تظاهر مجموعة من الشباب السلفى وحركة «صامدون» يوم الجمعة الماضى أمام السفارة الفرنسية، حيث علت أصواتهم بلعن فرنسا، بسبب هجوم قواتها على «إخوانهم المسلمين» فى مالى، لمنع وصولهم إلى الحكم هناك، وطالب الشيخ «محمد الظواهرى» الرئيس «مرسى» بطرد السفير الفرنسى من القاهرة، كأقل رد على استمرار فرنسا فى هجومها على «مالى». لم يشارك فى هذه المظاهرة بالطبع أى مواطن عادى، لأن لسان حال هذا المواطن يقول «طب وأنا مالى.. ما كفاية اللى جرالى»!.
كذا يفعل الإسلاميون بعد ساعات قليلة من حادث قطار البدرشين، وقطار «أرض اللوا»، ومأساة عمارة المعمورة بالإسكندرية، تلك الحوادث التى مات فيها العشرات وأصيب المئات. لم يبرد الدم المصرى بعد حتى يبحث الإسلاميون عن الثأر للدم «المالى»!. وللأسف الشديد فقد تدفقت العديد من الأحداث والفعاليات خلال الأيام الماضية تؤكد أن أبناء الفصائل الإسلامية لا يرون لكلمة «مصر» معنى فى قاموسهم. مصر «متفرقش» مع الإسلاميين فى «حاجة»، لأنهم يتصورن أن جنسية المسلم عقيدته، وأن المسلم الإخوانى فى «مالى» أقرب إليهم من ذلك المسلم المصرى الذى لا يتسلفن أو يتأخون.
وليتهم ينظرون إلى هذا البلد «المحزون» وأهله «الحزانى» نظرة محايدة، إنهم يحتقرون هذا الشعب ويكرهون البلد الذى أنجبه. فـ«مصر» -من وجهة نظر هؤلاء- لا تزيد عن محطة من المحطات التى يجب أن يصلوا إليها، ليسيطروا عليها، فى طريق استرداد عرش الخلافة البائد. ذلك الوهم الذى يعشش فى أفئدتهم، فيجعلهم لا ينظرون إلى المصريين، إلا كمجموعة من الجند الواجب تسخيرهم من أجل تحقيق أحلامهم الساذجة. فحتى عندما يستشهدون بقول النبى صلى الله عليه وسلم وهو يصف أهل مصر بأنهم «خير أجناد الأرض»، فإنهم يفسّرون وجه الخير فى جند مصر بـ«الطاعة»، وأول الطاعة لا بد أن تكون لأصحاب الدقون الذين يرون فى أنفسهم حماة حمى الإسلام!.
السلفى والإخوانى لا يرى فى مصر قولاً أجمل من قول عمرو بن العاص عندما أرسل للخليفة عمر بن الخطاب يصف له مصر قائلاً: «مصر يا أمير المؤمنين: نيلها عجب، وترابها ذهب، ورجالها طرب، ونساؤها لعب، وهى لمن غلب». مصر فى وجدان هؤلاء جزء من كل هو «دولة الإسلام» وليست «كلاً متكاملاً»، لذلك تجدهم يحاولون أن يصمّوا آذان رجال هذا البلد الذين يستخفهم الطرب والنغم الجميل، ولا يجدون فى نسائه سوى ذلك الجانب «اللعوب» القادر على إشباع الغرائز، ألم تسمع الشيخ «العريفى» وهو يذكر قول الإمام الشافعى «من لم يتزوج مصرية لم يكمل إحسانه»!. أما النكتة فترتبط بظن تلك «الدقون» أنها استطاعت أن تغلب هذا الشعب على أمره.. ابقوا قابلونى!.