* ماذا تفعل القطة في الصندوق المغلق، ومعها عنصر مشع تتحلل ذراته تدريجيًّا؟
- لقد وضعها هناك شرودنجر محاولًا البرهنة على أساسٍ علمي خطير!.
* ماذا سيحدث للقطة إذا تحلَّلَ العنصر المشعُّ حتى الذرة الأخيرة.
- ستنطلق مطرقة تقتل القطة على الفور.
* ماذا سيحدث للقطة إذا لم يتحلل العنصر المشع؟
- لن يحدث للقطة شيء.
* ما التجربة في ذلك؟ ماذا يريد شرودنجر؟
دون أن نخوض في مسائل تتعلق بميكانيكا الكم، وهدم مبادئ الميكانيكا الكلاسيكية، سنبسط التجربة: شرودنجر أراد أن يُثبِتَ أن هناك طرقًا متعددة للصواب الواحد، وأنه ليس ثمة ما يسمى الحقيقة القاطعة.. فاخترع هذه التجربة الذهنية؛ سيضع قطة في صندوق ومعها عداد جايجر لقياس المواد المشعة وعنصر يتحلل باحتمالية 50% (أي أنه قد يتحلل أو لا يتحلل بالدرجة ذاتها)، وإذا تحلل العنصر فسوف يحفِّز عداد جايجر الذي سيحرك مطرقة تقتل القطة، وإذا لم يتحلل العنصر، فلن يحدث للقطة شيء.. لا مشكلة!.
بل هناك مشكلة كبرى.
إن السؤال الذي يطرحه شرودنجر هو: قبل أن تفتح الصندوق لتنظر هل ماتت القطة أم لا، هل يمكنك أن تجزم بحالة القطة؟
- بالطبع لا، فاحتمال حياتها يساوي احتمال موتها.. القطة هكذا تكون نافقة (ميتة) وحية في آن معًا.
ولفهم ذلك، سأقول لك: أنت الآن في طريقك لفتح الصندوق، ماذا تتوقع أن تجد؟
سأتوقع أن أجد القطة حية أو ميتة، فهي ليست حية تمامًا وليست ميتة تمامًا.
بالضبط هذا ما يسمى بـ(دالة الحياة والموت)، وهذا يعني أن احتمال موتها وحياتها، كلاهما صائب بالقدر ذاته!.
* لكنها في الحقيقة إما حية أو ميتة؟!
نعم، لكننا في الحقيقة لا نستطيع الجزم بأحدهما دون وضع الاحتمال الثاني في الاعتبار.
هذا ما دفع آينشتاين (طبعًا بعد أن أبدل العنصر المشع في المثال ببارود قد ينفجر أو لا) إلى أن يرفض ميكانيكا الكم حتى آخر يوم في حياته.
لقد أودى ذلك بستيفن هوكينج (نعم ذلك الْمُقْعَد الذي حرَّك العالم بعقله المجرد) إلى أن يقول: من جاءني يتحدث في (قطة شرودنجر)، فسأُخرِج بندقيتي وأقتله.
هذا أهون بكثير من معضلة أكثر تعقيدًا، تدعى «معضلة السجين»، أو «متناقضة السجين»!.
تقوم هذه المعضلة على أن متهمَيْنِ صديقين يُحقَّقُ معهما بعد سرقة كبيرة أمام الضابط في قسم الشرطة، والضابط لا يملك دليلاً على تورطهما، ويحاول استدراجهما أو أحدهما للاعتراف، فأخذ كل واحد منهما على انفراد بعيدًا عن صديقه ليعترف.
وكان القانون أنه إذا شهد الأول على صديقه، ولم يشهد الثاني، فإن من شهد ينال البراءة والثاني ينال عشر سنوات سجنًا.
أما إذا شهد الاثنان على بعضهما فسوف ينال كل منهما خمس سنوات سجنًا.
وإذا امتنع الاثنان عن الشهادة، أخذ كلاهما ستة أشهر فقط.
ويمكن تمثيل هذا الموقف بهذا الجدول المبسط:
الشاهد الأول الشاهد الثاني الحكم على الأول الحكم على الثاني
امتنع امتنع ستة أشهر ستة أشهر
اعترف على الثاني امتنع براءة عشر سنوات
اعترف على الثاني اعترف على الأول خمس سنوات خمس سنوات
امتنع اعترف على الأول عشر سنوات براءة
سوف تظهر عدة إجابات كلها صحيحة لهذا المثال (اختلف علماء الاجتماع والنفس والفلاسفة حول هذه المعضلة اختلافًا كبيرًا)؛ فقد تقول إن اختيار عدم الاعتراف من كليهما يعني المخاطرة بالاختيار بين أقل عقوبة وأقصاها، ولكن إن الاعتراف يودي إلى النتيجة نفسها، فالمتهم الأول لا يدرك رد فعل زميله في كل حال!.
لو أنت مكانهما (لا قدر الله لك أن تسرق وينكشف أمرك) ماذا ستختار؟.
ملحوظة: قبل أن تفتح الصندوق على قطة شرودنجر هل تعتقد أنها حية أم قتلتها المطرقة؟!
سؤال أخير: هل لمحت المقصود.. هل تأكدت من أن هناك طرقًا مختلفة لحقيقة واحدة؟!
ما زلت تشكك، حسنًا في المقال التالي ربما تقتنع!
(ماشي)؟!!