحمد شاهين وفتحى قنديل، ومبارك أبوالحجاج، وعبدالفتاح دنقل.
من جانبه أكد ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل، أن النواب السابقين المنتمين لـ«الوطنى المنحل»، والمرشحين المحتملين للانتخابات البرلمانية المقبلة، هم الآن بمثابة «فرخة بكشك»، وأحزاب رجال الأعمال يخطبون ودهم، لموافقتهم على أن يترشحوا على قوائمهم بأسماء أحزابهم.
وقال «الشهابى» إن الأحزاب «الغنية» تقدم إغراءات مادية لهؤلاء المرشحين وتحمل تكاليف الدعاية الانتخابية مهما بلغ ثمنها، نظير كتابتهم استمارة عضويتهم بالحزب، مضيفاً: «أصحاب البيزنس يلجأون لنواب الوطنى السابقين لما يمتلكونه من عزوة وحظوة وعصبية وقبلية تدعم فرص نجاحهم فى الانتخابات، خاصة أن لديهم خبرة فى إدارة المعركة الانتخابية وعلاقتهم بالجماهير لم تنقطع طوال السنوات الماضية، ويعرفون بحق كيف يكون النائب خدمياً بالدرجة الأولى».
وأضاف أن نحو 80% من نواب «المنحل» السابقين، قرروا خوض الانتخابات كـ«مستقلين» ورفضوا الانتماء لأى حزب سياسى، لا سيما أن هؤلاء كانوا طول عمرهم فى حضن السلطة ويخشون الانتماء لأى حزب يتم رفضه من النظام فيما بعد، ومن ثم يتحملون هم تبعات ذلك بما يؤثر بالسلب عليهم فى دوائرهم.
«الشهابى»: الأغنياء يقدمون إغراءات مالية للمرشحين ويتحملون تكاليف الدعاية
ولفت إلى أن 20% من النواب الآخرين، قرروا الاستجابة لإغراءات الأحزاب التى تمتلك تمويلاً عالياً مثل أحزاب «المصريين الأحرار، والشعب الجمهورى، وتيار الاستقلال، والمحافظين»، لا سيما أن هذه الأحزاب رصدت مبالغ تبدأ من 300 ألف جنيه وقد تصل إلى المليون ونصف المليون جنيه، تحت بند مصاريف دعاية انتخابية.
وقال «الشهابى» إن الفترة المقبلة قد تشهد هروب المرشحين من حزب الوفد، خاصة أنه أصبح حزباً فقيراً بجوار أحزاب «الحيتان» فضلاً عن نزاعاته الداخلية التى تُدمر أرضية أى مرشح فى الانتخابات.
وقال محمود نفادى، وكيل مؤسسى حزب «إحنا الشعب»، إنه فى عهد «مبارك» كان كثير من المرشحين يقدمون تبرعات لـ«الوطنى المنحل» باعتباره الحزب الحاكم ومن ثم فرص حصولهم على مقعد بالبرلمان كانت شبه مؤكدة، ولكن حالياً لا يوجد «حزب حاكم»، ولكن مجموعة أحزاب تتصارع فيما بينها، يملكون المال ولكن لا يستطيعون ضمان النجاح لقوائمهم، ومن ثم تسعى هذه الأحزاب من بينها «المصريين الأحرار»، الذى يملكه نجيب ساويرس، والشعب الجمهورى، للحصول على ولاء نواب الوطنى السابقين، ويتولون جميع تكاليف الدعايات الانتخابية لهم، خاصة أن هؤلاء النواب يتمتعون بعصبية فى دوائرهم وشعبيتهم كبيرة وبالتالى هذه الأحزاب تستفيد من أسمائهم.
وأضاف «نفادى» أن أسعار مرشحى نواب الوطنى السابقين، التى تأتى تحت بند «تكاليف الدعاية الانتخابية»، تتفاوت حسب قدرة الأحزاب المادية، الأحزاب الكبيرة تبدأ أسعارها بـ500 ألف جنيه للمرشح، والأحزاب الصغيرة تبدأ بـ200 ألف جنيه للمرشح.