رئيس أعلن علينا الاستبداد ويتخذ قراراته مستنداً فقط لرغبات جماعته وحلفائها ويضرب عرض الحائط بمطالب شعبية مؤثرة، كتأجيل الاستفتاء على الدستور لحين التوافق عليه. وجماعة إخوان تعمل على اختطاف مصر بدستور مشوه يعصف بالحقوق والحريات ويكرس الاستبداد، فى حين تخترق قياداتها مؤسسات الدولة وتروع ميليشياتها مواطنين مسالمين وتحاصر المحكمة الدستورية العليا. وأحزاب وتيارات سلفية وبعد أن فرضت نظرتها الرجعية للدولة والمجتمع على الدستور تمارس مجموعات قريبة منها الترويع المنظم ضد المختلفين معهم فى الرأى إن باعتصام أمام مدينة الإنتاج الإعلامى أو بقوائم سوداء لسياسيين وإعلاميين يهددون بالتصفية. كل هذا وقطاع واسع من المصريات والمصريين يقاوم بسلمية اختطاف الوطن ويعلن بوضوح عزمه على الاستمرار فى المقاومة السلمية لإسقاط دستور مشوه ورفضه الوقوف على الحياد فى هذه المرحلة المجتمعية والسياسية الدقيقة.
أتحدث عن ملايين المصريات والمصريين الذين يتصدرون المسيرات والتظاهرات الحاشدة فى مختلف المحافظات ويؤكدون يوماً بعد يوم رفضهم للدستور المشوه وللتأسيسية الباطلة التى أنتجته. عنهم أتحدث وهم يواجهون بسلمية خطر اختطاف مصر من قبل الإخوان وحلفائهم ويترجمون ذلك إلى مواقف سياسية بدأت بالمطالبة بإسقاط إعلان 21 نوفمبر وتطورت إلى الإصرار على تأجيل الاستفتاء على الدستور ثم العمل على إسقاطه بالرفض. عنهم أتحدث وقطاعات واسعة بينهم تضغط اليوم على جبهة الإنقاذ الوطنى لدعوة الشعب المصرى للتصويت بلا فى استفتاء الدستور إيماناً منهم بضرورة المقاومة الإيجابية.
عنهم أتحدث وقطاعات أخرى بينهم تريد من الجبهة مقاطعة الاستفتاء الباطل على دستور باطل أنتجته جمعية باطلة كى لا نضفى عليه شرعية عبر المشاركة.
وهم، فى جميع الأحوال، لا يريدون للجبهة أن تنكسر بسبب اختلاف المواقف ويدركون أن التصويت بلا فى استفتاء الدستور لن يسحب البساط من تحت المسار الاحتجاجى ولن يعنى القبول بالدستور المشوه، فرفضه مستمر قبل الاستفتاء ويوم الاستفتاء وبعده أيضاً. عن ملايين المصريات والمصريين أتحدث وهم ضاقوا ذرعاً بالاتجار بالدين فى السياسة وبفزاعة «مخالفة الشريعة» التى تصدرها دوماً أحزاب الإسلام السياسى والدوائر الإعلامية (الفاشية) القريبة منها وباتوا يفهمون أن بناء الاستبداد الجديد من قبل الإخوان لا يختلف عن الاستبداد القديم قبل الثورة.
روح المقاومة هذه والإيجابية البادية فى مسار الاحتجاج السلمى وعزم ملايين المصريات والمصريين على المشاركة لمنع اختطاف الوطن وتجريدهم من الحقوق والحريات بدستور مشوه تطمئن مجتمعة على مستقبلنا. نعم هناك قطاعات شعبية أخرى وواسعة أيضاً تقف ولأسباب متنوعة وراء الإخوان وحلفائهم ومشروعهم لاختطاف الدولة والمجتمع، إلا أن غرور الإسلام السياسى المستند إلى «الشارع لنا» انتهى إلى غير رجعة ولن يتمكنوا (وبغض النظر عن مآل الاستفتاء على الدستور ونتيجته) من تمرير مشروعهم دون مقاومة. دور نخبة السياسة والمجتمع المدنى الرافضة لاختطاف مصر أن تدرك عمق روح المقاومة الشعبية هذه وأن تدعمها وتطورها سياسياً وتنظيمياً وأن لا تخرج بها عن سياقاتها السلمية (حتى حين تمارس الميليشيات الفاشية عنفها).
لن تختطف مصر، لا بدستور مشوه ولا باستبداد جديد.