خبر خطير نشرته جريدة «المصرى اليوم» أضعه بين يدى الرئيس عبدالفتاح السيسى. يقول الخبر: «حصل الدكتور السيد عبدالخالق، وزير التعليم العالى، سراً على تفويض من المجلس الأعلى للجامعات، 16 أغسطس الماضى، بإجراء تحويلات ورقية لطلاب الثانوية العامة لأبناء ضباط الشرطة والجيش والهيئات القضائية، بعد استثنائهم من قواعد التوزيع الجغرافى والإقليمى». وقد سارعت جامعة عين شمس، كما أفاد نائب رئيسها، إلى تطبيق هذا الاستثناء بناء على تعليمات السيد الوزير، فى حين رفضت جامعة القاهرة هذا الاستثناء، كما صرح رئيسها الدكتور جابر جاد نصار، وقد قرر الخبر أن التفويض الممنوح للوزير تم بناء على «اعتبارات قومية».
استثناء أبناء ضباط الجيش والشرطة والقضاة من قواعد القبول الإقليمى بالجامعات، خلافاً لما يطبق على أبناء غيرهم أمر يرتبط باعتبارات قومية! كذلك قال الوزير، وبذلك فوّضه أعضاء المجلس الأعلى للجامعات الذى تتمخض عنه كل يوم لجان تزعم أنها تريد إصلاح الجامعات وتطوير التعليم، ويحتار المرء فى تلك العقليات التى لا تدرك التناقض الحاصل بين مفهوم «الإصلاح» ومفهوم «الاستثناء»، يحدث هذا فى حين سبق للوزير ولمجلسه الموقر أن حرم الحاصلين على الثانوية العامة بصعيد مصر من دخول كليتى الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، انطلاقاً بالطبع من أن أبناء الصعيد من «ولاد الإيه» الذين لا تؤثر مصادرة أحلامهم على الأمن القومى.
من حق الوزير أن يتخذ ما يشاء من قرارات، طبقاً لما يرى من اعتبارات، ولا تثريب عليه إذا رضى رئيس الحكومة بذلك، أو قبل رئيس الدولة الذى اختاره الشعب الأمر ولم يجد فيه غضاضة. فقد تكون هناك حكمة لا نعلمها تفرض على المجتمع أن يتقبل تمييز أبناء الضباط والقضاة مما ينطبق على من عداهم، لكننى لا أرى فى هذا النمط من الأداء أى تناغم مع التغيير الذى أصاب المصريين بعد ثورتين قاموا بهما، وكان المحرك الأول لهما هو مواجهة الفساد، لقد قال الرئيس ذات يوم «البلد ماعدش فيه حاجة تتسرق». وتقديرى أن لسان حال الشعب يقول: «لم يعد فى قوس الصبر على الفساد منزع». ولا أستطيع أن أنعت الأداء الذى نتحدث عنه سوى بـ«الفساد»، أو بعبارة أخرى «الفساد لاعتبارات قومية».
لقد كثرت المشكلات التى تأتى من ناحية وزارة التعليم العالى، ومع احترامى الكامل لوزيرها فقد تسبب فى العديد من الأزمات، كان آخرها ما سبق وكتبت عنه حين تفوّه بألفاظ لا تليق مع أحد الأساتذة فى حلقة تليفزيونية جمعته بالإعلامى «وائل الإبراشى»، لكنه أتى أخيراً بالقاصمة! الأمر الآن بين يدى رئيس الجمهورية، وظنى أن تدخله أصبح واجباً، ليس بإلغاء التفويض وفقط، بل بإقالة الوزير الذى أوقع وزارته فى العديد من المشكلات، وعندما سكت من جاءوا به عليه تمادى أكثر، وتجرأ على اتخاذ قرارات تحرج السلطة نفسها، وإذا قوبل هذا الأمر بالصمت فعلينا أن نعلم أن الحاضر والمستقبل فى هذا البلد أصبح لـ«ولاد السلطة».. أما غيرهم فلهم الله.