سلام عليكو يا حاج مرسى..
اعذرنى لأننى لم أستطع أن أخاطبك بلقبك العلمى: «الدكتور»، فأنا لا أعرف فضيلتك دكتور فى إيه بالضبط!.. وهل سبق لفضيلتك أن مارست عملاً له علاقة بالدكتوراه التى حصلت عليها.. وما إنجازك العلمى بخلاف «مشروع النهضة»، وهو الذى اتضح بعد خراب مصر وجلوسك على تلها أنه مشروع وهمى، وأنه أكذوبة من حزمة أكاذيبك التى ضحكت بها على ملايين البسطاء والغلابة وأبناء السبيل، كما اتضح أنه ليس مشروعك من الأساس، ولا هو من بنات أو أولاد أفكارك، بل مشروع الباشمهندس خيرت الشاطر، الذى اتضح أيضاً أنك ما زلت تتعامل معه.. حتى بعد أن أصبحت رئيساً لمصر.. بوصفك «استبن» لسيادته، لا تستطيع أن تقرر شأناً من شئونك العامة أو الخاصة إلا بإذنه.. حتى إذا قال لك إن الصلاة ستة فروض، وطلب منك أن تصلى ظهر الجمعة يوم الثلاثاء.
اعذرنى ثانياً، لأننى لم أستطع أن أخاطبك بلقبك الرسمى: «سيادة الرئيس».. فأنا لا أصدقك، ولا أصدق أن مصر يمكن أن يقودها رجل طيب مثلك، «راجل بتاع ربنا»، لا قِبل له بألاعيب السياسة «وحنجلة» السياسيين، وأشفق عليك من أعباء الحكم، وهى أثقل على قلبك المفعم بنور «وأعدوا» من هضبة المقطم، فما بالك، وقد أضيف إلى هذه الهضبة مقر جماعتك البغيضة، الساعية إلى متاع الدنيا وصغائرها كسعيها إلى الله!
أنا لا أكرهك يا حاج مرسى، وأدعو الله أن يشفيك من ميكروب السلطة، رغم يقينى بأن هذا الميكروب اللعين يسرح فى عروقك وعروق «جماعتك» منذ خلقها الله، لكننى فقط لا أصدقك.. «مش مالى عينى»، ولا عين أى مصرى، بمن فى ذلك مرشدك وشاطرك وجماعتك، وكل «الدقون» والكروش والحناجر التى تهتف باسمك.. معبأة ومستعدة للهتاف لأى «إبريق» يتوضأ منه فضيلة المرشد.
مش مصدقك يا حاج، وعندما شاهدتك تقف إلى جوار المستشارة الألمانية ميركل أشفقت عليك، خصوصاً وأنت تنظر فى ساعتك وكأن وراءك بلداً يحترق وينهار وشعباً يقتل بعضه بعضاً، أشفقت عليك، لكننى أشفقت أكثر على مصر التى جارت عليها الأيام وانتهى حالها إليك أنت، مصر يا حاج مرسى كبيرة عليك، وواسعة جداً.. أوسع من الكرسى الذى أجلسوك عليه، رغم أنك رجل ريفى أصيل، يحب «قعدة الدكة» تحت شجرة صفصاف على «شط ترعة»، محاطاً بالأبناء والأحفاد، يتغدى فى آخر ركعة من صلاة الظهر، وينام فى آخر ركعة من صلاة العشاء، ما لك أنت وما للحكم يا حاج! مالك أنت وما للسياسة ووجع القلب؟! أنت رجل طيب، وكنت فى غنى عن كل هذه البهدلة وقلة القيمة، أصبحت عدواً للجميع، باستثناء عصابة الشر القابعة فوق هضبة المقطم، صورك مرفوعة على لافتات تطالب برحيلك والقصاص منك، الميادين تهتف بسقوط نظامك وزوال جماعتك، دماء ضحاياك تتخثر على أسفلت الشوارع، لكن بخارها يصعد إلى السماء حاملاً دعواتهم بأن يسيل هذا الدم حمماً على رأسك ورأس مرشدك وشاطرك، ما لك أنت وما لكل هذا؟! نحن شعب صعب، لا يقدر على حكمه رئيس من نوعك، لا يعرف معنى «دولة» و«قانون» و«دستور» و«نظام» و«ديمقراطية»، ولم يكن يتصور أن يكون مسئولاً عن تسعين مليون بنى آدم بتسعين مليون مشكلة، ولكل مشكلة تسعين مليون حل، لم يكن يتصور أن تاريخ مصر أبعد كثيراً جداً من سنة 1928، السنة التى ولد فيها هذا الكائن الذى سميتموه «جماعة الإخوان»، وأن جغرافيتها تضم فيما تضم بلاداً «تشيلك وتحطك» أنت وجماعتك مثل بورسعيد والإسماعيلية والسويس وسيناء.. هذه المدن المناضلة، الباسلة، التى كانت تحميك وتتلقى عنك غارات الغزاة، بينما أنت تتريض فى ريف «الشرقية» ومروجها، وتغمس البط بالحمام المحشى، وتحبس بشاى تموين، وتغسل وجهك بصابون نابلسى.
أنا مشفق عليك من نفسك يا حاج مرسى، وإياك أن تتصور أنك أخفتنا أو هززت شعرة فى رؤوسنا وأنت تخبط وتزأر وتهدد وتلوح بإصبعك فى وجوهنا.
إياك أن تصدق أنك رئيس مصر، فالصناديق التى تتحدث عنها أنت وجماعتك وتدعون أنها صوت المصريين الحقيقى لم تكن «ديمقراطية»، ولا نزيهة، ولا تشرفكم، والشرعية التى تدافعون بها عن جرائمكم أصبحت جريمة فى حد ذاتها، والإسلام الذى تتاجرون به أصبح بضاعة فاسدة. أنا زى أولادك يا حاج، وأقولها لك من دون إساءة أو تجاوز أو مزايدة، احكم على قدك.. إنت مش إنت وإنت «رئيس»!