إنه هناك، يرفعونه على الأعناق، هل يفهم الميدان الرسالة؟ هل يقتنص الثوار فرصة بعد ضياع الفرص؟ هل تتعقل أطيافهم لتحشد وراءه؟ إنه القادم بأصوات أكثر من أربعة ملايين، أليس ذلك كافياً بأن نقتنع بعد عام ونصف العام أن المشهد يحتاج إلى قائد يعبر عن الحالة الثورية بنقائها بعيداً عن صفقات الغرف المغلقة وكذب مرتدى عباءة الدين؟
حمدين يذهب إليهم ومعه أشياؤه (حرية وكرامة وعدالة اجتماعية)، أليس هذا هو هتافكم طيلة الـ16 شهراً الماضية؟ حمدين لا يعجب البعض لأنه لا يحتمى بقوة سياسية، وقد يعتبره البعض الآخر امتداداً لمشروع ماضوى عفى عليه الزمان.. كله كلام مباح يحتمل بعض الصحة، لكن الزعامات تصنعها مواقف وفرص، وإذا اتكأت على صناديق انتخاب وهتاف ميدان ورغبة ثوار، فإن المعادلة مكتملة.. «هافيل» وحَّد التشيك وراءه رغم أنه مفكر؛ لأن الكاريزما والنقاء دفعا الجماهير نحوه.
إنها الفرصة الأخيرة لإحياء ثورة ماتت على أعتاب الرعونة والجهل والمؤامرة والخيانة، ليست انتهازية من حمدين ذهابه للميدان، لكنه ضرورة خلقتها ظروف جعلتنا نختار بين ظل مبارك وجماعة فاشية، الجماهير تصنع قائدها بشرط السلمية دون مزايدات أو ترخص، القوى الثورية فى لحظة من لحظات الحقيقة عليها أن تختار بدلاً من تشرذم أضاع دماء الشهداء وتضحيات الشهور الماضية، تذكروا جميع المشاهد من الأجساد الطاهرة المسجاة على أرض الثورة حتى جناح مبارك وطائرته!
الثورة تنادى قائدها بعد أن خذلتها النخبة، البرادعى تردد فأحدث الفراغ، تحدث وعبَّأ لكنه لم يراوح عالمه الافتراضى على الإنترنت، حمدين بينكم يتحدث بلسانكم، ولديه خبرة السياسة والنزعة الثورية وحلم التغيير، انتخبه مصريون لم يطأوا ميدان التحرير لأنه أشعرهم بأنه الأقرب إليهم، من الصعيد إلى بحرى ومن الإسكندرية إلى أسوان، ملايين اختارت صوت التغيير دون الشفيق أو المرسى.
إنه الانحياز إلى الثورة، إنه الضربة القاصمة للفلول، إنه الكراهية لاستعلاء الإخوان، إنه الفاضح لأكاذيب سنة مضت، لا تختاروا حمدين لأنه دغدغ مشاعركم ولكن اختاروا حمدين لأن الثورة كالعربة يدفعها قائد مع الجماهير، لا تخسروا اللحظة، وحافظوا على الدماء المصرية، ومارسوا السياسة واصنعوا ثورتكم من جديد بتدبر العارف وخبرة المتأمل، حمدين قد لا يكون أصدقنا، لكنه أنسبنا، لا نحتاج إلى أنبياء، فقط نحتاج إلى عاقل حكيم، يصنع المجد لدولة وشعب استعجلا التغيير فجاء برجل مبارك واستبن الشاطر.. إلى المقاطعين للانتخابات كراهية فى شفيق وغيره، وإلى المصوتين لحمدين وأبوالفتوح، انضموا إلى ثورتكم واختاروا القائد، حتى لا تفقدوا البوصلة ونعود من جديد إلى الحلقة المفرغة، فلا ثورة قامت ولا نظام أُسقط ولا فلول فلت.
alaa.ghatrevy@gmail.com