الأساتذة: توصيات «لجنة تطوير كليات العلوم».. «مجرد كلام فى الهوا»
الأساتذة: توصيات «لجنة تطوير كليات العلوم».. «مجرد كلام فى الهوا»
عبد الخالق
أثارت توصيات لجنة التخطيط بالمجلس الأعلى للجامعات لتطوير كليات العلوم، التى نشرتها «الوطن» أمس، وتضم الدراسات العليا والبحوث والتعليم والطلاب وخدمة المجتمع، جدلاً واسعاً بين أعضاء هيئات التدريس.
قالت الدكتورة ليلى سويف، الأستاذ بكلية العلوم بجامعة القاهرة، إن التوصيات التى أصدرتها لجنة التخطيط، التابعة للجنة قطاع العلوم الأساسية بالمجلس الأعلى للجامعات، ما هى إلا «كلام فى الهواء» وليست واقعية، خاصة فى ظل انتشار الفساد فى كل المؤسسات، مشيرة إلى أنه لم يتم عمل دراسة حالة حقيقية حول الوضع الراهن بكليات العلوم، مضيفة أن مشكلات كليات العلوم تختلف من واحدة لأخرى، وأن هناك فرقاً بين الكليات القديمة مثل «علوم القاهرة» وغيرها من الكليات الحديثة، ولم يتم أخذ ذلك فى الاعتبار عند كتابة التوصيات.
وفيما يتعلق بتعيين المعيدين وأعضاء هيئة التدريس، أكدت «سويف» أنه ليس هناك جديد فيما يتعلق بتعيين المعيدين من خلال المنافسة، خاصة أنه يتم عقد اختبارات لهم والحاصل على درجات أعلى يتم تعيينه، أما فيما يتعلق بتعيين أعضاء الهيئة الحاصلين على درجة الدكتوراه بالإعلان وطبقاً للتخصص المطلوب وبمعايير واضحة فالتعيين من خلال الإعلان «يفتح الباب للوساطة والمحسوبية».
«سويف»: التعيين بالإعلان يفتح باب «الواسطة والمحسوبية».. و«الحسينى»: هناك فجوة كبيرة بين تحديد المشكلات ومقترحات التطوير
من جانبه، قال محمد جمال عبدالمغنى، مدرس مساعد بكلية العلوم بجامعة القاهرة، إن التوصيات بمقترحاتها «أشبه بمن يدس السم فى العسل»، لافتاً إلى أن أخطر جزئية فى المقترحات تتمثل فى تعيين المعيدين من خلال التعاقد السنوى، مما يفقدهم الإحساس بالأمان، واصفاً إياه بأنه «الأمر الأسوأ» الذى يقضى على الشفافية. وأضاف «عبدالمغنى»، لـ«الوطن»، أن تعيين المعيدين يتم حالياً من خلال الأخذ بالترتيب الأعلى، أو الإعلان على مستوى جامعات مصر، مشيراً إلى أنه الأفضل بالنسبة لمصر، خاصة أن طلاب كليات العلوم مستمرون فى الامتحانات والتقييم طوال العام، كالذى يدور فى الساقية، وبالتالى اختيار المعيدين من خلال الأعلى فى تحصيل الدرجات على مدار السنوات الأربع فى صالحهم. أما فيما يتعلق بتعيين أعضاء هيئة التدريس الحاصلين على الدكتوراه من خلال الإعلان فإنه يعيدنا إلى سطوة الأمن بالجامعات كما كان فى عصر مبارك.
وشدد على ضرورة وجود توجه عام للدولة نحو زيادة الميزانية المخصصة للبحث العلمى، بدلاً من الاعتماد على مساهمة رجال الأعمال والشركات الكبرى المستثمرة فى مجالات الصناعة الكيمائية والدوائية. وأوضح أن رفع شعار «الدراسات العليا للمتميزين والمبدعين فقط» مطاطى، خاصة بعد تعميم التوصيات على جميع كليات العلوم بالجامعات، مشيراً إلى أن كلية العلوم بجامعة القاهرة تشترط على الباحث ضرورة وجود محكم خارجى من دولة أوروبية، وكذلك نشر بحث علمى من الرسالة فى مجلة عالمية أو محلية لضمان جودة الرسائل، لافتاً إلى أن ذلك يتم تطبيقه فى كلية العلوم بجامعة القاهرة فقط.
«عبدالمغنى»: تعيين الحاصلين على الدكتوراه بالإعلان يعيد سطوة الأمن.. وعميد علوم القاهرة: لدينا كفاءات وتنقصنا الإمكانيات
وأكد «عبدالمغنى» أنه لا بد من توفير البيئة المناسبة للباحث والوقوف على جميع المشكلات التى يواجهها طلاب كليات العلوم ومدرسوها، ومن ثم الخروج بتوصيات، منتقداً تقدم المبعوث بتعهد بالعمل بجامعته مدة لا تقل عن 7 سنوات بعد عودته، مؤكداً أن معظم أعضاء هيئة التدريس سيلتفون حول هذا الأمر لعدم توافر الإمكانيات التى تؤهلهم للبقاء فى معامل غير مؤهلة للأبحاث وعمل التجارب المختلفة، ولفت إلى أن أفضل ما فى التوصيات هو تقنين أعداد قبول الطلاب بكليات العلوم لتتناسب مع الإمكانات المتوافرة ولضمان جودة التعليم والحفاظ على سلامة الطلاب داخل المعامل.
وأوضح الدكتور هانى الحسينى، الأستاذ بكلية العلوم بجامعة القاهرة، أن تقرير التوصيات يتخذ منحى جاداً فى البدء بتحديد المشكلات والظواهر السلبية، ومن ثم اقتراح حلول لتلك المشكلات، لكن التوجه بتصورات عامة لتطوير جميع كليات العلوم من خلال لجان المجلس الأعلى للجامعات ليس توجهاً واقعياً، فكليات العلوم تختلف فى تركيبتها وتتنوع مشكلاتها بشكل كبير.
وتابع: «هناك فجوة كبيرة بين تحديد المشكلات والظواهر السلبية وبين مقترحات التطوير»، لافتاً إلى أن هناك وجهات نظر حول بعض النقاط التى ذكرتها اللجنة على أنها سلبية ومنها «غياب التشريعات التى تسمح بتطبيق القواعد العالمية فى اختيار أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة وتعيينهم بصورة تنافسية، مع تقييم الأداء بصورة دورية وربط الاستمرار فى الوظيفة بالكفاءة».
وأضاف أن اللجنة تجنبت بشكل واضح فى مقترحاتها أى مقترح يُلزم الدولة بالتزامات محددة، وذلك رغم أن المقترح موجه لوزير التعليم العالى والذى يفترض أن يكون ممثل الدولة فى التعامل مع الجامعات، فنجد فى مقترحات سد الفجوة التمويلية فى البحث العلمى تعبيرات من نوع «دعم وزيادة تمويل البحث العلمى وذلك من خلال الاستفادة المثلى من موازنة الدولة والعائد المادى من تطبيق الأبحاث ومساهمة رجال الأعمال والمنظمات الأهلية والتعاون العلمى مع الدول الأخرى والجهات المانحة»، كما يتجاهل التقرير أيضاً مشكلات أساسية تواجه المعيدين والمدرسين المساعدين منها تزايد الأعباء التدريسية والإدارية التى تثقل كاهلهم بدرجة تعطلهم عن الإنجاز البحثى.
وأشار إلى أن هناك بعض الأفكار الجيدة بالتوصيات، إلا أنها فى حاجة لمزيد من الدراسة مثل «إصدار تشريعات تلزم الشركات الكبرى المصرية والأجنبية العاملة بالدولة فى مجالات الصناعات الكيميائية والدوائية والبترولية وتكنولوجيا المعلومات وغيرها بتخصيص ميزانية كنسبة من الدخل للإنفاق على البحث والتطوير، وأيضاً عدم السماح بخروج الخامات الأولية والمعادن من الصحارى المصرية إلى خارج مصر دون تصنيع بل عدم خروجها من إقليم إنتاجها».
وقال: «أخطر المقترحات التى جاء بها التقرير هى وضع نظام جديد لتعيين المعيدين والهيئة المعاونة وهو مقترح يتم الترويج له منذ فترة»، لافتاً إلى أن القانون الحالى لتعيين المعيدين يتم بطريقتين منها الإعلان والتكليف لكنه يحدد معايير التقييم بأن تكون على الترتيب: تقدير التخرج والمجموع التراكمى ومجموع مادة «أو مواد» التخصص، مشيراً إلى أن الجامعات اقتصرت منذ سنوات على التعيين بالتكليف، موضحاً أن الإعلان أفضل من التكليف من حيث المبدأ لولا أن بعض الكليات الإقليمية الضعيفة تعطى لطلابها درجات مبالغ فيها، فيبقى المجموع التراكمى أكثر وسائل المفاضلة موضوعية، أما التعيين بعقد سنوى فهو نظام غير موجود فى أى دولة، فحتى فى الولايات المتحدة الأمريكية يكون التعاقد للمساعدة فى التدريس والبحث سنوياً لكنه يجدد تلقائياً طوال مدة الدراسة فى الدراسات العليا، بينما فى حالة تعيين أعضاء هيئة التدريس بالإعلان وفقاً للتخصصات المطلوبة سيكون من اللازم تحديد هيكل علمى لكل قسم، وهو ما لم يذكره التقرير، مضيفاً: «يفترض نظام التعيين التنافسى أن القائمين على الاختيار يتمتعون بالنزاهة والحياد والقدرة على الحكم الموضوعى، لكن ما تطالب به اللجنة من إلغاء الاعتماد على المجموع التراكمى فى تعيين المعيدين يوضح أن اللجنة تشك فى تمتع غالبية أساتذة كليات العلوم بتلك الصفات».
وأوضح «الحسينى» أن اللجنة تخفف الأعباء عن الدولة وتضعها على كاهل أعضاء هيئة التدريس وشباب الباحثين، فتوصى بأن تتوقف الدولة عن تحمل تكلفة البعثات، وقد يكون الاقتراح وجيهاً لو لم تقتطع تكلفة إنشاء تلك المعامل من مخصصات البعثات.
وتابع: «ستظل هناك مقترحات إيجابية مثل وضع خطة لكل مؤسسة علمية لاستقدام أساتذة زائرين من الجامعات ومراكز البحوث والشركات الصناعية الكبرى بالدول المتقدمة، على أن يكون ذلك لمدة فصل دراسى كامل على الأقل لتدريس مقررات حديثة وتعريف وتدريب أعضاء هيئة التدريس».
وأضاف: «من المقترحات الإيجابية التعامل بمنتهى الحزم مع من يثبت عليه عدم الأمانة الأكاديمية بعقوبة مشددة كما هو متبع فى جامعات الدول المتقدمة»، مشيراً إلى أن توصيات قطاع التعليم والطلاب أفضل ما جاء بالتقرير، وأكد أن توصيات قطاع خدمة المجتمع مكررة مما يتم تداوله منذ عشرات السنين.
وأوضح الدكتور السيد فهيم، عميد كلية العلوم بجامعة القاهرة، أنه تم إرسال التوصيات إلى الأقسام بالكلية لكتابة مقترحاتهم حول التوصيات الخاصة بالتطوير، مشيراً إلى أنه سيتم الانتهاء من كتابة التقارير 12 سبتمبر لإرسالها إلى الجامعة ومن ثم المجلس الأعلى للجامعات.
وأضاف «فهيم»، لـ«الوطن»، أن مصر لن تتقدم إلا بالبحث العلمى، لذا يتم السعى خلال الفترة المقبلة لتطوير كليات العلوم، مشيراً إلى أن لديهم الكفاءات من العلماء والباحثين وينقصهم الإمكانيات فقط، مشيراً إلى أنه فى حال توفير الإمكانيات سيتم إحداث طفرة علمية من خلال الاعتماد على الأبحاث التطبيقية بدلاً من الأكاديمية. وقال الدكتور أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات، إنه سيتم عرض التوصيات على رؤساء الجامعات خلال الاجتماع المقبل للمجلس يوم 15 سبتمبر، مشيراً إلى أن التوصيات ركزت على تطوير كليات العلوم وتجهيزها وكذلك الربط بينها فى مصر وغيرها من كليات العلوم بالجامعات الأوروبية وغيرها من الجامعات العالمية، مؤكداً أن كلية العلوم تعد أهم كلية بالجامعة نظراً لأنها ترفع مستوى الجامعة وتشدها للأمام.
صورة من انفراد «الوطن»
تقرير لجنة التطوير
جانب من توصيات اللجنة