مقتل جمال خاشقجي.. قصة "الموت البشع"

حادث مؤلم، موت بشع تصريحات متضاربة، تسريبات صحفية متناثرة، فصول من رواية مفرداتها حادث قتل مقدمته الغموض، وذروة الدراما فيه الإعلان الرسمي عن وفاة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لكن الفصل اﻷخير لم يكتب إلا بظهور جثة المجني عليه.
خاشقجي

قصر اليمامة

قصر اليمامة

الملك سلمان وولي عهده يستقبلان نجل خاشقجي، وعبرا عن "بالغ تعازيهما ومواساتهما لأسرة وذوي الفقيد".

جمال خاشقجي وبداية الغموض

جمال خاشقجي، كاتب وإعلامي سعودي، ولد يوم 13 أكتوبر من العام 1958، في المدينة المنورة.

بدأ مشواره في عالم الصحافة مراسلا لصحيفة "سعودي جازيت"، الناطقة بالإنجليزية، ثم مراسلا لصحيفتي "الشرق الأوسط" و"عرب نيوز" السعوديتين، وفي يومية "الحياة" اللندنية المملوكة للسعودية.

خلال مسيرته، غطى حرب الخليج الأولى وحرب أفغانستان وأحداث الجزائر ولبنان والسودان وغيرها، كما اُشتهر بعدة مقابلات صحفية، منها مع زعيم حركة "طالبان" الراحل، أسامة بن لادن.

مع بدء الأزمة الخليجية، اختار خاشقجي المنفى الإرادي، قبل نحو عام، في الولايات المتحدة الأمريكية، وصف خلال تلك الفترة بأنه معارض، ونشر عدة مقالات في صحيفة "واشنطون بوست" اﻷمريكية.

خاشقجي

في حوالي الساعة الواحدة والربع من ظهر يوم الثاني من أكتوبر دخل الصحفي السعودي جمال خاشقجي إلي قنصلية بلده في إسطنبول، للحصول أوراق رسمية، لتبدأ فصول القضية:

مرت ثلاث ساعات ولم يخرج خاشقجي من القنصلية، ما دفع سيدة تدعي خديجة تقول "إنها خطيبته وكانت تنتظره في الخارج" بابلاغ اﻷمن التركي عن اختفاء جمال خاشقجي.

من هنا بدأت الأخبار تضارب حول مصير الصحفي السعودي خاشقجي خاصة بعد إعلان الرئاسة التركية أن معلوماتها تٌفيد بوجود خاشقجي داخل القنصلية السعودية.

وفي اليوم التالي

خاشقجي

استدعت وزارة الخارجية التركية السفير السعودي في أنقرة بسبب اختفاء خاشقجي، قبل أن يدلي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتصريحات، في مقابلة مع "بلومبيرج"، قائلا:

إن خاشقجي ليس بالقنصلية وغادر بعد دقائق قليلة أو ساعة من دخوله

ويبدي استعداده للسماح لأتراك بتفتيش القنصلية.

خاشقجي
الغموض يزداد يوما بعد يوم، والصحف العالمية أصبح شغلها الشاغل قضية "اختفاء خاشقجي" ، وعبر كثير من رؤساء الدول عن متابعتهم للقضية والاهتمام بها، وأعلنت السلطات التركية تشكيل مجموعة عمل مشتركة مع السعودية للكشف عن ملابسات القضية، بناء على مقترح من الرياض، وفي خطوة مهمة سمحت المملكة العربية السعودية للسلطات التركية بتفتيش قنصليتها في إسطنبول في إطار التحقيق في اختفاء الصحافي السعودي
خاشقجي

تحقيقات مشتركة واتصالات رفيعة لحل اللغز

يوم 15 أكتوبر، وصل مسؤولون سعوديون إلى مقر القنصلية السعودية في إسطنبول، للمشاركة في التحقيقات، وفتشت الشرطة التركية مقر القنصلية بمشاركة الفريق السعودي، واستمرت عملية التفتيش لمدة 9 ساعات، شارك بها 10 محققين من الشرطة التركية و4 سيارات تابعة للطب الشرعي.
زخم من التصريحات والتسريبات، أنهتها المملكة العربية السعودية باتصالات رفيعة المستوى، بدأت باتصال من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 14 أكتوبر، وقالت وكالة الأنباء السعودية "واس" إن الملك سلمان شكر الرئيس التركي على ترحيبه باقتراح السعودية تشكيل فريق مشترك لبحث موضوع اختفاء خاشقجي، وأكد على حرص المملكة على علاقاتها بشقيقتها تركيا بقدر حرص جمهورية تركيا الشقيقة على ذلك، فيما ثمّن الرئيس التركي "العلاقات الأخوية التاريخية المتميزة بين البلدين".

بعد 24 ساعة فقط من اتصال العاهل السعودي بالرئيس التركي

خرج الرئيس الأمريكي من حديقة "البيت الأبيض" بتصريحات قال فيها إن "الحكومة السعودية والملك سلمان نفوا بشدة أي علاقة لهم باختفاء خاشقجي"، مؤكدا أنه من الممكن أن يكون هناك "قتلة مارقين" وراء ما حدث للصحفي السعودي.

في 16 أكتوبر

قال ترامب: "يبدو من المؤكد أن خاشقجي قد مات"، وبدأ محققون أتراك في تفتيتش غابة في أسطنبول في إطار التحقيق باختفاء الصحافي السعودي.

في 16 أكتوبر

أجرى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، رحلة مكوكية، إلى السعودية أعقبها زيارة إلى تركيا لإجراء محادثات بشأن الصحفي السعودي المختفي.

الفصل قبل الأخير..

إعلان الوفاة وأوامر ملكية بمعاقبة المتورطين

صباح يوم 21أكتوبر ، أعلن النائب العام السعودي وفاة الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية بإسطنبول بعد وقوع شجار مع عدد من الأشخاص داخلها.
وأكد النائب العام، أن تحقيقات النيابة العامة بشأن قضية وفاة خاشقجي ستستمر مع 18 شخصًا من داخل القنصلية، وجميعهم يحملون الجنسية السعودية، حتى الوصول إلى كل الحقائق وإعلانها، ومحاسبة جميع المتورطين في القضية وتقديمهم للعدالة.
أصدر العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، أوامر ملكية بإعفاء أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات العامة، وسعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي ،من منصبيهما.
كما أصدر أمرًا ملكيًا آخر بإنهاء خدمات عدد من الضباط بينهم قيادات في الاستخبارات العامة، وهم

مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات اللواء الطيار محمد بن صالح الرميح

مساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبدالله بن خليفة الشايع

مدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة اللواء رشاد بن حامد المحمادي.

ووجّه العاهل السعودي بتشكيل لجنة وزارية برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة، وتحديث نظامها ولوائحها وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق.
بعد إعلان وفاة خاشقجي، وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مقتله بـ"الحادث البشع"، متعهّدا بمعاقبة "كل مجرم ومذنب" بالتعاون مع أنقرة، في أول تصريحات علنية له حول القضية.
وقال ولي العهد السعودي، في تصريحات بمنتدي "مبادرة مستقبل الاستثمار" المنعقد في الرياض بعد اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وعلق:

الحادث مؤلم جدا لجميع السعوديين، خاصة لأنني مواطن سعودي، واعتقد أنه مؤلم لأي إنسان موجود في العالم، وحادث بشع غير مبرر تماما

مؤكدا أن المملكة العربية السعودية تقوم باتخاذ كافة الإجراءات القانونية للتحقيق واستكمال التحقيقات بالعمل مع الحكومة التركية للوصول إلى نتائج وتقديم المذنبين للمحاكمة وأخذ "العقاب الرادع".
واعتبر ولي العهد أن التعاون بين الحكومة السعودية وتركيا "مميز وأعرف أن الكثير يحاول استغلال هذا الظرف المؤلم لأحداث شرخ بين المملكة العربية السعودية وتركيا وأريد أن أرسل لهم رسالة من هذا المنبر: لن يستطيعوا أن يعملوا ذلك".

وينتظر العالم الفصل الأخير في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي