فى مفتتح جلسة النطق بالأحكام فى قضية مبارك ونجليه ورجال داخليته أتحفنا المستشار أحمد رفعت بخطبة عصماء جاء فيها: «عندما بزغ صباح يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير أطل على مصر فجر جديد.. أشعته بيضاء حسناء وضَّاءة.. وتنفس الشعب الزكى الصعداء بعد ثلاثين عاما من ظلام حالك دامس أسود أسود أسود، اسوداد ليلة شتاء قارس بلا أمل ولا رجاء أن ينقشع عنها إلى صباح مشرق.. خرج المصريون منادين سلمية سلمية سلمية ملء أفواههم حين كانت بطونهم خواء وقواهم لا تقوى على المناضلة والجهاد، صارخين مستصرخين: ارحمونا يرحمكم الله. لقد تآلفت قلوب أبناء مصر الشرفاء، وظللهم الله بإرادة الحق فزهق الباطل فكان زهوقاً فمحا الله آية الليل المظلمة وجعل آية النهار مبصرة ليبتغى شعب مصر الصابر الصبور فضلاً من الله وحياة طيبة ورزقا كريما».
تعشم الكثيرون بعد هذه الكلمة أن يكون حكم المحكمة رادعاً وأن يكون الإعدام جزاءً وفاقاً لمن استهتروا بحياتنا وأهدروا دماء شهدائنا وسرقوا ثرواتنا وأثروا من المال الحرام.. فإذا بنا -بعد الفسحة اللى فسحهالنا المستشار- نجد الفنان «عبدالفتاح القصرى» يطل فى وجوهنا بتعابيره الساخرة، وهو يترافع فى فيلم الأستاذة فاطمة قائلاً: «قضيتنا اليوم هى قضية الحق، ولقد جاء الحق وزهق الباطل. إن المتهم الواقف أمامكم خلف القضبان الحديدية مجرم أثيم وقاتل لئيم.. اعتدى على الشرف والفضيلة الذى والتى يحميهن القانون، قتل حقوق الإنسان الذى والتى تكفل بها مجلس الأمن، قتل الحرية الشخصية والحرية العمومية، قتل الأخلاق، قتل الشرف، قتل المدنية والمعمار، قتل أولئك وهؤلاء عامدا مستعمدا، فلذلك ولكل هاتيك المجانى أطلب من المحكمة أن تحكم على المتهم بالإعدام شنقا مع سبق الإصرار والترصد»!
وبعد الكلمة المستدعاة من «القصرية» -أى طريقة عبدالفتاح القصرى- تدفقت أحكام البراءة لمبارك من تهم الفساد المالى وتصدير الغاز بثمن بخس إلى إسرائيل، وبراءة النجلين، وبراءة الست «دراعات» التى اعتمد عليها حبيب العادلى فى إنزال العذاب بالمصريين. المسألة كانت واضحة، لقد حاولت منصة القضاء «التطرية» على الناس بكلمتين، ثم بعد ذلك كانت الأحكام التى تتناسب مع الأدلة التى تم تستيفها بمعرفة نيابة المتهمين ونائبهم العام، لدرجة أن المستشار أعطى محكمة النقض -قبل أن يختم النطق بأحكامه- الدليل على براءة مبارك من حكم المؤبد من أول جلسة حين قال إن المتظاهرين لم يقتلوا برصاص الشرطة.. الله؟ طيب إيه لزمة المؤبد طالما أن الثوار ماتوا - كشهداء عبارة السلام 98- باحتقان الحلق والتهاب اللوزتين ونزلات البرد.. حد قال للثوار ينزلوا يعملوا ثورة فى عز البرد؟! كانوا يستنوا شوية لغاية ما تهل علينا طراطير الطراوة!