الأسماء المقصودة والمتصلة بالموضوع فى السطور التالية موجودة ببياناتها كاملة لمن يعنيه الأمر.. ونحسب أن هناك من يعنيه الأمر.. فقبل أيام وبعد التحيات والسلامات الهاتفية طلب منى أن نلتقى.. شاب مهذب جداً.. أوشك على الانتهاء من الماجستير فى العلوم السياسية بعد أن حصل على البكالوريوس فيها.. لكنه ثورى جداً.. ستراه فى أى مناسبة وكل مناسبة فى التحرير أو أى تجمع آخر.. إن لم يكن للتظاهر فى قضية يؤمن بها، فللتضامن مع من تضامنوا معه سابقاً فى دعوات منه للتظاهر.. إلا إنه يلتزم بقواعد ثابتة لا يتخلى عنها أبداً ولم يتخل عنها قط، ومن بينها حب الجيش المصرى العظيم واحترامه وكراهية من يكرهه أو يهتف ضده، كما أنه يوجد فى كل الفعاليات منذ سنوات، وحتى اليوم بشخصه وبصفته أحد شباب التيار الناصرى.. قال: «أتابعك.. وأنت تقول كلاماً مختلفاً تماماً عما نسمعه.. ونثق بك، ولكننا نصبح فى حيرة كبيرة، فقلوبنا مع ما تقوله وعقولنا ضده.. تتحدث بالأرقام والوقائع والأسماء، بينما لا نرى أثراً لذلك على الأرض.. نريد، ومعى الكثيرون، أن نفهم.. ولذا لا بد أن نلتقى»!
وفى اللقاء طلبت أولاً أن يتخلص، ولو مؤقتاً، من كل ما فى ذهنه وإلا فلا معنى لحوار بقناعات مسبقة.. انطلقنا من اتهام النظام الحالى بأنه «الامتداد الطبيعى لنظام مبارك».. بينما ما يجرى هو النقيض تماماً.. فصهر مبارك نفسه هو من تم وضع «الكلابشات» فى يديه هو وأحد عشر رجلاً من كبار رجال الأعمال، حتى أعادوا مائتين وأربعين مليوناً من الجنيهات، بينما استعيد من غيره ثمانمائة مليون جنيه حتة واحدة، وفى قطعة أرض واحدة بجوار مطار القاهرة، بينما استردت الدولة من ثالث، وهو أيضاً أحد رموز نظام مبارك اثنين وأربعين ألف متر من أغلى أراضى مصر تقع مباشرة على بحيرة التمساح، بينما يقضى صفوت الشريف وزكريا عزمى وجمال وعلاء مبارك، بل ومبارك نفسه عقوبات مختلفة داخل السجن قال: «إذن هناك تقصير من الإعلام.. قلت طبعاً».. قال: و«لكن توجهات النظام لمصلحة الأغنياء» قلت: كيف ذلك وبرنامج تكافل وكرامة يصل اليوم إلى مليون أسرة.. أكرر.. مليون أسرة وليس مليون مواطن.. وهو لا يمنح معاشات معقولة فحسب، وإنما هو برنامج متكامل يوفر كروتاً للعلاج المجانى، ويشرف على دورات تدريبية للارتقاء بوعى ربات البيوت وإعادة تأهيلهن فى برامج للتنمية البشرية.. فى حين ارتفع معاش الضمان الاجتماعى ليصل إلى 3 ملايين أسرة وعليك أن تسأل الأستاذ سعيد الصباغ، وكيل نقابة أصحاب المعاشات، عن الأرقام الكاملة وهو بالمناسبة «ناصرى» مثلك، وكان فى المعارضة طوال عمره..، قال: لا نسمع عن هذا الكلام وما نشهد به هو إعادة منظومة التموين وإصلاح منظومة الخبز.. قلت: وطوابير أسطونات البوتاجاز؟ وعلاج غير القادرين من مرضى فيروس سى؟ وانتهاء قوائم الانتظار لمرضاه من سيستفيد منه الأغنياء أم الفقراء؟! ثم تحدثنا عن أمور كثيرة عن التسليح، وقد أشاد به إلى استعادة المصانع التى تم تخريبها فى الخصخصة أو بيعها بثمن بخس.. إلا أنه فجأة قال: طيب لماذا هذا الموقف العنيف من الشباب؟ هل ترضيك هذه البهدلة وهذه المطاردات؟ قلت: كنت أول من انتقد قانون التظاهر والمقالات موجودة وحلقة «القاهرة 360 موجودة»، لكننى أؤمن بأنه إن صدر قانون ما فعلينا احترامه وعلى الرافضين للقانون اللجوء للطرق المشروعة لإلغائه.. قال: سأحكى لك القصة التالية، وقال: «هو شاب صغير من أكثر المؤيدين والمتحمسين للرئيس السيسى ولثورة 30 يونيو.. وهو من أكثر المختلفين جذرياً مع جماعة الإخوان إلى حد الكراهية والتحريم، بل وإلى حد أن دعانى فى اعتصام رابعة إلى تجهيز الشباب للذهاب وفضه بالقوة دون اللجوء لا إلى الشرطة ولا إلى الجيش.. وأقنعناه بصعوبة الفكرة حتى انتهت أزمة رابعة، وبدأت الاحتجاجات الأسبوعية من عناصر الإخوان فى أحياء القاهرة ووصل أحدها إلى أسفل بيته فى حلوان وبلغ حد تحطيم الممتلكات والسيارات فانفعل وانطلق لمواجهتهم بحماس الثائرين وعند نزوله من البيت كان الإخوان أكملوا جريمتهم وتركوا المكان، إلا أن أحد ضباط الشرطة ألقى القبض عليه وأصر على نقله إلى قسم الشرطة رغم أنه كان بالبيجامة والشبشب، وشهد له جيرانه وتحولت إلى قضية إرهاب أنقذته منها تحريات الأمن الوطنى، لكنه كان قد قضى فى السجن عدة أشهر!! وخرج ليتعرض للمعايرة من الكثيرين من أنه «سيساوى» منحه مرسى حق الاعتراض، بينما سُجن فى عهد السيسى! قلت وقد تأثرت بالقصة: إنها تثبت كلامى من كون أخطاء كبرى ترتكب لا ذنب للرئيس بها ممن يعتقدون أنهم يؤدون واجبهم أو من فشلة يزايدون بارتكاب الأخطاء أو ممن يتعمدون الخطأ لإرباك المشهد عمداً.. قال: ومَن يتحاور مع هؤلاء ويجلس معهم، وهم كثيرون، ويطلبون الحوار الآن وفوراً.. إنهم لا يريدون أن يكونوا بعيداً عن الوطن فى هذه اللحظات ويرفضون وضعهم فى سلة واحدة مع شباب حركات وجماعات أخرى، ولا يريدون أن يضطرهم أحد لذلك.. وهم يشعرون بالحزن لأن هناك من يضعهم عنوة فى سلة واحدة مع هؤلاء.. فما الحل.. قلت سأكتب.. فلا بد أن أكتب.. قال: لن يهتم أحد.. قلت: كلامك صحيح نسبياً على أداء بعض الوزارات.. فلا إدارة للإعلام تتابع ما ينشر ولا أخرى للعلاقات العامة وبسببهم يغيب تواصل وزاراتهم مع الناس.. إنما سأكتب للرئيس مباشرة.. وها قد فعلت!