طبيعى جداً أن يغضب أى مصرى إذا نال أخاً له فى الوطن ظلم أو جور، وعادى جداً أن يحتشد أمام سفارة الدولة التى أوقعت به هذا الظلم للتعبير عن غضبه، كذلك فعل المصريون أمام السفارة السعودية على هامش احتجاز المحامى «أحمد الجيزاوى» بالمملكة، وربما يحدث احتشاد مماثل خلال الأيام القادمة أمام السفارة الليبية، بعد الهجوم الغادر على الكنيسة المصرية بليبيا الذى راح ضحيته مواطنان مصريان. وقد كان من اللافت للغاية أن يتقاطر أفراد من جماعة الإخوان على محيط السفارة الإماراتية -أول أمس- للتعبير عن تنديدهم بالقبض على 15 مصرياً يعملون بدولة الإمارات، تتهمهم السلطات هناك بأنهم سعوا إلى تكوين خلية إخوانية!
اللافت فى هذا المشهد أن الإخوان لم يسبق لهم التظاهر من أجل مصريين يعانون ظلماً داخل أى دولة عربية أو أجنبية، فالتجربة تشهد أنهم لم يشاركوا فى المظاهرات الحاشدة حول السفارة السعودية للمطالبة برفع الظلم عن الناشط «أحمد الجيزاوى»، بل من المعلوم أن عدداً من رموزهم -وفى المقدمة الدكتور سعد الكتاتنى وإخوان الشعب والشورى- هرولوا مع المهرولين، وطاروا إلى المملكة العربية السعودية لتقديم واجب الاعتذار إلى الملك عبدالله عندما غضب من تظاهر الشباب أمام السفارة «المقدسة». لم تقف «دقن» إخوانية واحدة أمام سفارة المملكة بالقاهرة، لتعبر -ولو بالامتعاض- عن رفض الظلم الواقع على «الجيزاوى»، وهو الموقف نفسه الذى تبناه أصحاب «الدقون» الإخوانية عندما تم جلد مواطنة مصرية فى المملكة 500 جلدة. ومؤكد أن أحداً لا يتوقع طبعاً أن يذهب الإخوان للاحتشاد أمام السفارة الليبية، اعتراضاً على مقتل مواطنين مصريين هناك، لا لشىء إلا لأنهما مسيحيان قابلا ربهما فى انفجار قنبلة داخل إحدى الكنائس.
إذن الإخوان تظاهروا من أجل المصريين الـ«15» المعتقلين فى الإمارات، لأنهم من «الجماعة» ليس إلا، لأن المصرى فى نظرهم لا بد أن يكون «إخوانياً» حتى يستوجب الاهتمام السامى، أما غير الإخوان فلا يستحقون شيئاً، وهم مواطنون من الدرجة الثالثة أو الرابعة (بعد المواطن السلفى والمنتمى إلى الجماعة الإسلامية)، ومهما تعرضوا لظلم -ولو وصل إلى حد الجلد والقتل- داخل دولة عربية أو أجنبية، فإن الأمر لا يدعو إلى التحرك، لأنهم لا يحملون بصمة الانتماء التنظيمى، وليس يهم الانتماء الوطنى، فـ«مصر» و«مصرى» كلمتان بلا معنى فى قاموس الجماعة، فالأخ هو أخوك فى الجماعة، وليس أخوك فى الوطن. المشكلة أن الإخوان الذين احتشدوا حول سفارة الإمارات أدانوا المواطنين المصريين المقبوض عليهم هناك من حيث أرادوا الدفاع عنهم، لأنهم أثبتوا بالدليل القاطع وبالبرهان الساطع أنهم ينتمون إلى «الإخوان»، وهى نفس التهمة الموجهة إليهم من السلطات الإماراتية.. والجماعة هناك ما زالت محظورة و«محصورة»!