نداء أوجهه إلى المصريات والمصريين، بينما رئيس الجمهورية وجماعته وطائفة مبررى الاستبداد يختطفون مصر ويفرضون عليها ديكتاتورية جديدة، ألّا ترفعوا الرايات البيضاء وألّا تتراجعوا عن المطالبة بوطن حر وعادل وديمقراطى لنا جميعاً. بين 30 يونيو 2012 واليوم أثبت الدكتور محمد مرسى بما لا يدع مجالاً للشك أنه رئيس الإخوان والسائرين فى ركبهم فقط وأن مصلحة الجماعة وتمكينها من اختطاف مصر والسيطرة على مفاصل الدولة أهم لديه من التقاليد الدستورية والقانونية التى أقسم عليها والوعود السياسية التى أطلقها ثم حنث بها (كإعادة تشكيل التأسيسية وكعدم عرض دستور غير توافقى للاستفتاء). بين 30 يونيو 2012 واليوم أثبتت قطاعات عديدة فى مجتمعنا قدرتها على المقاومة السلمية لاختطاف مصر وديكتاتورية الإخوان وعزمها على مواصلة المقاومة إلى أبعد مدى.
بالأمس احتجبت الصحف المستقلة والحزبية واليوم تسود الكثير من المحطات الفضائية شاشاتها، وفى الحالتين اعتراضاً على العصف بالحريات عموماً والحريات الإعلامية تحديداً فى مشروع دستور الإخوان وفى ممارسات الرئيس وحكومته. بالأمس دعا الكثير من الفعاليات الطلابية والعمالية والمهنية إلى الإضراب الجزئى والمشاركة فى المسيرات السلمية للتحرير رفضاً للاستفتاء على الدستور ولإعلان الاستبداد الرئاسى. خلال الأيام الماضية، تمسك قضاة مصر بموقفهم الوطنى المقاطع للإشراف على الاستفتاء على دستور الإخوان وبالاستمرار فى التعليق الجزئى للعمل بالمحاكم.
تنتشر، إذن، مقاومة اختطاف مصر فى أرجاء المجتمع وتسهم بها قطاعات فعالة. مجتمعنا ينتفض وهو يتابع مشاهد الديكتاتورية الجديدة، مشهد الختام العبثى بالتأسيسية ومشهد أعضائها وهم ينحنون للرئيس ومعهم الدستور الكارثى الذى أنتجوه ومشهد حشود الإخوان والسلفيين وهى تحاصر المحكمة الدستورية العليا وتذكرنا بحشود النازية والفاشية فى أوروبا الثلاثينات. مجتمعنا ينتفض، فلا داعى لرفع الرايات البيضاء. نحن أمام معركة ضد الديكتاتورية الجديدة ليست بالقصيرة، وأدواتها ستتنوع حتماً من المسيرات والإضرابات والاعتصامات والعصيان المدنى إلى المقاومة النوعية فى قطاعات مختلفة، من رفض إجراءات بناء الديكتاتورية ونزع غطاء الشرعية عنها إلى مقاومتها بالعمل الفعال على الأرض وبين المواطنات والمواطنين. نحن أمام مقاومة لاختطاف مصر ستتحول على الأرجح إلى معركة النفس الطويل وتسجيل النقاط وليس الضربة القاضية، فديكتاتورية الإخوان لها من يعضدها ويبررها ويروج لها فى المجتمع وبعض أدوات الدولة دانت لهم اليوم. نحن أمام إعادة اكتشاف لهوية مصر الحرة والمتنوعة والمتسامحة فى سياق مواجهة مع قوى ظلامية استوطنت مجتمعنا خلال عقود الاستبداد الطويلة وتجدد اليوم دماء الاستبداد وتعصف بالحريات وبقيم مواطنة الحقوق المتساوية بعد ثورة عظيمة.
إلى المصريات والمصريين، لا ترفعوا الرايات البيضاء ولا تتراجعوا عن المقاومة السلمية لاختطاف الوطن ولديكتاتورية الإخوان.