تتحدث الصحافة الإسرائيلية عن «حل الثلاث دول» وذلك ضمن استراتيجيات تعاملها مع الوضع فى غزة، وترى ضرورة الاعتراف بغزة كدولة «أمر واقع» والتعامل مع حماس كقيادة شرعية لها، ومن ثم التعامل معها على أنها كيان معادٍ يجب منع مده بالغاز والكهرباء وبقية السلع وشن حرب شاملة عليه متى استمرت الصواريخ. وذلك بدلاً من النظر إلى حماس ككيان غير شرعى استولى على السلطة من سلطة أبومازن عام 2007. وترى هذه الاستراتيجية أنه يجب الاستمرار فى التفاوض مع السلطة الفلسطينية فى رام الله بغرض إنشاء دولة فلسطينية بجوار الدولة الإسرائيلية التى يجب أن تكون يهودية خالصة. وترى أن هذا الحل يحقق المصلحة الإسرائيلية لأن أى قذف للصواريخ من القطاع ستتحمل مسئوليته قيادة القطاع بشكل مباشر.
ويروج أنصار هذا الحل أن السبب وراء هذا هو الاعتراف المتزايد بسلطة حماس والدعم المصرى واقتراب العديد من الدول العربية منها، وخاصة فى أعقاب الثورات العربية. ويستخدمون تصريحات للأمير الحسن بن طلال فى مطلع أكتوبر بأن الضفة الغربية تاريخياً جزء من الأردن، ويرون أن هذا يفتح الباب من جديد لضم الضفة للأردن، كما يروجون أن زيارة أمير قطر لغزة وتقديمه الدعم المادى لحماس تعنى دعم حماس كممثل للفلسطينيين بغزة وإضعاف لسلطة أبومازن وإضعاف لحل الدولتين. فى واقع الأمر، الرجل تحدث عن الأوضاع فى غزة كجزء من السياق الكلى للمشكلة الفلسطينية وأكد على ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطينى وتحقيق المصالحة.
مواجهة هذه الخطط لا بد أن تنطلق من واقع المقاومة على الأرض ومن التغيير الذى أحدثته الثورات العربية. فالمقاومة العسكرية تغير موازين القوة العسكرية تدريجياً، ويجب أن تقوم مصر ومعها تركيا وإيران وبقية الحكومات العربية الرئيسية بدعم المقاومة والعمل على تغيير ميزان القوة السياسية. فى السابق كان الإسرائيليون يبادرون بالفعل ويكتفى العرب بردود الأفعال التى ما كنت تتجاوز الشجب والإدانة. أما اليوم فالأمور تتغير فى المنطقة ولا بد أن تستجيب السياسات العربية بما يتناسب مع هذا التغيير وبما يستفيد من الزخم الثورى والغضب الشعبى. ليس المطلوب مجرد الوساطة للتوقيع على تهدئة أمنية تجرد المقاومة من سلاحها بلا ثمن حقيقى، وليس المطلوب أيضاً شن حرب عسكرية.
وإنما المطلوب استخدام كل الوسائل الدبلوماسية والشعبية والإعلامية لتحقيق أمرين رئيسيين على الأقل: الأول دفع الإسرائيليين دفعاً إلى الدفاع عن أنفسهم برفع سقف المواقف العربية وطرح النزاع على الساحة الدبلوماسية الدولية على حقيقته، أى كقضية احتلال واستعمار للأرض، والتمييز العنصرى على أساس الدين، واختراق كافة القوانين والأعراف الدولية بل والقوانين الأمريكية التى تنظم تصدير السلاح للخارج.. والثانى دفع شعوب الدول الغربية للضغط على حكوماتها الداعمة للإسرائيليين، وذلك برعاية حملات شعبية وإعلامية فى الغرب لفضح الممارسات الإسرائيلية وتعرية زيف الدعاية الإسرائيلية بأن الإسرائيليين يدافعون عن أنفسهم ويصدون «إرهاباً عربياً»، والتلويح بسلاح المقاطعة الاقتصادية.
دولة الاحتلال، ودول الغرب الداعمة لها، لا تعرف إلا لغة التصعيد المحسوبة وقوة الردع التى تربط مصالح هذه الدول بالمنطقة بضرورة الكف عن الازدواجية ووقف الدعم اللامحدود للمحتل.