«نصيبنا كده» شعار بعض العاطلين مع سبق الإصرار: كله على الجاهز
المقاهى والكافيهات يلجأ إليها العاطلون لـ«التسلية» و«تضييع الوقت»
بصوت مرتفع يسمعه كل المارة فى طرقات مستشفى الأحرار بالزقازيق، يصيح أحمد منصور الذى يتمدد على سرير فى إحدى غرف المستشفى: «خرّجونى من هنا.. عايز أمشى»، تجلس زوجته تبكى بدموع حارقة على حالها، تقول: «كل واحد فى الدنيا بياخد نصيبه، جوزى ده مدمن مخدرات بقاله 4 سنين، اتجوزنا وماكنتش أعرف إنه بيشرب مخدرات، كان بيشتغل فى شغلانة حراسة أراضى، ولما سألته إيه حراسة الأرضى دى، قال لى شغلانة عادية».
«حاتم» ظل 33 سنة يتلقى الأموال من عائلته.. وفى النهاية سافر إلى ليبيا دون رجعة
وتضيف زوجة «أحمد»: «بعد 5 شهور من زواجنا ماشفتش جوزى اشتغل فى حاجة، كنا بنصرف من الفلوس اللى بيبعتوها له أهله، وأهله دول ناس عرب، وعرفت إن شغلهم كله قائم على حراسة الأرضى لرجال الأعمال فى الصحراء والمدن الجديدة مقابل إتاوات بيفرضوها عليهم وهما عايشين كده، وزوجى عايش على كده برضو، كل يوم يجيله فلوس من غير ما يشتغل، وكان بيشترى بيها برشام وحشيش، لغاية لما عمل حادثة وهو راجع بالليل من عند أصحابه اللى كان بيسهر عندهم».
وتتابع: «لما كنت بطلب منه إنه يشتغل فى أى شغلانة كويسة حلال كان بيضربنى ويقول لى مالكيش دعوة، أنا أهلى بيبعتولى كل اللى أنا عايزه، عندى منه طفلين، بنت عندها 4 سنين، وولد عنده سنتين، نفسى أعلمهم كويس، بس للأسف كل الفلوس اللى بتيجى لأبوهم بيصرفها على المخدرات والبرشام والسهر، جوزى مرمى فى المستشفى أهوه مش قادرة أعالجه ومفيش مصحة للإدمان راضية تقبله، مصاريف العلاج كتير، وهجيب منين؟ ربنا يهديه ويتوب عليه من المخدرات ويشتغل شغلانة حلال نربى بيها أولادنا».
«إبراهيم» سوّاح فى بلاد الله.. ووالدته: «كل ما يعوز فلوس يبيع قيراط من أرض أبوه»
«حاتم صلاح، شاب يبلغ من العمر 33 سنة، طلق زوجته بعد أن رفضت العيش معه، كسول لا يعمل، يحب النوم أكثر من أى شىء آخر، لا يكلف نفسه عناء البحث عن أى عمل، ينام طول النهار ليسهر طوال الليل مع أصدقائه، على المقهى أو فى أى منزل من منازلهم»، بهذه الكلمات بدأت أخت حاتم الحديث عن أخيها الذى يكبرها بثلاث سنوات، تقول أم محمد، التى تسكن فى منطقة البساتين، وتعمل بائعة خضار: «أبويا خلّف 3 أبناء أنا وأختى وحاتم، ولأنه الولد الوحيد كان مدلل، أبويا ماكانش بيرضى يخلى حاتم يشتغل أبداً، كان بيخاف عليه لدرجة إنه كان بيوديه المدرسة ويجبيبه كل يوم، لو طلب جنيه أبويا بيدى له عشرة، وأى لبس وأى حاجة كان بيوفرها له»، وتتابع: «حاتم لما كبر وأخد دبلوم كان المفروض يشتغل، بس هو ماكانش بيحب الشغل خالص، بدأ يشرب سجاير ويسهر بره البيت لغاية الفجر ويرجع لنا عينيه حمرا ومش قادر يتكلم، ينام طول النهار وهكذا».
توضح «أم محمد»، أخت حاتم، أن أباها زوّجها هى وأختها ولم يساعده حاتم فى أى شىء: «مابيشتغلش، وكان أبويا بيدى له كل اللى هو عايزه، لكن الأمر لم يستمر طويلاً بعد وفاة أبى، أبويا مات وحاتم خلاص مابقاش فيه حد بيساعده، وعلشان هو وحيد مادخلش الجيش، يا ريته دخل الجيش كان اتعلّم أى حاجة تنفعه، كل الناس كانت بتقول مش هيصلح حال حاتم غير الجيش، هو مصنع الرجال، لكنه وحيد، وماكلفش نفسه إنه يروح منطقة التجنيد يعرفهم إنه وحيد علشان مايحصلش له مشاكل بعد كده». وتتابع: «بعد وفاة أبويا كنت بساعده أنا وأختى، على أمل إنه يشتغل لكن كان كل مرة يروح فيها شغلانة يتخانق مع صاحب الشغل ويسيبه ويمشى، كل شهرين تلاتة يشتغل يومين، مرة فى مصنع ومرة فى مطعم».
وتضيف أخت حاتم: «قررنا نخطب له ونجوزه، ذهبنا لعائلة طيبة فى منطقة جنبنا وطلبنا إيد بنتهم ووافقوا، واتجوز أخويا وبعد شهر من الزواج لم يغادر بيته، بدأت زوجته تطالبه بالخروج للعمل لكنه كان يرفض، حاولنا نساعده على قد ما قدرنا، لكن هو ماكنش عايز يساعد نفسه، زوجته سابت البيت وراحت تعيش عند أهلها لأنه ماكنش بيصرف عليها، حاولنا نرجّعها تانى لكن أبوها رفض وقال لنا بنتى مش هتعيش مع راجل عاطل وكسول، قررنا أنا وأختى نبيع شوية دهب كان أبويا جايبهولنا، ونشترى له توك توك يشتغل عليه، بدأ يشتغل ورجّع زوجته، وبعد 3 شهور، أعطى التوك توك لسواق يشتغل عليه وهو قعد فى البيت».
وتضيف: «أخويا باع التوك توك وصرف فلوسه، والحمد لله إنه ماخلفش من مراته، لأنه طلقها وسافر ليبيا ومانعرفش عنه أى حاجة لغاية النهارده»، وتتابع: «أنا عايزة أقول لكل أب وأم بلاش تظلموا أولادكم بدلع زايد، خلى الطفل يعتمد على نفسه علشان لما يكبر يقدر يفتح بيت، دلع أبويا وأمى لأخويا سبب فشله وكسله، أنا عندى أولاد وبعلّمهم يعتمدوا على نفسهم ومايكونوش عالة على حد، الدنيا صعبة ومابترحمش، علشان كده لازم عيالى يطلعوا رجالة علشان يقدروا يواجهوا الحياة».
«ابنى مابيشتغلش خالص، ولا عايز يشتغل، بيعتمد على بيع أرضه اللى ورثها عن أبوه، ومش عايز يتجوز، عنده 30 سنة وبنى له بيت، وبرضه رافض الجواز، عايش سواح فى بلاد الله، يوم هنا ويوم هناك»، بهذه الكلمات بدأت الحاجة ليلى عويض، من إحدى قرى محافظة الشرقية، حديثها عن ابنها إبراهيم، وتضيف: «عندى 4 أبناء، إبراهيم أصغرهم، وكلهم متزوجين ومخلفين، لكن إبراهيم مش عايز يتجوز خالص، باع نص أرضه وبنى له بيت، وكل 5 شهور يبيع قيراط من الأرض ويصرف تمنه، ماعرفش لما أرضه دى هتخلص هيعيش إزاى». وتتابع «أم إبراهيم»: «ابنى مش عايز يسمع كلامى، عايش سواح فى بلاد الله، مابيحبش الشغل مع إنه راجل ويقدر يشتغل فى أى حاجة، بس أهو بيعتمد على بيع الأرض وخلاص، هو علشان أصغر واحد فى اخواته كان متدلع شوية، بس ماينفعش يفضل كده على طول، أرضه هتخلص».