الكلام المضحك الذى خرج على لسان عدد من أعضاء هيئة علماء الأزهر، الذى وصفوا فيه الدكتور محمد مرسى بـ«أمير المؤمنين» يتشابه، إن لم يتطابق، مع الكلام الذى كانت تردده «دقون المخلوع» الرسمية والسلفية قبل ثورة 25 يناير 2011، حين خرجوا علينا يحرمون التظاهر ضد الحاكم، ويصفون من يدعو إلى إسقاطه بـ«الخوارج». وكفى بذلك مؤشراً على أننا لم نتقدم خطوة إلى الأمام على مدار سنتين، وكأن ثورة لم تقُم.
هذا الكلام قد يشكل إساءة لهيئة كبار العلماء، أو الأزهر نفسه، لكن الإساءة الكبرى سوف تلحق بالإسلام نفسه. فهذا الحديث «الركيك» يقدّم المسلمين إلى العالم على أنهم مجموعة من العبيد أو قطعان الماشية التى «يسوقها» أمير المؤمنين حيث يريد، مما يتناقض مع أبسط قيم الإسلام الذى يدعو معتنقيه إلى الثورة على الظلم «وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ». فجوهر الإسلام كعقيدة يرتبط بتغيير الواقع الظالم إلى واقع أكثر عدلاً، كذلك كانت رسالة النبى، صلى الله عليه وسلم، وكذلك أدى المسلمون فى عصر الخلفاء الراشدين، حتى لو اقتضى الأمر اغتيال الحاكم، على فضله وحسن بلائه فى الإسلام، بمجرد إحساسهم بظلمه.
الرئيس «مرسى» يا «مشايخ» لا يملك شيئاً حتى تتوّجوه بتاج «إمارة المؤمنين». لا يملك «العدل»، حين ينظر فلا يرى فى المصريين غير إخوانه، أما من عداهم فحديد أو حجر. لا يملك القدرة على التعامل مع المشكلات؛ لأنه باستمرار ينتظر القرارات التى تأتيه من مكتب الإرشاد، ليذيعها عبر ميكروفون حنجرته، ثم يهرول بعد ذلك لينام، حتى يصحو مبكراً لأداء صلاة الفجر، ليخرج علينا أمثالكم بعد ذلك صارخين: «رئيسكم يصلى الفجر.. ألا تكبرون»؟!
الأخطر من كل هذا أن الرئيس «مرسى» لا يملك ما يمكن أن نطلق عليه «إحساس الحاكم المسلم»؛ فدماء المصريين تسيل يومياً على الأسفلت، وقضبان السكك الحديدية، وتحت رماد الحرائق، وأسفل العمارات المنهارة. بطون الفقراء خاوية، وقلوب الناس فارغة من الأمل. سأصدق من يقول إن هذه المشكلات تراكمت عبر ثلاثين عاماً من فساد المخلوع، وإن «أمير المؤمنين» لا يستطيع حلها بين يوم وليلة. سوف أصدق ذلك، لكننى أسأل «أمير المؤمنين»: كيف نمت ليلة مقتل شبابنا فى رفح وهم يأكلون طعام الإفطار فى رمضان؟ كيف غمضت جفونك ليلة دهس قطار الصعيد لأطفال فى عمر الزهور؟ كيف نمت وأنت تمتثل -كما قلت فى أول خطاب لك- خطى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضى الله عنه؟
الحسيس لا يستطيع النوم فى مثل هذه الأحوال، من يستطيع النوم هو الإنسان «غير الحسيس»، وهو ذاته الذى يمكن أن يصبح رئيسا، أما إمارة المؤمنين فتتطلب حاكماً «حسيساً» لا ينام حتى الشخير!