شيخ قبيلة «الحويطات» التى أنقذت «شرطة السويس» لـ«الوطن»: أياد سوداء استهدفت أبناءنا فى ذكرى الثورة
فى الوقت الذى شهدت فيه محافظات القناة حالة من الخلخلة الأمنية نتجت عن اقتحام أقسام الشرطة، فى الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، عرضت قبيلة «الحويطات» إحدى القبائل العربية الكبرى فى السويس على مأمور قسم الجناين، الواقع على بعد 18 كيلومتراً عن المحافظة، تأمين رجال الأمن والسلاح قبل أن يتعرّض لهم أحد.
الشيخ «سلامة سويلم»، أحد مشايخ «الحويطات»، قال فى حوار خاص لـ«الوطن»: إن قبيلته التى لاقت الكثير من اضطهاد الشرطة حتى إنهم ودّوا أن يقتلوهم بسبب ظلمهم وعنتهم، لولا خوفهم من الله، ورغم ذلك اتخذوا قراراً بحماية رجال الشرطة وسلاحهم بدافع حماية ممتلكات الشعب دون أن يكون القصد من ورائه تعزيز مطلب البدو بإسقاط 3000 حكم غيابى صادر ضدهم قبل الثورة.[Quote_1]
وأكد أن القبائل العربية لن تتردد إذا ما طُلب منها أن تكون درعاً للتأمين، وإنفاذ قرار الحظر حتى لو كان ذلك فى إطار استخدام القوة ضد كل الخارجين والبلطجية، وإليكم ما جاء فى الحوار.
■ كيف جاء قراركم بحماية قسم الجناين، ولماذا لم تؤمّنوا سجن عتاقة المركزى؟
- أولاً هذا كلام غير صحيح، فقبيلة الحويطات لم تعلن أبداً أنها ستحمى الأقسام، لكن ما حدث أننا ذهبنا إلى الأقسام وأخذنا الأفراد الموجودين هناك، لأنهم منا ونحن منهم، فالضباط وأمناء الشرطة مصريون مثلنا وإخواننا، وأخذناهم من القسم بمعداتهم وأسلحتهم، لأن هذه المعدات ملك الشعب المصرى كله، وليست ملك الشرطة، وتولينا تأمينهم فى أماكن سكننا، حتى حان وقت رحيلهم.
طبعاً كنا على استعداد للوقوف أمام القسم وحمايته، لكن وقتها كنا سنواجه ونتعامل مع كل من يفكر من الاقتراب من القسم، وكان سيقع ضحايا، فتركنا القسم لمن أرادوا مهاجمته ليهتف الثائر فيهم ويسرق اللصوص محتوياته.. أما سجن عتاقة فقد تولى الجيش تأمينه وحمايته حتى جرى ترحيل مَن فيه إلى خارج السويس.
■ هل استجاب مأمور القسم والجهات الأمنية لفكرة تأمينهم على الفور؟
- طبعاً، لأنه لم يكن أمامه خيار ثانٍ، لم يكن بيديه شىء ليفعله والأخبار تتواتر بأن هناك من يود اقتحام القسم، وكلهم وصلوا إلى بيوتهم بعد ذلك سالمين، والأسلحة تسلمتها منا القوات المسلحة.[Quote_2]
■ أنت تقول إن حماية الشرطة والسلاح كان بدافع حماية ممتلكات الشعب، لكن فى يناير 2011 جرى التعدى على أقسام مصر بالكامل، ومن ضمنها قسم الجناين، فلماذا لم تتولوا الدور ذاته وقتها؟
- 2011 كانت ثورة مفاجئة، والآن ما يحدث هو فوضى، والنظام السابق لم يترك ذرة حنان فى قلب مواطن مصرى، من أغنى إلى أفقر مواطن، ورجال الشرطة كذلك كانت تصدر لهم أوامر عُليا تضر بالجميع، فكان الكل وقتها يرغب فى إسقاط النظام، بما فى ذلك القبائل العربية.
والقبائل العربية ظلمها النظام السابق بفتح المعتقلات وتلفيق قضايا وأحكام عشوائية، فعندنا فى مدن القناة أكثر من 3000 حكم غيابى، كلها من آثار النظام السابق، وهنا أوجه نداءً إلى الرئيس محمد مرسى، لا بد من إصلاح ما أفسده النظام السابق حتى تستقر البلاد، وأن يُسقط جميع الأحكام التى سبقت يناير 2011، فالثورة تجُبّ ما قبلها، ولا نقول أن يشمل العفو القضايا التى صدرت فيها أحكام لحق الغير، كالشيكات دون رصيد أو القتل العمد، فهذه لا يمكن أن نتكلم فيها.
■ هل الهدف من وراء موقفكم الأخير من الشرطة، هو تعزيز مطلبكم بإسقاط الأحكام القضائية الصادرة ضد أفراد من القبائل العربية؟
- لا.. نحن نقف ضد أى تخريب، وندين أى أعمال عنف، وموقفنا الأخير بلا أى هدف، لكن حقنا وحق الكل هو إصلاح ما أفسده النظام السابق الذى قسّم الشعب إلى قسمين، الأول لا يجد ما يأكله، والثانى يأكل «البيتى فور».
وكما قلت، فالثورة تجُبّ ما قبلها، ولا يدرى أحد دوافع من صدرت ضدهم أحكام قبل الثورة، ولا بد من إعادة هيكلة جهاز الشرطة، وإسقاط الأحكام، وألا تكون هناك عبودية أو ترصُّد للقبائل.
■ فى إطار حملته الانتخابية، هل قدّم لكم الرئيس مرسى وعوداً بإسقاط الأحكام عنكم أو تمليككم الأرض أو ما شابه؟
- إلى الآن لم يعِدْ لنا الرئيس بأى حقوق، ولم يقدم لنا أى شىء، رغم أن للبدو تاريخاً مشرفاً، فى مقاومة الاحتلال، وشارون نفسه ذكر فى مذكراته أن بدو سيناء لهم دور كبير فى مقاومة الاحتلال.
ولا نريد أن نضغط الآن على الرئيس، وهدفنا الأساسى هو أمن واستقرار وتنمية سيناء، أما الاعتصامات الحالية فلا يمكن أن تكون مبنية على منطق، لأن من يطالبون بترقية الآن أو زيادة فى المرتب لم يستطيعوا أن يطالبوا بأى شىء خلال الـ30 سنة الأخيرة نهائياً، ومصر هى الدولة الوحيدة التى شهدت ثورة، ومع ذلك، فإن الحكومة مستمرة فى دفع الرواتب للموظفين.[Image_2]
■ هذه الانتقادات التى تذكرها بحق وزارة الداخلية، والتى مُورست خلال العهد البائد، هل زالت حتى يتغير موقفكم منها؟
- نحن لم نستغل الثورة لمجرد انتقام، وحمينا المنشآت حتى ادعى البعض أن الشرطة استخدمتنا فى قتل المتظاهرين، وهذا غير صحيح، ونطالب من يدعى ذلك بأن يُخرج ما لديه من أدلة، وإلا يتحمل المسئولية.
ونحن لن نقف مع الشرطة لكى نضرب المواطن، ولن نقف مع المواطن لضرب الشرطة، ولولا الخوف من الله عز وجل على ما رأيناه من ضباط الشرطة كنا قتلناهم.
وعموماً لم تحدث تحسينات فى جهاز الشرطة، لكنه أخذ إجازة وبعضهم يقول «طول ما الإسلاميين ماسكين إحنا فى إجازة»، ولا نعلم أين اليد الخفية التى تعبث فى البلاد.
■ مَن تعتقد أن يكون اليد الخفية المستفيدة من حالة الخلخلة الأمنية؟
- كل مَن لم يُدِن هذه الأفعال فهو مؤيد على الغالب، أياً ما كانت طبيعة الجهة، سياسية أو غيره، ما لم تخرج لتدين هذه الأحداث عبر وسائل الإعلام فهى مدانة بالتأييد.
■ ما موقفكم من الأوضاع السياسية الملتبسة الآن؟
- نرى أن الجهات المعارضة فى مصر تُحدث ذبذبة على الساحة السياسية، ولذا فإننا نقول لهم: «من كان على صواب فليأتِ إلى طاولة المفاوضات»، فلو ترى أننى أخطأت فى أمر فلتصححه لى، ولكن أنت ترفض نهائياً بوضع شروط تعسُّفية لا يقبلها أحد، ولا تتيح الفرصة للموجودين فى الحكم.
■ كيف تقيِّم ما حدث فى السويس منذ الجمعة 25 يناير؟
- هناك يد سوداء دخلت بين المتظاهرين، والجهات التى لم تُدِن ذلك هى مؤيدة، حتى إن لم تعلن ذلك التأييد. مصر مستهدفة، ولو لم نقف وقفة رجل واحد ستعود دولة الاحتلال، وللأسف هذا ما يتمناه الإخوة المعارضون.[Quote_3]
■ هل ستشاركون فى إنفاذ حالة الطوارئ، أو حظر التجول المفروض على مدن القناة؟
- هذا كله للحد من حركة البلطجية، وحظر التجول وحالة الطوارئ هدفها تأمين المواطن الشريف، وحمايته من البلطجية، وبالنسبة لنا كقبائل عربية فأى شىء فى مصلحة البلد سنكون فى مقدمة القائمين به، طالما سيحقق الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية، سواء فى السويس أو فى مصر كلها، وإذا طُلب منا أن نكون درعاً للتنمية أو الاقتصاد أو التأمين فلن نتأخر، حتى لو كان على حساب أفرادنا.
■ هل يمكن ذلك فى إطار استخدام القوة؟
- القوة ضد مَن؟ إذا كان غير مسالم فنستخدم القوة، لكن هل سأضرب الشعب المسالم؟ المسالم لن يمسه أحد نهائياً، وإذا كانت المظاهرات سلمية فلا بد أن تلتزم بالأدب والأمان؛ وأن يتولى المتظاهرون مسئولية ضبط العناصر المندسة وسطهم لإحداث الشغب حتى لا يُحسب ذلك عليهم.