أحياناً أحس أن خطابات الرئيس مرسى تنطلق من منصة على كوكب المريخ، فقد تحدث فى خطابه بمناسبة المولد النبوى عن إنجازاته فى حرية الإعلام رغم أنه قدم أكبر كمية بلاغات ضد الصحفيين فى تاريخ مصر، وقطع البث عن قناة دريم، وأغلق الفراعين، ولم ينفذ حكم عودة جمال عبدالرحيم كرئيس تحرير الجمهورية.. إلى آخر تلك الانتهاكات الإعلامية التى لا أعرف كيف حسبها الرئيس إنجازات، وتحدث عن إنجازات اقتصادية وشكر المصريين فى الخارج الذين زادوا كمية التحويلات وهو ما يعد بمثابة إدارة الاقتصاد بنظام الشحاتة والتسول تارة بالكوبونات وتارة بالتحويلات ودوماً بالقروض، أما الاستقرار السياسى الذى تحدث عنه فأترك المجال للدكتور الصديق يحيى طراف يحكى لكم عنه فى رسالته المريرة، يقول د. يحيى:
«إن كنت تدرى فتلك مصيبة وإن كنت لا تدرى فالمصيبة أعظم. طافت بذهنى تلك العبارة البليغة وأنا أقرأ تصريحات مرسى فى معرض الكتاب، والتى أبرزتها الأهرام ١/٢٤ بصفحتها الثالثة من أن «مصر حققت استقراراً سياسياً وديمقراطياً بدرجة كبيرة خلال الفترة الماضية»!!!!. فهل هذه نكتة سخيفة، أم تجاهل للواقع؟
لقد أعلنت سويسرا أنها لن تعيد أموال مصر المنهوبة وتقدر بأكثر من سبعمائة مليون دولار لأن مصر -وقالتها صراحةً- ليس فيها استقرار سياسى، كذلك علق صندوق النقد الدولى القرض المصرى -الذى أحل النظام الربا من أجله- حتى تنقشع غيوم التخبط السياسى عن مصر. ورفضت إسبانيا إعادة حسين سالم وابنه لمصر لأن عدم الاستقرار السياسى لن يوفر لهما محاكمة عادلة. فهل عمى العالم كله عن الاستقرار السياسى فلم يعد سوى مرسى ونظامه يريانه؟
هل نسى مرسى أنه يتكلم عن بلدنا الذى نعيش فيه فنحن أخبر بما يحدث فيه، فهل لهذه الدرجة بلغ الاستهزاء بالشعب؟ لو كان هناك استقرار سياسى لشعر مرسى بشرعيته ودافع عنها، وما كان ليترك هيبة دولته موطئاً لأقدام المتظاهرين فى الاتحادية والتحرير، وما صال الألتراس وجال أمام ناظرى داخليته يفعلون بالشوارع والمرافق ما يحلو لهم، ولما قام النائب العام بمحاولته المهينة لتأجيل النطق بالحكم فى قضية مذبحة بورسعيد. لو كان هناك استقرار سياسى ما قام نظام الإخوان، اليوم واليوم فقط، بتدشين حملتهم لخدمة الجماهير، عشية ٢٥ يناير، ولما أصدر مرسى فى نفس الوقت قراراً باعتبار شهداء الألتراس من شهداء الثورة.
الذى لا يثق فى شرعية نظامه لا يحقق استقراراً سياسياً، ومرسى يدرك أنه جاء بأغلبية لم تتعد ١٪ فى انتخابات الإعادة رغم الوعود الزائفة والدعاية المضادة ضد شفيق والتجاوزات الانتخابية (هذا لو لم تصدق أنباء فوز شفيق الفعلى). وعلم مرسى أن دستوره الذى يبنى عليه حكمه غير توافقى لم يحصل حتى (رسمياً) على تأييد ثلثى الناخبين، رغم كل التجاوزات التى شابت الاستفتاء.
وفقد مرسى شرعيته كذلك يوم تسبب فى قتل المتظاهرين على أبواب قصره فلم يحرك ساكناً لمنعه، ونام عن حق جنود القوات المسلحة شهداء رفح لأن التحقيق سيظهر تورط أهله وعشيرته فى غزة. فلا عجب أن عمت الفوضى ربوع مصر لأن أهلها فقدوا احترامهم ومهابتهم للحاكم، فليس أدعى للسخرية والدهشة بعد ذلك من دعوى مرسى أن فى مصر استقراراً سياسياً.
إلا أن يقصد مرسى أن الاستقرار السياسى اليوم فى مصر هو استقراره هو وجماعته فى الحكم مهما كان الفشل المحيق والرفض الشعبى لهم».