# 25_ مكاسب _ القضاء على التوريث
# 25_ مكاسب _ القضاء على التوريث
رئاسة «جمال» لمصر.. حلم أجهضته «25 يناير»
قبل انطلاق فعاليات ثورة 25 يناير 2011، ومظاهراتها الهادرة التى اجتاحت شوارع مصر وحواريها الممتدة بطولها وعرضها، كان كثير من المصريين يشعرون بإحساس عميق بالمهانة جراء احتمالات أن يرث جمال مبارك الحكم بعد والده، وهو الشعور الذى قضت عليه بلا شك ثورة 25 يناير، التى أطاحت بكل من مبارك وولده من سدة الحكم.
«ربيع»: لولا «25 يناير».. لكان «جمال» هو «الرئيس» الآن.. و«قنديل»: الثورة قضت على السيناريوهين «تمديد مبارك» أو «توريث جمال».. و«الخراط»: كنت أشعر قبل الثورة أن شخصاً يبصق على وجهى كل يوم
كانت «قضية التوريث» فى القلب من الجدل والاحتجاج السياسى المتصاعد الذى تفجر فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك، ولاسيما بعد أن انطلقت، فى عام 2004، «حركة كفاية» رافعة شعار «لا للتمديد.. لا للتوريث»، انتهاء بظهور «الجمعية الوطنية للتغيير»، التى ضمت غالبية القوى والرموز السياسية المعارضة، فى أواخر أيام «مبارك».
لم يقتصر الأمر على مجرد هواجس أو تخوفات لدى بعض السياسيين والمثقفين، وإنما كانت هناك وقائع ومخططات محددة، تحدث عنها، على سبيل المثال، بعد الثورة قائد الحرس الجمهورى لمبارك، اللواء نجيب عبدالسلام، الذى كان، بحكم وظيفته، لصيقاً بمبارك وعائلته، ومطلعاً على كثير مما يحدث فى غرفهم المغلقة.
فخلال ندوة له بجريدة «الوطن» تحدث اللواء «عبدالسلام» عن أن «اجتماعات كانت تجرى بين صفوت الشريف وأحمد عز وزكريا عزمى وفتحى سرور بخصوص التوريث، من أجل مصالح شخصية ربطتهم معاً»، ومن وراء هذه المخططات كانت سوزان مبارك تسير من خلف الستار وراء «التوريث» من أجل الحفاظ على أسرتها والنظام الذى عاشوا فيه، بحسب اللواء عبدالسلام، الذى حمد الله على قيام الثورة وقتها، حتى لا نعود إلى نظام جديد مشوه يجمع بين «الملكية» وما يشبه الديمقراطية.
أحد هؤلاء الذين كانوا يشعرون بشعور عميق بالمهانة جراء مخططات التوريث تلك، كان الدكتور إيهاب الخراط، الناشط بحملة دعم الدكتور محمد البرادعى، قبيل الثورة، والقيادى بحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الآن، والذى يشير إلى أنه كان يصحو من نومه يومياً، ليشعر أن أحداً يبصق على وجهه، على حد قوله.
فكما يقول «الخراط»، الذى يعمل طبيباً نفسياً «كانت درجة إهانة الشعب فى أواخر أيام مبارك؛ من تزوير فاضح للانتخابات وتفصيل للدستور ليكون نجل رئيس الجمهورية الرابع هو الوريث، وتصدر من وصفهم بالشخصيات شديدة القبح المعروفة بالفساد التى تدعى الفضيلة، من الفجاجة بحيث تشعره بهذا الشعور الضاغط». «ولم يكن من الممكن إذاً استمرار هذا النظام، أو تفادى ما حدث فى 25 و28 يناير 2011، الأمر الذى أدى عملياً لإجهاض مشروع التمديد والتوريث إلى الأبد».
الأكثر من ذلك، أنه سيكون من الصعب جداً على أى رئيس جمهورية أن يفكر فى تمديد رئاسته إلى ما لا نهاية أو توريثها لأبنائه، ربما فقط تتم إطالة مدة الرئاسة إلى 5 سنين فى حال تعديل الدستور، لكن أن يحكم رئيس أكثر من مدتين «مش هتحصل»، على حد تعبير «الخراط».
لا يذهب عبدالحليم قنديل، القيادى المؤسس بحركة كفاية، بعيداً عما سبق، مؤكداً أن ثورة 25 يناير قضت على التمديد للأب والتوريث للابن، بعد أن كانت الدولة قبل الثورة يتنازعها تياران أو وجهتا نظر، أحدهما داخل الحزب الوطنى ولجنة السياسات ورجال الأعمال أو الشلة الجديدة التى تؤيد فكرة توريث الابن، والآخر فى أجهزة الدولة أكثر صلابة؛ تؤيد التمديد لمبارك، لمنع الدخول فى فكرة التوريث، وجاءت الثورة الشعبية لتقضى على إرادة الاثنين. إلا أن الرجل الذى هاجم بشراسة مبارك ونظامه وأعلن لاحقاً تأييده للمشير عبدالفتاح السيسى، فى الانتخابات الرئاسية الماضية، قال إن الثورة وإن نجحت فى منع التمديد والتوريث لرأس النظام، إلا أنها حتى الآن لم تنجز الأمر الجوهرى وهو «تغيير النظام»، وما زلنا نعيش فى متاهة ظاهرة، حيث لدينا رأس «رئيس جديد» معلقة على جسد نظام قديم، على حد قوله.
خلاصة القول «إننا أمام وضع شديد التناقض تعيشه مصر الآن، أما الثورة فإنها فى وضع يتيم لأنها لم تبن بعد حزبها السياسى القادر على نقلها من الميدان إلى البرلمان، فالثورة قضت على التمديد والتوريث هذا صحيح، ولم تكن تلك إرادة الدولة ولا أى قطاع فيها، لكنها لم تصل إلى السلطة حتى اليوم، وهو ما ينتج هذه التناقضات التى نراها يومياً، لأن شرط أن تتحول الثورة من خلع الرأس إلى خلع النظام لم يتحقق، وهو أن تبنى حزبها».
وفى محاولة أخرى لتخيل الوضع الآن لولا قيام 25 يناير، يقول الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، إنه لولا ثورة 25 يناير لكان جمال مبارك هو رئيس مصر الآن، حيث إن ذلك كان سيتم بشكل أو بآخر، لأن مبارك بحكم سنه كانت حركته محدودة جداً، وفى وضع أشبه بالاحتضار مثلما هو عليه الآن.
من هذا المنطلق يعتقد «ربيع» أن الثورة نجحت إلى حد كبير فى القضاء على مشروعى التمديد والتوريث، إلا أنه يعتبره نجاحاً غير مكتمل لأنه لا يزال التوريث موجوداً وإن لم يكن بالدم، وذلك من خلال الواسطة والمحسوبية فى المجتمع ومؤسسات الدولة مع استمرار توريث الوظائف للأبناء، حيث لدينا وزير العدل الآن يعمل اثنان من أبنائه فى سلك القضاء، ويدافع والدهما بشدة عن توريث الوظائف القضائية لأبناء القضاة. وينهى «ربيع» كلامه قائلاً: «انت شلت قشرة صغيرة، ولكن ما زالت المظاهر والأعراض كما هى، وباستكمال إزالتها تكون الثورة قد حققت أهدافها».