الغوص.. مهنة تبحث عن طوق نجاة

على ضفاف البحر الأحمر، من جزيرة "الجفتون" في الغردقة إلى "شعاب الفينستون" في مرسى علم، انتقالا إلى محمية "رأس محمد" في شرم الشيخ، وانتهاءً بالـ blue hole (بلو هول) في مدينة دهب بأرض الفيروز، مواقع غوص كثيرة غُرس حبها في قلوب مرتاديها جعلت مصر واحدة من أكثر الدول شهرة بسياحة الغوص حول العالم.

ومع تنوع مواقع الغوص، يبقى المشهد واحدًا في كل وقت، مجموعة من السائحين يتوسطهم غواص مصري له دور القيادة، يدخل في رحلة لا يعلم إن كان سيعود منها كما أتى، أم ستفاجئه إحدى أمراض المهنة، ليجد نفسه غارقاً بلا أي حقوق أمام أعين جهات تتنصل منه.

"وائل" خرج من الماء مصابا بـ"تخفيض الضغط

و"المصيبة" تكاليف العلاج

في يوم كغيره من الأيام، التي مرت عليه خلال ثمانية أعوام كاملة، خرج الغطاس وائل جعفر من مسكنه في مدينة شرم الشيخ، متجهًا إلى مركز الغوص الذي يعمل فيه، لاصطحاب مجموعة من السائحين للغطس في مياه البحر الأحمر. أمرٌ اعتاد عليه الشاب أسواني الأصل، لكن هذا اليوم رغم أن البداية كانت نفسها، إلا أن النهاية كتبت بطريقة مختلفة، بعد أن خرج وائل من تحت الماء مصابًا بمرض "تخفيض الضغط" (أحد أخطر الأمراض التي تصيب الغواصين)، لم يقو بعدها على حمل جسده بقدميه، هنا كان الجزء الأول من مصيبته، بينما كان الجزء الثاني عندما عرف بتكاليف العلاج الباهظة، وأن عليه وحده أن يتحملها، فليس هناك صاحب عمل يمكن أن يتحملها عنه، ولا جهات معنية تبحث له عن حقه، ولا نقابة يمكنه الرجوع إليها.

أنواع الغوص

الغوص الترفيهي

يهدف إلى الاستمتاع بالبيئة البحرية تحت المياه.

الغوص الاحترافي

يستخدم في أعمال مهنية محددة يتم إنجازها تحت الماء.

الغوص الليلي

الغوص الجليدي

الغوص الحر بدون معدات تنفس

الغوص الترفيهي

أهم أنواعه

غوص الحطام

غوص الكهوف

الغوص الانجرافي

الغوص التقني في اﻷعماق الكبيرة

الغوص العسكري

ويكون ضمن القوات البحرية الخاصة في الجيوش.

الغوص الاحترافي

أهم أنواعه

الغوص التجاري

وفيه يتم بناء المنشآت أو إصلاح السفن تحت الماء وغيرها.

صناعة الافلام والتصوير تحت الماء

"طب الأعماق" علاج أمراض الغوص لا يقدم مجانا

علاج مصابي الغوص له طرقه الخاصة، ويكون من خلال مراكز طب الأعماق، الموجودة في المدن الساحلية المشهورة بهذه السياحة الترفيهية، وهي مراكز تشبه مستشفى صغير، تحتوي على ما يعرف باسم "غرف الضغط"، ذلك الجهاز الذي يتم من خلاله علاج معظم هذه الأمراض.

ويوضح الدكتور أحمد مصطفى، نائب مدير مركز طب الأعماق بمدينة شرم الشيخ، أن علاج الأمراض التي تصيب الغواصين، تكلف الكثير من الأموال، خاصة وأن مراكز طب الأعماق لا تقدم خدماتها مجانًا أو حتى بصورة مدعمة، معتمدة في ذلك على أن أغلب الحالات التي ترد إليها من الأجانب المؤمن عليهم، ومن ثم يتحمل تأمينهم تكلفة العلاج بالكامل، وفي حالة كان المريض غير مؤمن عليه فهو من يتحمل تكلفة علاجه، إلا إذا خرج له قرارًا استثنائيًا من وزارة السياحة بالعلاج على نفقتها.

"أحمد" محترف غوص و"الحمل الزائد" .... أدة لانفجار أذنه: 16 غطسة السبب

قبل نحو عام من الآن، عاد الثلاثيني أحمد أبو غربية من دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد رحلة عمل دامت لعدة سنوات، رغبة منه في استكمال رحلته الاحترافية في مجال الغوص التي بدأت قبل 10 أعوام مضت. وبعدما التحق "أحمد" للعمل في أحد مراكز الغوص بمدينة الغردقة التابعة لمحافظة البحر الأحمر تعرض لحادث "انفجار الأذن" نتيجة "الحمل الزائد": "كان مطلوب مني يومها أغطس 16 غطسة، وغطستهم واللي حصل إن ودني فرقعت".

"تانك" الهواء

تكون نسبة الأكسجين فيه حوالي 21%، و78% نيتروجين، و1% غازات مختلفة.

متوسط السعر: 6500 جنيه.

المنظم

تحتوي معدات الغطاس على منظمين، الأول منها رئيسي مسؤول عن التنفس، والثاني احتياطي يتم استخدامه في حالات الطوارئ.

متوسط السعر: 7 آلاف جنيه.

"الماسك"

هي نظارة المياه التي يرتديها الغواص على عينيه وأنفه.

متوسط السعر: 2500 جنيه.

معدات الغطس

جهاز الطفو "بي سي دي"

هو جهاز يحمل "التانك"، والمسؤول عن طفو أو إنزال الغواص في المياه.

متوسط السعر: 50 ألف جنيه.

بدلة الغطس

هي الزي الرسمي للغواص، ولها أنواع كثيرة، ومنها ما يعادل درجة حرارة المياه مع جسم الغواص.

متوسط السعر: 3500 جنيه.

الزعانف

هي التي يرتديها الغواص في قدميه لمساعدته في السباحة تحت الماء.

متوسط السعر: 200 جنيه.

مهمة غوص "رسمية" تنتهي بشلل رباعي

في يونيو من عام 2004، وقع حادث غرق لأحد المراكب السياحية في مدينة الغردقة، طلبت محافظة البحر الأحمر حينها المساعدة من مجموعة غواصين لانتشال بعض مفقودات السائحين التي غاصت في أعماق المياه، كان من بين الغواصين مسعد جابر، يبلغ من العمر الآن 51 عامًا، لم تذهب مشاهد هذا اليوم من ذاكرته رغم مرور السنين، فقد كان ذلك اليوم هو يومه الأخير في تلك المهنة التي أحبها قبل أن يمتهنها، كان العمق الذي يفترض أن تكون عليه المركب هو 73 مترًا، إلا أن "جابر" ومن معه اكتشفوا بعد نزولهم أن المياه قد جرفتها على عمق أكبر بلغ نحو 93 مترًا، تفاجأ "جابر" وهو على هذا العمق بنفاذ الهواء من أنبوبته هو ومن معه، فخلعوا معداتهم وخرجوا إلى سطح الماء بأقصى سرعة ممكنة لهم، ليموت صديقه في الحال، ويصاب هو بمرض "تخفيض الضغط" الذي نتج عنه شلل رباعي لم يتعافى منه بشكل كامل حتى الآن.

إصابة "جابر" تنصل منها الجميع، بداية من مركز الغوص الذي كان يعمل به، وانتهاء بالمحافظة التي كلفته بالمهمة، ليقضي الغواص القعيد وحده أعواماً من المعاناة يبحث فيها عن توفير نفقات علاجه، باع كل ما يملك من شقة وأرض، ولجأ إلى أشقائه لمساعدته بعد ما استهلك كل حيله، شكاوى كثيرة تقدم بها "جابر" للحصول على "جزء من حقه"، إلا أنها كانت كلها حبيسة الأدراج.

الغواصون فئة غير معترف بها.. وغياب للقوانين المنظمة

الكابتن عز الدين محمد، مدرب الغوص الأربعيني، الذي يعمل في هذا المجال بمدينة شرم الشيخ منذ أعوام طويلة، يحكي عن أزمته وغيره من الغواصين، مقارنًا مهنته بغيرها من المهن، التي يمكن لأصحابها الحصول على قروض من البنوك بسهولة، يرون أنفسهم فئة غير معترف بها، بدءا من عدم قدرتهم على إثبات عملهم على بطاقة الهوية وصولا إلى اضطرارهم لجمع تبرعات لمن يصاب منهم أو يموت أثناء أدائه لعمله.

إيهاب الدفتار، عضو مجلس إدارة ورئيس لجنة التدريب في غرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية ، لم ينف أيًا من هذه الأزمات التي يعاني منها الغواصين، وإنما قال أنه نفسه يعاني مثلها، موضحًا أن الغرفة ليس لها أي قدرة على رفع هذه المعاناة عنهم.

ويقول الدفتار إن دور الغرفة يقتصر، وفقًا للقرار الصادر بإنشائها، أن تراعي مصالح أصحاب المؤسسات (مراكز الغوص)، التي تعمل في هذا المجال فقط، أما فيما يخص الغواص أو علاقته بصاحب العمل فهي "مشكلة" يجب أن يتم ضبطها من قبل الدولة من خلال وضع قانون لها، حيث لا توجد أي قوانين تنظم رياضة الغوص في مصر: "أنا معنديش أي قانون يلزم أي حد بأي حاجة، وأصغر ترس في المنظومة دي وأهم ترس هو المدرب ومرشد الغوص، اللي بيعاني فعلا إن هو يوصل لحد أو جهة ذات صفة تنصفه، وللأسف ده مش دور الغرفة".

بينما يؤكد الكابتن سامح الشاذلي، رئيس الاتحاد المصري للغوص والإنقاذ، ضرورة وجود نقابة تدافع عن الغواصين وتبحث عن حقوقهم، ويرى أن جميع العاملين في مجال الغوص، وليس فقط الغواص، لهم الحق في أن تكون لهم نقابة تنظم أعمالهم وترعى مصالحهم، وهو الأمر الذي نادى به الاتحاد كثيرًا، دون استجابة، على حد قوله.