النفس القصير.. مقاومتها بتكوين رؤية واضحة للحياة ومشاريع طويلة المدى
النفس القصير ظاهرة سلبية تعيق الشعوب نحو التقدم
«النفس القصير» تعتبر من الظواهر السلبية، التى تؤدى إلى عدم اكتمال المشروعات، وبالتالى الحرمان من جنى ثمارها، ويوضح علماء النفس والاجتماع كيفية معالجة تلك الظاهرة فى المجتمع، وطريقة التنشئة السليمة التى تعود الطفل منذ الصغر على بدء مشروع وإكماله، وتكوين رؤية أكثر وضوحاً للحياة، وتسليط الضوء على النماذج الإيجابية التى لم تقهر أمام الصعاب، ووصلت إلى مبتغاها فى نهاية الطريق.
«محمد سيد»: لن يترك شاب وظيفة مستقرة لأنه شعر بـ«الزهق».. و«خضر»: عندما يتعلم الشخص من أخطائه لا يتوقف عند «أول مطب».. وغياب الرؤية لشئون العمل والحياة الزوجية سبب الأزمة
ويقول الدكتور محمد سيد أحمد، أستاذ علم الاجتماع السياسى: «المجتمع لن يتغير، بدون جعل السيادة الأولى للقانون، ووضع إطار عام يتعامل به الجميع، الإحساس باليأس هو ما يجعل الأشخاص يتخلون عن مشاريعهم، ويضعون نصب أعينهم، الرغبة فى الكسب السريع، وهناك خطوة لحل تلك الأزمة، وهى من خلال عقد مشاريع طويلة المدى، يندرج الشباب للعمل بها، وهذا يحفظ لهم نوعاً من الاستقرار، لن يترك شاب وظيفة مستقرة، لمجرد أنه شعر بـ(الزهق)، خاصة بعدما عانى طويلاً من البطالة والأزمات المادية، كما أنه لا يتمتع كل شخص بمفرده برؤية شاملة، ولكن يصبح من اللازم على أصحاب القرار، أن يستفيدوا من القدرات البشرية، ويقوموا بتوزيعها فى أماكنها الملائمة».
ويضيف «محمد سيد»: «من المفروض وجود اختبارات قدرات فى الجامعات، حتى يدرك كل الخريجين ما هو المناسب لهم، ويدركون سمات ومقاومات شخصياتهم، وبذلك لا يضيعون سنوات من التخبط هباءً بعد الجامعة، ولا يضطرون للدخول فى مشروعات ولا يكملونها، أما بالنسبة للمسئولين فى الحكومة، من اللازم محاسبتهم بشكل دورى عما تم إنهاؤه من المشروعات، فكل مسئول يضع قائمة عريضة من المشروعات التى يقول إنه سيقوم بتنفيذها، وتنتهى مدته دون أن يقوم بتغيير حتى ولو كان بسيطاً».
بينما تقول سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس «يجب تربية الأطفال، على القيام بمشروعات طويلة المدى، ومجازاتهم على الثبات والمثابرة، فطريقة التعليم الحديثة، يتم وضع نقاط على الخطوات التى قام بها الطالب، وكل خطوة قام بها يكون عليها درجة، وبذلك هم يشجعونه على المضى فى مشروعه واستكماله»، وتتابع: «المجتمع الذى لا يقدم نماذج مضيئة، لشباب تحلوا بالصبر، هو الذى يثبط همم الجميع، وبالتالى لا ننتظر منه تقدماً، هناك كثير من الدول تشجع رياضيين من ذوى الإعاقة، وتعجل هؤلاء الأبطال هم محور حديث برامج التليفزيون، بل وتصنع من أجلهم أفلاماً، لتعلم الناس معنى الصبر والإخلاص للفكرة، ولكن تلك النماذج فى مصر مهملة، وفى زمن فائت كان الناس يؤمنون بالفكرة، ويضفون عليها جزءاً من روحهم، ويتمسكون بها بالرغم من كافة الصعاب، وتجد منتجين كانوا يكرسون جميع أموالهم وطاقتهم من أجل إنتاج فيلم جيد، وله هدف ومضمون، ولكن الآن أصبح الجميع يبحث عن الكسب السريع، دون تعب».
«عندما يتعلم الشخص من أخطائه، يصبح بمقدوره أن يكمل مشواره الذى بدأه، حتى لا يتوقف بعد أول مطب»، تضيف «سامية»، قائلة: «ليس هناك ما يسمى بالرؤية الكاملة، الإنسان يكون لديه رؤية مبدئية للأمور، وعليه أن يتحلى بالذكاء والقوة الكافية لتطوير تلك الرؤية خطوة بخطوة طوال مشواره، وعليه أن يدرك أن الانسحاب والتخلى سينتج عنه خسارة فى كثير من الأحيان، فكثير من الزيجات أصبح الشباب والشابات، يفضلون قرار الانفصال عن الجلوس والتفاهم وإدراك الأخطاء ومحاولة تصويبها، يرون أن هذا هو الحل الأسرع والأسهل، ويبخلون حتى بالمحاولة».