في "الفلانتين".. الراديو يجمعنا على "الخيال" و"الجاذبية" و"الصوت الحسن"
صورة أرشيفية
"ع الدوار ع الدوار.. راديو بلدنا فيه أخبار"، صورة غنائية إذاعية تعكس ما كان للراديو من بريق على مدار عقود عدة، فها هم الآلاف يتجمعون حول ذلك الجهاز المستطيل الشامخ فوق منضدته، يستمعون لنشرة أخبار تحمل نقطة اتصال وحيدة تجمعهم بالعالم الخارجي، أو أسمعهم أغنيات كلها تحمل معنى الحب، فكان نموذجًا مصغرًا للحياة في أبهى صورها.
رغم أنّ عددًا كبيرًا من القنوات التليفزيونية الأرضية والفضائية فرضت نفسها على البيوت خلال العقود الأربع الأخيرة، إلا أنّ "الراديو" لا يزال يحتفظ بقلوب قطاع من متلقيه، يقضون ساعات طويلة على مدار اليوم في حضرته، ولا يثبت معهم مؤشره على إذاعة بعينها، بل ينتقل يمينًا ويسارًا ليغوص بهم في أعماق الأثير الذي لم يفقد جاذبيته بالنسبة لهم.
10 ساعات متفرقة يقضيها محمد صلاح جمالي (41 عامًا)، مع معشوقه يستدعي روح خياله لرؤية مذيع عشق الاستماع إلى صوته، ألفت أذنه الاستماع إلى إذاعات القاهرة الكبرى والبرنامج العام والإذاعة التعليمية، إلا أنّ "الشباب والرياضة" تعد الأفضل بالنسبة له، "أعتبر أنها نموذج مهم جدًا في المنطقة العربية، وبتتناول مشكلات الشباب بشكل متميز وبتحاول تلاقي حلول ليها، ده غير المباريات اللي بتتنقل بشكل متميز عن طريقها".
سرعة التفاعل مع الأحداث ونقل الرسائل الصوتية في التي تعكس نبض الشارع المصري في ثواني هي مميزات يتفرد بها "الراديو" دون قنوات التليفزيون وفقا للرجل الأربعيني، "الراديو له خصوصية في التعامل مع المتلقي، ممكن المستمع يتابعه في الميكروباص أو وهو سايق عربيته، وما بيفارقش صاحبه حتى في السرير، لكن التليفزيون لازم تكون متقيد بمكان معين عشان تتابعه".
برنامج "مساء الخير يا قاهرة" عبر شبكة "القاهرة الكبرى" هي أحب ما يتابعه "جمالي" عبر الراديو، وذلك لوجود تواصل مباشر مع المستمعين في ما يتعلق بجميع المشكلات التي تواجه الوطن، "بحب أوي إذاعة البرنامج الثقافي، بيبقى فيها مسلسلات ومسرحيات مسموعة بتدينا فكرة عن طبيعة تاريخ الأمم على مر العصور".
الحاج محمد صالح (62 عامًا)، ينتمي إلى جيل عشق الراديو منذ صغره، يبدأ يومه ويختمه بالاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم، ويعطي جزءًا كبيرًا من باقي يومه إلى راديو مصر، ليتابع من خلاله أبرز التحليلات السياسية والأحداث الجارية، "اللي بيعجبني إنها إذاعة متنوعة، تجيب برامج ونشرات إخبارية وسطها عدد من الأغنيات، عشان اللي بيسمعوا ما يحسوش بملل".
لا يهوى الرجل الستيني متابعة برامج "التوك شو" في التليفزيون والتي تفتقد بشكل كبير إلى روح الخيال التي ينميها أثير الراديو، "ما بيجمعنيش بالتليفزيون غير مباريات الكورة، لكني أحب أسمع تحليلاتها في الإذاعة، عشان أتخيل شكل المذيع اللي بيقدم البرنامج وردود أفعاله".
حب "صالح" للإذاعة وصل لدرجة تمسكه بجهاز الراديو القديم رغم كبر حجمه وظهور أنواع أخرى لذلك الجهاز تتمتع بإمكانيات تكنولوجية عالية، "ما قدرتش أتعود عليه، ومفيش أحلى من حاجات زمان".