«Femi-hub» هاربات من الأهل باسم «الحرية»
«Femi-hub» هاربات من الأهل باسم «الحرية»
جنة عادل
لم تعد حقوق المرأة فى مشكلات قانونية فقط بل تطرق الحال إلى نداء البعض باستقلالها عن أهلها وأسرتها، بحثاً عن الحرية على حد تعبيرهن، خاصة مع هؤلاء اللاتى يتعرضن لمشكلات مع أهلهن، بعضهن لجأن للفكرة هرباً من ظروف قاسية مررن بها، والآخر بحثاً عن الحرية كما يدعين، وهو ما دفع مجموعة من الفتيات لإطلاق مبادرة لدعم استقلال الفتيات عرفت باسم «Femi-hub»، لكن أخريات وجدن فيها مشكلة كبيرة للفتاة بل وتعرضها للخطر، ولا ينبغى الانسياق وراءها على حد تعبيرهن، فكما ترى ياسمين محمد: «صعب جداً البنت تعمل كده»، معتبرة أن تلك الخطوة غير قابلة للتنفيذ والاستمرار فى البلاد، نظراً لحالة الرفض الشديدة من الأهل، مضيفة أن المجتمعات العربية لا تسمح بوجود شخصية مستقلة للفتاة، وأن تكون قادرة على الاعتماد على ذاتها والعيش بمفردها، بل يجب أن تظل تابعة لزوجها أو والدها أو أخيها أو أحد أقاربها.
لن تقتصر المشكلة على هذا الحد فى رأى الفتاة العشرينية، حيث تجد أن نظرة المجتمع ستكون شديدة القسوة للفتاة المستقلة، وتؤيدها فى رأيها سلمى محمود، حيث تجد أنها فكرة «غير سليمة بالمرة» وتظهر أمام الفتاة كطريق للنجاة فى ظروف معينة إلا أنها سرعان ما ستدرك مدى سوئها، مؤكدة أن الأهل والأقارب لن يسمحوا للفتيات باتخاذها وسيعملون على إفشالها فى أقرب وقت ممكن، تتذكر سلمى حادثة ابنة الفنانة ليلى غفران وصديقتها، إذ إن استقلالهما فى شقة منعزلة عن الأهل، على حد تعبيرها، جعلهما مطمعاً للخارجين على القانون واللصوص وأودى بحياتهما، لتؤكد سلمى أن ما تتعرض له الفتاة وهى بمفردها كفيل بأن يجعلها تعود إلى رشدها وتظل فى حمى أسرتها، وهذا لن يقلل من شأنها فى شىء، فالاستقلال ليس بالضرورة أن تبتعد عن الأسرة وتلجأ لسكن منفصل، فلابد أن تعمل الفتاة على تكوين شخصية مستقلة حتى داخل أسرتها.
فيما اختلفت سارة يسرى مع ذلك الرأى، وهو ما دفعها لتأسيس تلك المبادرة مع صديقتيها «سهيلة محمد ومى مصطفى»، جمعهن هدف واحد، تقول سارة، الباحثة فى أحد المراكز العلمية، «الفكرة جات من أن هما الاتنين مغتربات وأنا عايزة أستقل بشكل كامل، ففكرنا فى الموضوع وعملنا جروب علشان نساعد ونشجع بعض على تلك الخطوة»، لتجد أن المشكلات التى تواجه الفتاة فى تلك اللحظة تتعلق بالجانب المادى وتوفير السكن لذا لجأن إلى تكوين قاعدة بيانات لتوفير احتياجات الفتيات حين ترغب فى الاستقلال.
واجهت فتيات المبادرة مشكلة فى تعليقات بعض الأفراد على صفحتهن بـموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، التى وصفتها سارة بـ«السخيفة» لظنهم أن المبادرة تشجع النساء على ترك ذويهن وهو ما ينافى الواقع.
فيما عبرت جنة عادل، إحدى المستقلات عن تلك التجربة بكلمات: «تجربة مش سهلة، بس مستاهلة»، تحكى عن تجربتها التى بدأتها منذ عامين، نتيجة خلافات متعددة مع والدها، وما تسبب لها من إيذاء بدنى ونفسى، وهو ما دفعها إلى قرار «الانفصال» باعتباره الحل الأفضل من وجهة نظرها، لتبدأ فى تنفيذه بشكل مفاجئ «لميت حاجتى وحطيتهم قدام الأمر الواقع ومشيت، بس أمى حاولت تمنعنى بالقوة وخدت منى هدومى فاضطريت أجرى منها فى الشارع».
«النقود والسكن» كانا أضخم المشاكل التى واجهتها الفتاة العشرينية عقب قرارها، إلا أن أصدقاءها المقربين الذين تفهموا الأمر سريعاً، استضافوها بمنزلهم لحين تمكنت من الحصول على المال لتأجير منزل تسكن فيه مع اثنتين من صديقاتها، إلا أن المشاكل بالنسبة لها لم تقف عند ذلك الحد، حيث اضطرت إلى تغيير عملها نتيجة أزمات به سببتها والدتها.
لم تعبأ الفتاة العشرينية بالتعليقات الرافضة لقرارها، حيث تجده «خطوة طبيعية جداً، بمجرد وصول الشخص للمرحلة اللى يقدر يختار طريق يعتمد على نفسه فيه لتحقيق طموحه»، مؤكدة أن اختيار الوقت المناسب لذلك الفعل هو الأهم فى القرار، بعد توفير مصدر دخل ثابت لتغطية النفقات، وبعد مرور عامين على خطوتها تمكنت «جنة» من الوصول إلى «الاستقرار» بحصولها على وظيفة مستقرة بمنطقة «ذهب» التى انتقلت للعيش فيها بعد رحيلها عن بيت أبيها.
ومن جانبها تقول الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن انفصال الفتيات عن ذويهن حدث من شأنه الإخلال بعقيدة الأسرة، وإثارة البلبلة فى المجتمع، مؤكدة أنه يمكن أن يتمتعن بالاستقلال ثقافياً وفكرياً داخل مسكن العائلة.
وتوضح «فايد» أن تلك الفكرة لن تجد طريقها بين المجتمع لمعارضتها العديد من العادات والتقاليد والتعاليم الدينية.