جاء أعرابى فى موسم الحج وبينما المئات يتضلعون من ماء زمزم الذى هو «طعام طعم وشفاء سقم» إذا به يبول فى بئر زمزم العظيمة، فأوشك الناس أن يقعوا به لولا أن حكيماً منهم قال: دعوه.. وسأله ما حملك على فعل ذلك؟ فقال: أردت الشهرة ولو من باب التبول فى زمزم.
وهذا الصنف ذاع صيتهم وكثر عددهم هذه الأيام، هؤلاء الأقزام الذين يريد كل واحد منهم هرماً بغير علم ولا بذل ولا فكر ولا فقه، فيعمد بعضهم إلى المغالطات الفجة والكذب المفضوح، وينشأ فى أوساط مريبة، ويعمل لحسابات مريبة ويؤدى أدواراً مريبة فى حقبة تاريخية مريبة.
وهؤلاء كلما لفظهم المجتمع المصرى المتدين بطبعه عادوا إليه ثانية، وهؤلاء لا يجدون سوى «الإسلام أو القرآن أو السنة أو الرسول أو الأزهر الشريف» فيميلون عليه ميلة واحدة، مستضعفين إياه، غافلين عن حماية الله له، فكل ما سوى ذلك محصن ومستغلق أمامهم لا يستطيعون الاقتراب منه فضلاً عن التصوير أو النقد.
ومن بين الأعراب الذين يتبولون دوماً فى زمزم من قبل ومن بعد وحتى اليوم «سيد القمنى» صاحب كتاب «الحزب الهاشمى»، الذى ينكر فيه نبوة النبى «صلى الله عليه وسلم» زاعماً أن بنى هاشم ألفوا معه قصة النبوة والرسالة ليصنعوا جاهاً لهم يتفوقون به على قبائل قريش.
واليوم يطل من جديد على المجتمع المصرى ليتبول فى زمزم أخرى بعد أن لفظه الشعب المصرى طويلاً، فيدعى أن «الأزهر مؤسسة إرهابية» وذلك ضمن جوقة تعزف نشازاً وتدور حول ثلاثة أهداف هى: «الإسلام نفسه هو الإرهاب أو على الأقل السبب فيه، أو القرآن والسنة أو علماء المسلمين الأفذاذ هم سبب الإرهاب، فإن لم يكن السبب فى هؤلاء جميعاً فالأزهر هو الإرهاب نفسه».
لقد قتلت وشوهت أمريكا البروتستانتية قرابة نصف مليون يابانى بقنبلتين ذريتين أسقطتهما على هيروشيما ونجازاكى فى ساعات معدودة، ولم يقل أحد إن المسيحية البروتستانتية هى السبب.
وقتل هتلر وتسبب فى قتل قرابة 16 مليون مواطن عسكرى ومدنى فى الحرب العالمية الثانية ولم يقل أحد إن دين الألمان أو جنسهم هو السبب.
وقتل الفرنسيون الكاثوليك فى الجزائر مليون مواطن واحتلوا البلاد وأذلوا العباد فلم يقل أحد إن الفاتيكان هو السبب، وهكذا فالأمثلة أكثر من أن تحصى وتعد، فالأديان ورسل الله كلهم بلا استثناء يدعون للحلم والعفو والصفح والسلام والرفق والرحمة والأخلاق الكريمة وكل القيم النبيلة.
لقد كانت خرافات وخزعبلات «القمنى» وأشباهه سبباً فى «كسر الأزهر لصمته» الذى طال ولحلمه الذى عُرف به وعفو شيخه دكتور أحمد الطيب الذى ما عرف الأزهر شيخاً حليماً عفواً عفيفاً صبوراً مثله.
لقد صدر بيان الأزهر وهيئة كبار علمائه برئاسة دكتور الطيب ليقول لهؤلاء جميعاً «إن للصبر حدوداً» وإنهم ليسوا بشجعان ولا أبطال، ولكنهم «نمور من ورق» نفخ فيهم إعلام مضلل لا يبغى مصالح الوطن والدين ويحمل رايته بعض الكارهين للدين والقافزين عمداً ومع سبق الإصرار من نقد الحركة الإسلامية غير المعصومة إلى نقد الإسلام المعصوم.
ومن بين هؤلاء القمنى «مزور الدكتوراه» الذى تحداه أكثر من عشرين كاتباً منذ سنوات أن يظهر رسالة الدكتوراه وشهادتها، فلم يفعل.
ومن مضحكات مصر المبكيات أن يُمنح القمنى التقديرية فى العلوم الاجتماعية «وهو أرفع وسام مصرى» وقد تم ذلك فى غفلة من الزمان ومجاملة لكل من يطعن فى الإسلام، دون أن يدرى العلماء المشتغلون بالعلوم الاجتماعية ما هى إسهامات هذا القمنى فى هذه العلوم سوى كتب هزيلة سقيمة مثل «الحزب الهاشمى»، الذى أشار إليه بيان هيئة كبار العلماء وعرض فكرته السقيمة، ولقد كان الأزهر فى غنى عن ذلك لأن المئات من العلماء ردوا عليه من قبل لولا عودته للتطاول على ثوابت الإسلام.
والأخطر من ذلك أن يرشح البعض القمنى لجائرة الملك فيصل لخدمة الإسلام هذه الأيام، وهؤلاء فى الحقيقة نسوا أن يرشحوا مع القمنى للجائزة «أبا جهل وأبا لهب والمغيرة بن شعبة»، إذا أعجبكم القمنى لهذه الدرجة فامنحوه الجوائز من أموالكم لا من أموال المسلمين الذين يحبون دينهم ورسولهم وقرآنهم ويقدرون علماءهم وأئمتهم وأزهرهم.