ليس معنى حديثى عن الفساد داخل «الأزهر» باعتباره مؤسسة إدارية عملاقة، قبل أن تكون دعوية عالمية عظيمة وموقرة، أن ينسحب ذلك على فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، كما يقول «المرجفون فى المشيخة»!
فمقام شيخ الأزهر عالٍ وقدير وشامخ، لا سيما أن الإمام «الطيب» مشهود له، عن حق، بالعفة والنزاهة، فضلاً عن الأمانة والزهد، وشخصياً أعلم الكثير عن مواقف فضيلته المُشرفة، فضلاً عن شرف نسبه وطيب أصله الكريم، وهذا ليس بيت القصيد.
بيت القصيد هو «بعض» معاونى «الشيخ» من المنتفعين الذين قفزوا على المشيخة، بالمداهنة والتملق، وتخطوا رقاب العلماء والأساتذة الكبار والكوادر العلمية، التى يزخر بها الأزهر دوماً، جامعاً وجامعة، حتى عاثوا فساداً، ولم يرقبوا فى «الأزهر» إلّاً ولا ذمة.
قصص فساد «معاونى» الإمام الأكبر، أزكمت الأنوف بعد انتشارها، والآن توثقها أجهزة «سيادية»، فضلاً عن الأجهزة المحاسبية والرقابية التى حركتها سلسلة مقالاتى بعد سؤالى عن صحة ما أكتب، وما أمتلك من معلومات، وهى الآن تراجع هذه «الوقائع» التى لن أكتب عنها، حفاظاً على سمعة المؤسسة الكبيرة من أن تتلقفها بعض ألسنة المغرضين المتربصين فى الداخل والخارج، خصوصاً أن هذه القصص صارت «بقعاً سوداء» فى ثياب «الأزهر» البيضاء، وإن كان رحيل هؤلاء بإذن الله قريب، بعد التحقيق والمحاسبة، سيزيل آثارها لا ريب.
سؤالى اليوم عن حجم الأموال والتبرعات التى تلقاها «الأزهر» بعد ثورة 30 يونيو، وتحديداً من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن دولة الكويت وسلطنة عمان والبحرين، والدول الأخرى، وما أوجه صرف هذه الأموال، وأين صناديق الأزهر الخاصة من التبرعات والزكاة والصدقات؟
من المسئول عن هذه الصناديق، وهل لها لوائح معتمدة من وزارة المالية لاستبيان وتحديد أوجه صرفها، لأنه، وبحسب القانون، فإن أى صندوق لا بد أن تكون له لائحة معتمدة تُشرف عليها وزارة المالية، أم أن الأمور تسير بعيداً عن اللوائح والقوانين المنظمة لأوجه الإنفاق والصرف؟
لماذا لا تُعلن «مشيخة الأزهر» حجم هذه الصناديق، وكمّ المساعدات الخارجية، خاصة أننا لم نر أى تحسن طرأ على «البنية التحتية» لمؤسسات الأزهر من تطوير فى المعاهد الأزهرية، وبعضها آيل للسقوط، أو لمبانى الجامعة المتهالكة فى القاهرة والأقاليم؟
أنا لا أشكك فى طريقة إدارة فضيلة الإمام الأكبر لهذه الأموال، وتلك الصناديق، ولكن نحن فى زمن الشفافية ومكافحة الفساد.. ولو لم يكن لدى «الأزهر» تلك الشفافية والوضوح فى إعلان هذه الأموال، فعند من تكون إذن؟
نريد فقط أن نقضى على الشائعات والشبهات، ونقطع الألسنة التى تتطاول على أزهرنا، إن تطاولت بغير حق، لأن المشكلة الحقيقية هى غياب المعلومات والشفافية مع تحكم «عصابة» من المحيطين بفضيلة الإمام الأكبر فى مقاليد الأمور داخل المشيخة و«بعضها» ليس فوق مستوى الشبهات!
نريد أن نحمى الأزهر وشيخه من «عصابة» السوء المحيطة به، ونريد سمعة المشيخة نقية، لا يمسها حاقد أو حاسد ولا متطاول، أما الحديث عن «عصابة» المنتفعين، وأذنابهم، وأُجرائهم ممن يستخدمونهم رغباً تارة، ورهباً تارة أخرى، فسيكون فى مقالات مقبلة بالتفصيل، وعن مخالفاتهم وجرائمهم، وللأسف الشديد «بعض» هؤلاء يهددون بعصى الشيخ نفسه لا يحملها، ولا يستخدمها، ولا يلوح بها، ما يجعل هذه «العصابة» عبئاً كبيراً عليه، وحملا ثقيلاً على تاريخه، وخصماً من رصيده، داخل الأزهر وخارجه.