كانت تهتم بلون طلاء أظافرها ولون أحمر الشفاه أكثر من أي شئ آخر.. قد تبقى حبيسة غرفتها إذا ما لاحظت بثرة صغيرة على خدها.. هى مقتنعة تماما أننا لو كنا في عصر
كانت بالأمس طفلة تقف على أعتاب المراهقة وتخشى المرور.. أحلامها طفلة.. أحزانها طفلة.. مشاعرها طفلة.. اليوم تجلس في صالون بيتهم تنقل نظرها ما بين والدها والعريس
كانت تقول لكل قلب تغويه إنما أنا فتنة فلا تتبعني.. لكن دون فائدة.. كانت تخطو فوق قلوبهم بهوادة كمان كانت تدوس فوق حصى الطريق وما كان الأمر بأيديهم.. كانت رائحته
قد تفاجأت من تصرفاته فى لقائهما الأخير.. لم يكن كما كان فى سابق اللقاءات.. كان باردا.. صامتا كبركة ماء هادئة ملولة.. لم يبحث عن عينيها بلهفة.. لم يأكلها بعينيه
كان غارقا فى عشقها حتى أذنيه.. كانت تراه ما زال صغيرا.. لم يفهم بعد كيف يكون الحب.. ولكنه كان مشتعلا.. وكانت تخشى نيرانه الساخنة.. ودخانها المُخدر.. تسحرها فتقت
كانت الأمواج جميعها مهما عَلَتْ تموت على الشاطئ وآلاف الأصداف المترامية في كل مكان وكأن كل شئ ينتهي هنا.. يموت هنا..وكأن قدر الفراق يُكتب على رمال الشاطئ
كنا بالكاد نقف ونحن نتصبب عرقا داخل عربة مترو الأنفاق.. كان صباح صيفي حار لزج كالعادة بأنفاسهِ المُرهِقة وروتينه الممل وذبابه المُستفز.. كانت العربة مزدحمة جدا
قالها مقدم الفقرات وهو يعلن دخول القزم المهرج بصوت رنان يتردد في جنبات السيرك.. فوقف الأطفال جميعهم وهم يصرخون ويتقافزون فرحا
اقتربت منه ببطء حتى لامست يده في السلام، تَمَنت حينها لو انهارت فوق صدره ليعلم كيف أنهكها الفراق، تشبثت بقبضتهِ الدافئة وأطالت النظر إليه كطفل طال انتظاره
عندما تبتعد عنه يصاب بالخوف.. بالبرودة.. يحضن ذراعيه فوق صدره دفئا دون جدوى.. ذلك الشعور المخيف أنك أصبحت وحيدا حتى وأنت وسط الزحام.. كل تلك الأصوات لا تنتظرها