بدون مقدمات تستنزف الأوقات فيه شوية حاجات بتغيظني وبتستفزني للغاية.
أولها: عبارة "أصلهم نجوم مواقع التواصل الاجتماعي" والباقيين يعني ولاد البطة السودة ولا ولاد الهوت دوج؟.
على كلٍ لا أجد مبررًا لفكرة نجم موقع تواصل؛ فمواقع التواصل باتت حاليًا وسيلة للتناحر الاجتماعي والردح الاجتماعي والتلقيح الجماعي ولا ننسى طبعًا المشاحنات السياسية والرياضية والفكرية، والغريب أنّ كثيرًا من الشباب باتوا يلتفّون حول بعض "الأكونتات" لشخصيات بعينها والنتيجة حصيلة لغويّة ثريّة من الألفاظ النابية والثقافة المسطّحة والعقول المفلطحة غير المرنة في التعامل مع الأمور والحكم على الأشياء.
إدمان تلك الشخصيات جعل منها نجومًا في سماء عالم التافهين والسطحيين ممن يظنون أن الشير واللايك لفلان أو فلانة من نجوم مواقع التواصل تلك يعني أنهم a la mode ومواكبون لما يحدث وعصريو التفكير ويفتخرون بإعادة نشر آراء سخيفة لا تسمن ولا تغني من جوع لأولئك النجوم المزيفين.
في المقابل هنالك "بروفايلات" ناس يستحقون المتابعة عن جدارة ولكنهم ليسوا على هوى القطاع العريض من الشباب الذي يرغب في آراء "التيك آواي" ويلهث وراء أكبر قدر ممكن من الشتائم كي يبيّن أنهم متابع جيّد لنجم موقع التواصل ذاك، وربما نجوم تلك المواقع أصلًا "ملهمش لازمة" في الواقع ولا إنجاز يُذكر!.
ثانيها: أنا داخل مود "نوستالوجي" طيب يا سيدي ادخل برِجلك اليمين!
من الظواهر الطريفة حاليًا إن أي حد يسمع موسيقى قديمة أو يرجع لجو ليالي الحلميّة وعبقريات أسامة أنور عكاشة الدرامية أو مثلًا يتفرج على برنامج "صاحبة السعادة" يقول لك: "أصلي داخل حالة من النوستالجيا ودي مش جاية من الجبنة النستو" (وإنما هي حالة الحنين والاشتياق للماضي) وانزل بأغنية محمد فؤاد خدني الحنين.
عمومًا لو أخدك الحنين للماضي خليك في أخلاق أهل الماضي وزمن الفن الجميل مش زمن التحرش الأصيل ودعونا لا نترك أنفسنا في الماضي حتى لا ننسى كيف نحيا الحاضر.
ثالثها: "ده عبث في اللاوجود" يا ولد!.. تهدها الثقافة بصوت "أبلة فاهيتا".
ما معنى أن تنتقد كل شيء في الحياة وتُتبع ذلك بهاشتاج "عبث"؟ ما المغزى من أن تقول "أنا عقلي في اللاوجود"، وهل اللاوجود ده موجود ضمن محطات مترو خط المرج مثلًا؟!.
الغريب أنّ كثيرًا منّا بات يجد صدى لهذا الكلام غير المفهوم حينما يكتبه إذ يردده الآخرون من ورائه دون وعي وحتى لا نعبث في هذا الموضوع كثيرًا تذكر أنّ الله لم يخلقك عبثًا فإذا انتقدت شيئًا عليك بأن تأتي بالبديل أو الحل أو تكون أنت ببساطة التغيير المرغوب أما الفقاعة العبثية التي تحيا بها فلا جدوى منها سوى تجميع "اللايكات".
رابعها: استحلفك بالله أن تنشرها وإن لم تفعل.. إلخ إلخ.
جهنم وبئس المصير، الشيطان منعك ولعب في دماغك، هتشوف كارثة.. إلى غير ذلك مما أصفه بالتسول الإلكتروني فضلًا عن البوستات الغريبة مثل: "كلمة الله على جبهة طفل"، و"كلمة محمد على ثمرة فاكهة"، صدقوني كل هذا ما هو إلا وسيلة رخيصة لزيادة اللايكات لصفحات لا تمت للدين الإسلامي بصلة، وتذكروا أنّ النية هي الأهم فإذا قمنا بنشر "لا إله إلا الله" لأن أدمن الصفحة الإلكترونية استحلفك أن يتحدى الشيطان لتفعلها فمن وجهة نظري المتواضعة "هذا حقًا عبث!"، فالله ينظر للنية الخالصة وليس نية الأدمن!.
خامسهم: أنت بتقول صباح التفاؤل؟!
أصبح التفاؤل في مجتمعنا عملة نادرة يصعب الوصول إليها أكثر من العملة الصعبة، فمن السهل أن تجدوا من يصبّحون عليك واقعيًا بتكشيرة أو افتراضيًا ببوست حزين على الصبح على غرار "حسبي الله ونعم الوكيل"، "صباحكم زفت يا عالم بايظة"، "ناس وضيعة".. إلخ إلخ.
أظن أنّ التفاؤل الآن صار جريمة ومن الممكن أن يُسجن أو يُقبض على من يثبت عليه تهمة التفاؤل أو نشر السعادة، وإذا وجدتم هذا المتفائل احترموه وحافظوا عليه حتى لا يصيبه داء التعاسة السائد. وفي الآخر مقدرش أقول غير إن الخمس حاجات دول بيضايقوني أصلها حاجة تغيظ ولا إيه؟!.