عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟. يعبر صاحب سؤال: «متى الساعة؟» عن حالة إنسانية تدفع صاحبها إلى التوجس من المقبل، فيحاول الإلمام بملامحه وأبعاده وتحديد كيف يكون، حتى يصب فى نفسه بعض الاطمئنان. وإجابة النبى صلى الله عليه وسلم إجابة عبقرية، فالسؤال حول المستقبل يقتضى سؤالاً عن الاستعداد له: «وماذا أعددت للساعة؟». أجد أن الكثير من المتوجسين من الذكرى الخامسة لثورة يناير بحاجة إلى تأمل هذا الحديث النبوى الشريف.
ما زلت عند رأيى بعدم وجود مؤشرات على الأرض تدلل على أن يشهد يوم الذكرى أحداثاً ذات بال، أو نزولاً محسوساً لأى من الأطراف المتصارعة داخل المشهد السياسى فى مصر. وشأنى شأن غيرى أنظر بعين الاستغراب إلى حالة الذعر والهلع التى يتحدث بها بعض المسئولين عن هذا اليوم، تلك الحالة التى أحتار فى تفسيرها، فهل مردُّها وجود معلومات مزعجة لديهم لا تتوافر فى المجال العام تقف وراء ما يشعرون به من القلق، أم أن ثمة خطة مدبرة ومحكمة لإشاعة حالة وهمية تقول إن هناك مخططات وتدابير من جانب بعض القوى السياسية للحشد والنزول فى هذا اليوم، وإن ثمة خشية من أن ينضم إليهم أناس عاديون، وبعد أن يمر اليوم بلا أحداث تخرج علينا الأبواق إياها، متحدثة عن الشعبية الجارفة لنظام الحكم، التى أحبطت المؤامرة الجديدة!.
اختر من التفسيرين ما يحلو لك، لكن دعنى أساعدك فى الترجيح. يقول المثل المصرى: «مين خاف سلم»، وأصل السلامة هنا أن الخائف سوف يتحسّب ويتخذ من الإجراءات والاحتياطات ما يؤمّنه، الأمر الذى يمكن أن يخرجه سالماً مما يخاف منه. الخوف الحقيقى من «يناير» يقتضى أن تتخذ السلطة سلسلة من الإجراءات التى تؤدى إلى تهدئة من تظن أنهم غاضبون، وتخشى من نزولهم. مثلاً هناك وجهة نظر تذهب إلى أن قطاع الشباب غاضب، فهل اتخذت السلطة من الإجراءات ما يؤدى إلى تخفيف هذا الغضب؟. الرئيس أطلق مبادرة «عام 2016 عام الشباب». حسناً، هذا هو العنوان، لكن بعد المبادرة بأيام فوجئنا برجل سبعينى يتولى رئاسة لجنة الشباب بمجلس النواب. لم يكن الاختيار مقصوداً بالطبع، لكن المجلس وضع قاعدة أن يترأس كل لجنة أكبر الأعضاء سناً، ولكن: ألم يكن من الحكمة أن يتم الاحتكام إلى قاعدة أخرى أكثر موضوعية ونحن نحدد المسئول عن لجنة الشباب؟! اختيار 2016 عاماً للشباب مبادرة عظيمة، لكن أحداً لم يحدد لنا ماذا ستفعل الدولة للشباب بهذه المناسبة، وكانت البداية غير الموفقة للجنة الشباب بـ«النواب» سبباً فى تخوف البعض من أن تتشابه هذه المبادرة مع ما سبق وكنا نسمعه من مبادرات أيام مبارك عن عام المرأة وعام ذوى الاحتياجات الخاصة، والتى لم تعدل وضعاً أو تصحح معوجاً فى حياة هاتين الفئتين، ولم تكن هذه المبادرات أكثر من عناوين، اهتم الإعلام بالطنطنة حولها حين أعلن عنها، ثم طواها النسيان. تسألون: «ماذا يمكن أن يحدث يوم 25 يناير».. والرد المنطقى يقول: «وماذا أعددتم له؟»!.