هو الآن يضحكُ - لا شكَّ -
ضحكتَهُ المستفزِّةَ للبعضِ
والطيبةْ
هو الآن لا يكرهُ الأرضَ
أو يلعن الأصدقاءَ البعيدين
والوحدةَ المرعبةْ
هو الآن طفلٌ يعود إلى اللهِ
لا يعتريهِ الذي يعترينا من الخوفِ
والحزنِ
والشوقِ للأوجه الغائبةْ
كبرْنا
وصار لنا أصدقاءٌ
يموتونَ
صارتْ لنا قصصٌ
تفطر القلبَ
صارت لنا ذكرياتٌ
معبَّأةً بالخياناتِ
والطعنةِ الصائبةْ
كبرنا
كما لم نكن نتخيَّلُ
أصبحتِ الأرضُ ضيقةً
كالتوابيتِ
والفكرُ سامًّا
كأفعى السماواتِ
والروح
لا يكتب الشعرَ
بل ينزفُ الحزنَ
في التجربةْ
ولم نتخلص من الحلمِ
حتى كبرْنا
وصرنا مع الوقتِ أعداءَ أحلامنا
إذْ خسرْنا
فسِرْنا.. ولا نحن مقتنعونَ
بموقعنا
أو بريئونَ
مما ارتكبنا من الحزنِ
سِرْنا برغم الظلامِ
المسيطرِ
والسكة التائهةْ
غريبون نحن
على كوكبٍ غاب عنه النظامُ
غريبون حتى الثمالةِ
بين قصائدنا المشتهاةِ
ووحدتنا المنتقاةِ
وخيباتنا الفارهةْ
بعيدون عما نريدُ
قريبون جدا
من الموتِ
في لحظةٍ شائهةْ
هنا
سوف يحكي غدا
من يمرُّ على الحرفِ
عن فتيةٍ
آمنوا بالقصيدةِ
لكنه - الشعرَ - لمَّا يزدْهم
سوى الموهبةْ
كبرنا
ولم تعطنا الأرضُ
أيَّ التماسٍ
لنقبلَهُ
يا صديقي استرحْ
من مزاولةِ الأرضِ
من دنَسِ الأصدقاءِ
ومن كائناتِ المقاهي
ومستخدمي "النتِّ"
منا
فإنا مليئون بالحزن
والآهة الذائبةْ
وإنا لنا اللهُ
يا ربُّ
إن كان شرا لنا أن نعيشَ
فعجِّلْ لنا الموتَ
عجِّلْ لنا الراحةَ المستمرةَ
واغفر لنا الشكَّ
والغوصَ
في القصص الخائبةْ