هذا سؤال مشروع وموضوعى. خلال الأيام الماضية، قدم عدد من مستشارى الرئيس استقالات مسببة بتهميشهم وعدم الاستماع لآرائهم وعدم معرفتهم بالقرارات المهمة قبل اتخاذها. خلال الأيام الماضية أيضاً، توالت المؤتمرات الصحفية والأحاديث الإعلامية للقيادات الإخوانية (المرشد ونائبه) وتداخلت بها شئون الجماعة مع شئون الدولة والرئاسة. خلال الأيام الماضية، تعالت أصوات بعض أعضاء حزب الحرية والعدالة محتكرة الحديث عن الدولة والشرعية والاستقرار والأمن ومحددة دور الرئيس فى هذا الإطار. خلال الأيام الماضية توالت قرارات رئاسية بها الشىء ونقيضه وبلغ الأمر أمس الأول حدود العبث بإصدار قرار بزيادة الضرائب ثم التراجع عنه بعد ساعات قليلة.
من استقالة بعض المستشارين وأفعال الكوردون الإخوانى المحيط بالرئاسة والتخبط المستمر فى قرارات الدكتور مرسى نستطيع أن نحدد ثلاث إجابات محتملة على سؤال «من يتخذ القرار بالاتحادية؟»: 1) يتخذ الرئيس القرارات مع مجموعة ضيقة من مساعديه ومستشاريه وبمشاركة آخرين من خارج الاتحادية ينتمون للجماعة وحزبها. 2) يتخذ الرئيس القرارات مع قيادات الجماعة وحزبها وأدوار المساعدين والمستشارين هى أدوار شرفية أو هامشية. 3) تتخذ القرارات للرئيس من قبل قيادات الجماعة وحزبها وفقا لآليات اتخاذ القرار الإخوانية (مرشد ونائبه ومكتب إرشاد وشورى الجماعة).
وتثير الإجابات الثلاث علامات استفهام كثيرة تتعلق بوزن المؤسسات الحكومية والسيادية فى صناعة واتخاذ القرارات من الإعلانات الدستورية إلى زيادة الضرائب والتراجع عنها. فمجلس الوزراء، مثلا، اختفى على نحو شبه كامل خلال الأيام الماضية ولا يعلم الرأى العام إن كان رأى رئيسه (هل يتذكر أحد اسمه؟) يستطلع إن فى إعلان دستورى أو على الأقل فيما خص الضرائب أم لا؟ المؤسسات الحكومية الأخرى غائبة أيضاً عن المشهد، بل إن الهيئات ذات الوضعية الخاصة كالمجلس القومى لحقوق الإنسان المسيطر عليه إخوانيا فرض عليها الصمت واللافاعلية. ثم هناك علامات استفهام أخرى ترتبط بقصر دائرة اتخاذ القرار على عدد محدود من الأشخاص، إن بالاتحادية أو خارجها فى الامتداد الإخوانى، وهو ما قد يشكل السبب الأساسى وراء انحياز كافة القرارات الرئاسية الأساسية للجماعة على حساب مصالح قطاعات شعبية واسعة بعيدة عنها وانفصال الرئاسة شبه التام عن القوى السياسية الحقيقية خارج مساحة الإسلام السياسى (على النحو الذى دللت عليه قائمة المشاركين فيما سمته الرئاسة بالحوار الوطنى يوم السبت الماضى). أخيراً، ثمة علامات استفهام بشأن علاقة الكوردون الإخوانى المحيط بالرئاسة بغياب الرؤية الاستراتيجية عن فعل الرئيس وتخبطه فى القرارات، بغض النظر عن اختلافى معه ومعها. فالجماعة لا تملك رؤية واضحة لا لإدارة الدولة ولا المجتمع وهو ما ينعكس، خاصة مع تهميش مؤسسات الدولة والمستشارين من خارج الكوردون الإخوانى، فى التخبط الرئاسى المستمر.