بألف هنا وشفا تفعيل قرار زيادة الأسعار الذى كان الدكتور «مرسى» قد جمده، ليبدأ تطبيقه بداية من مطلع نسمات العام الجديد، تلك هى هدية «بابا مرسى» إليك بهذه المناسبة.. سنة حلوة يا جميل. الخطوة كانت متوقعة، والتأجيل كان فقط من أجل تمرير الدستور، وهو ما سبق أن أنكره الإخوان وحزب الحرية والعدالة، حين أكدوا أنهم ضد قرارات زيادة الأسعار، وأن الرئيس ألغى الزيادة بعد ساعات من صدور قانون بها بسبب رقة قلبه، وإحساسه المرهف بالمواطن «الغلبان»! ليطرح الموضوع لحوار مجتمعى عام. وبحمد الله لم يستغرق الحوار أكثر من بضعة أيام، تم الاستفتاء فيها على الدستور، واشرب بعدها!
لست أدرى هل اقتنع البعض بأن الرئيس وجماعته وحزبه خدعوهم وخادعوهم و«شرّبوهم» الدستور والزيادة فى الأسعار فى كوب واحد أم لا؟ لقد تحدث الرئيس بغضب -فى خطابه أمام مجلس الشورى قبل قرار الزيادة بساعات- عن المرجفين الذين يرددون أن مصر أفلست، وقال: «من يقولون ذلك هم المفلسون»، وذكر أن الاحتياطى النقدى بخير، والتضخم عند أدنى حد له، وخير ربنا كتير، والحكومة لا تقلق على رزقها الذى فى السماء.. عنده حق! كيف تقلق حكومة تمتلك «أيدى طويلة» تستطيع أن تمدها فى جيب المواطن لتحل مشاكلها؟ كيف يقلق حاكم يتمتع بعبقرية خاصة فى عدم رؤية ما يراه الناس جميعاً، وأن يصم أذنيه عما تردده المؤسسات الاقتصادية التى تعمل تحت رئاسته، ومنها البنك المركزى الذى خرج -بعد ساعات من كلام الرئيس الوردى عن أوضاعنا الاقتصادية- ببيان يؤكد خطورة المرحلة التى وصلنا إليها؟!
قال العرب قديماً: «أول الغيث قطرة»، وفى تقديرى أن الأمر لن يتوقف بحال من الأحوال عند مجموعة السلع التى زاد سعرها، فقد يكون القادم أسوأ، وفى جراب النهضة على الطريقة الإخوانية الكثير والكثير، وقرارات رفع الدعم عن السلع المختلفة، ومن بينها البنزين والسولار، باتت وشيكة، فالنظام الجديد يريد أن يحل مشكلة العجز فى الموازنة العامة من جيوب المواطنين الذين يعانون الأمرين، لأنه لا يرغب فى وضع يديه على مليارات الصناديق الخاصة حتى لا يستفز الفلول المستفيدين منها، ويرفض أن يفرض أى نوع من التقشف على الإنفاق الحكومى، لزوم الأبهة وإحساس الإخوان بنعمة السلطة والصولجان، يكفى أن تتابع -لكى تفهم ذلك- موكب الرئيس «المفخفخ» خلال رحلته إلى مجلس الشورى، كذلك لا يسعى النظام إلى تهدئة الأوضاع بالتوافق مع القوى المعارضة لجلب الاستثمارات، حتى لا يغضب المرشد الذى يريد أن «يتأستذ» على العالم، فما بالكم بنظرته إلى هذا «الزبد» المصرى المعارض؟! الرئيس عاجز أمام الفلول، وأمام الإخوان، وأمام المرشد، أما المواطن فـ«مقدور عليه»!