"بوعزيزي" خامس في تونس.. وخبير: الحكومات لم تعد تتأثر بهذه الحوادث
"بوعزيزي" خامس في تونس.. وخبير: الحكومات لم تعد تتأثر بهذه الحوادث
البوعزيزي - أرشيفية
يظهر محمد بوعزيزي، شابا ضعيف البنية ذو بشرة صفراء، في فجر يوم الجمعة الموافق 17 ديسمبر عام 2010، بأحد الأزقة في حي ولاية سيدي بو زيد التونسية، يسعى وراء رزقه، وهو يحمل الفاكهة، متجها إلى السوق، على عربة "كارو"، وتفاجئه عناصر الشرطة، يحاولون مصادرة "قوته"، بعد أن تمادوا في الاعتداء عليه وقلبوا عربته على الأرض وصفعته إحدى عناصر الشرطة على وجهه.
شعر الشاب التونسي بالإهانة فقرر أن يتواصل مع أحد المسؤولين ليشكو له، ولكنه فشل في ذلك، فقرر إحراق نفسه، ليكون شرارة لثورات الربيع العربي.
"الآن قد فهمتكم" هكذا رد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدسن بن علي، على الحادث وقت توليه الحكم، بعد أن اشتعلت مظاهرات غضب اجتاحت شوارع تونس، رفضا لممارسات الشرطة ضد "محمد طارق بوعزيزي"، ولكن لم يقتنع الشارع التونسي، برد رئيسه، فقرر الأخير الهرب خوفا من الشعب.
لم يكن مشهد إحراق "البوعزيزي" لنفسه مشعلا لثورات الربيع العربي فحسب، لكنه كان بمثابة تدشين لطريقة جديدة للاحتجاج، عرفها من بعده الكثير من الشباب التونسي، ففي ساعة متأخرة من مساء الجمعة، من مايو عام 2012، أشعل شاب النار في نفسه بعد أن رفضت الشرطة قيامه بنصب متجر في سوق "المنصف باي" بالعاصمة.
ذلك الحادث لم يسفر عن مقتل الشاب، لكنه أصيب بجروح بالغة، وكان بمثابة حلقة من مسلسل ما زال مستمرًا، وهو "الاحتجاج بإشعال النيران في الجسد، حتى إنه قبل هذا الحادث بأيام قليلة، توفي شاب من محافظة (توزر) متأثرا بحروق بليغة من الدرجة الثالثة بعد إقدامه على الانتحار حرقا احتجاجا على رفض السلطات منحه أرضا زراعية".
واستمرارًا للمسلسل، أضرم شاب تونسي عاطل عن العمل النار في نفسه صباح الثلاثاء، منتصف مارس عام 2013، في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس في حادثة هي الأولى من نوعها بهذا الشارع الذي يعتبر رمزا للثورة التونسية، وبحسب ما روى شهود عيان فإن الشاب صرخ بصوت عال قبل أن يضرم النار في نفسه قائلا "هذا هو الشباب الذي يبيع السجائر، هذا ما تفعله البطالة".
واليوم أقدم شاب تونسي على إضرام النار في جسده، أمام مقر محافظة "صفاقس"، ما أدى الى إصابته بحروق من الدرجة الثالثة، وبحسب ما أوردته قناة "فرانس 24"، فإن هذا الشاب يعيش ظروفًا اجتماعية قاسية بسبب البطالة، وحاول الاتصال عدة مرات بالجهات المعنية لمساندته اجتماعيًا دون جدوى، فاختار طريق الانتحار عبر حرق نفسه.
أستاذ اجتماع سياسي: "إشعال النار في الجسد" لم تعد الطريقة المثالية لاستفزاز مشاعر الجماهير
الدكتور سعيد صادق، أستاذ الاجتماع السياسي، بالجامعة الأمريكية، يرى أن إشعال النيران في الجسد، كطريقة للاحتجاج، لم تعد كافية لتحريك الحكومات أو تغيير سياسي، فحتى "البوعزيزي"عندما أشعل النار في جسده، لم يتحرك الرئيس التونسي "بن علي" إلا عندما نزل الملايين إلى الشوارع في انتفاضة شعبية كبيرة، أطاحت به وبنظامه.
يضيف صادق في تصريحاته لـ"الوطن" أن هذه الطريقة تستفز مشاعر الجمهور الذي يشارك صاحب هذا الفعل بنفس الشعور بالظلم والقهر من النظام الحاكم، لكنه بعد مرور 4 أعوام على ثورات الربيع العربي، لم تعد مثل تلك الأفعال قادرة على استفزاز مشاعر الجماهير، ودفعهم إلى القيام بحركات احتجاجية، فالشعوب العربية تبدو كمن مل من الثورات.