وإن تعجَب، فَعَجبٌ موقف الإخوان من مسألة تشكيل مجلس رئاسى مدنى، فقد استكبرت الجماعة عن أن يكون مرشحها محمد مرسى جزءاً من هذا المجلس إلى جوار كل من حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح ومن يستجد، وبانت نيتها «المفضوحة» من المشاركة فى التظاهرات والاحتجاجات التى انفجرت فى البلاد عقب صدور الحكم القضائى على المخلوع وعصابته، فاللعبة كانت كالعادة تستهدف تحقيق مصلحة الإخوان فى الحصول على مزيد من التأييد لمحمد مرسى، الرجل الذى خرج علينا بعد الجولة الأولى حاملاً الهدايا والعطايا مثل «بابا نويل»، فوعد بتعيين نائب له من الأقباط، وتسمية صباحى وأبوالفتوح كنائبين له، ولم يفته أن يؤكد أن الإسلام لا يختلف فى شىء عن المسيحية، وأن كل الناس «إخوات وبلديات»، والأصل واحد يا عالم.
واضح أن «الإخوان» ما زالت تريد اللعب مع الكبار داخل المجلس العسكرى، وهى كعادتها تريد أن تستخدم الميدان كورقة من أوراق اللعب، فالجماعة تتعامل مع المجلس كقوة قادرة على ضبط الشارع على ساعة يدها، وأن باستطاعتها احتواء الثورة و«تهنيج» الشارع كلما هاج على المجلس، ومن السذاجة أن تتصور الجماعة أن أمرها مع المجلس لم يعد مكشوفاً للمواطن العادى، إن كل طرف منهما يحاول أن يقرب الآخر منه حتى تحين لحظة اصطياده، و«الإخوان» ترى أن لديها الآن فرصة ذهبية لكى تصيد «العسكر»، ولكنها تنسى المثل المصرى السائر والدائر والحائر بين العقول التى لا تتعلم والذى يقول: «تيجى تصيده يصيدك»، والتاريخ يشهد أنه منذ حركة الضباط فى يوليو 1952 والعسكر دائبون على اصطياد الإخوان والإيقاع بهم فى كل المرات التى كانت تصور فيها الجماعة لنفسها أن «طير» العسكر يوشك أن يقع فى شبكتها.
«الإخوان» تراهن على ثعلب غير مأمون، وهى فى الوقت نفسه تخسر المواطن الذى لم يعد كما كان فى الماضى حملاً وديعاً يسير معها على حسب «الريح»، وسوف تظل مشكلة الجماعة الأزلية الأبدية فى عدم شعور أفرادها بأن الزمن يتحرك، وأن أدب القرود لم يعد «ياكل» مع المصرى الذى أصبح يرى بعيون «مفنجلة» ويسمع بأذن «واعية» ويتكلم حتى الصراخ، بعد أن حطم ذلك «المجسم» الشهير للقرود الثلاثة التى يضع أولها يديه على عينيه ليقول لك «مبشوفش»، ويضع الثانى أصابعه فى أذنيه ليشير إلى أنه «مبيسمعش»، والثالث يسد فمه بإحدى يديه دلالة على أنه «مبيكلمش»، أدب القرود لم يعد يخيل على المصريين، والأفضل للإخوان أن ينحازوا إلى الشارع ويراجعوا أنفسهم -قبل فوات الأوان- لينضم مرشحهم إلى المجلس الرئاسى المدنى، ويثبتوا أن الإنسان «بنى آدم» وليس أصله قرداً.