كلتاهما حملة على موقع "فيسبوك"، لكن الفارق بينهما شاسع، والمتأمّل لكل منهما يتضح له العديد من الملاحظات، أغلبها آسفٌ مرٍ ومخزٍ.
"صورتك وانت صغير".. فكرته ببساطة أن كل شخص يضع صورة له من مرحلة الطفولة، ثم تطوَّرت الفكرة إلى مقارنتها بصورته وهو كبير أو صورته ومن يشبهه من النماذج الأشهر في عالم الكوميديا والسخرية، الحدث وجد تفاعلًا غير طبيعي حيث تجاوز عدد متابعيه المليون متابع.. نعم الرقم حقيقي، تجاوز العدد المليون، وألهم الحدث آخرين لابتكار أشكال أخرى مثل "صورتك وانت بتشتغل" و"صورتك وانت بلحية" و"صورتك وانت بتلعب رياضة" وغيرها وغيرها!
"كوبري يساوي حياة".. حملة بدأها أصدقاء أحمد عباس، والذي حالفه الحظ لكونه كان يعمل في إحدى المكتبات الشهيرة وله من الأصدقاء المخلصين الكثيرين، أحمد توفاه الله في حادث أثناء عبوره للطريق الدائري الأسبوع الماضي متوجهًا إلى عمله في ذلك المول الشهير على مدخل التجمع الخامس، أحمد لم يكن سوى أحد الضحايا الذين يسقطون يوميًا على نفس الطريق وبنفس الطريقة، منهم العاملون بالمركز التجاري الشهير ومنهم رواده.
أحمد عباس لم يكن الأخير ففي نفس اليوم توفيت فتاة أخرى في نفس المكان، وبعده بيوم توفيت فتاة ثانية أثناء عبورها الطريق أمام مدينة الإنتاج الإعلامي بأكتوبر، تلتها فتاة أخرى أمام ذلك المول الشهير المواجه لمطار القاهرة بمساكن الشيراتون، وغيرهم الكثير، ولم يتوقف حمام الدم حتى اللحظة.
المشكلة أنّ واضعي تصاميم تلك الطرق السريعة من البداية لم يضعوا من الأصل حسابًا لوجود بشر، ويبدو أنّها إحدى آفات حارتنا، ليس فقط النسيان، وإنّما الاسترخاص، أو رسوخ فكرة انعدام قيمة أو سعر الإنسان، يمكن لأننا من سنين طويلة نرى في كل التعاملات الرسمية ذلك المبدأ وكأنه من باب "عندنا منهم كتير".
المتأمّل في الحملتين يكتشف أن حملة #كوبري_يساوي_حياة لم يتعد المشاركين فيها بضع آلاف!، بالرغم من أهمية وخطورة الموضوع المطروح، لكن يبدو أن الجدية أو الأهمية ليس لهما أي علاقة بالانتشار بين طبقات الشباب المختلفة.
المتأمّل أيضًا لكلا الحملتين يتأكد أنّ المجتمع يبحث عن المخدرات بأي شكل، يبحث عما يصرفه عن واقعه المذري ولو بضحكات ساخرة حتى من نفسه أو عليها.
المتأمّل أيضًا لكلتا الحملتين يستطيع أن يتخيل ما هو شكل الأمة المصرية بعد عقدين أو ثلاثة عقود من الآن "في حالة استمرارية ترتيب الأولويات عند أهم فئة مجتمعية فيه، بهذا الشكل".
لن أتكلم كثيرًا عن استهتار رجال الأعمال بأرواح من يدرِّون عليهم المليارات سنويًا، فقد سبقتهم الحكومات المتوالية في ذلك بل غضت الطرف تمامًا عن ذلك الاستهتار فسمحت فقيام تلك المولات على أغلب الطرق السريعة دون اشتراطات سلامة محترمة أبسطها كوبري مشاة.
لكن سأسرد بعض الأرقام فقط، حقائق مجردة خالية من أي تعبيرات عل وعسى تجد من يتأمّلها:
- مصر أم الدنيا، هي الدولة الأولى على مستوى العالم في معدلات حوادث الطرق سنويًا.
- 1.4 مليون حالة وفاة على مستوى العالم سنويًا جراء حوادث الطرق.
- 13 ألف حالة وفاة سنويًا في مصر بسبب حوادث الطرق، "الرقم الرسمي".
- 60 ألف حالة إصابة في مصر سنويًا جراء حوادث الطرق.
- 60% من حالات الوفاة أو الاصابة في حوادث الطرق، شباب بين 15 و44 عامًا.
- 17 مليار جنيه سنويًا، خسائر الاقتصاد المصري جراء حوادث الطرق.
لو حابب تبقي إيجابي، وتعمل أبسط حاجة، شارك معانا في الضغط على أصحاب المولات والجامعات الخاصة بمشارتك في حملتنا #كوبري_يساوي_حياة من هنا:
لو حابين تعرفوا معلومات طبية أكتر ممكن تنوروني على صفحتي على "فيس بوك"
كمان ممكن تتفرجوا على فيديوهاتنا الطبية اللي من الآخر، "في العضل" من هنا: