صناعة الأحذية: سكت «المكن».. و«الجزم الصينى» اتكلمت
«عبدالرحيم» أحد العاملين فى تصنيع الأحذية
ورش معطلة لم تعد صاخبة كما كانت، وقوالب خشبية معدة حسب مقاس القدم تم رصها بعناية بعدما قل استخدامها، وأدوات لا تمسها أيادى «الصنايعية» إلا كل حين، كل شىء تغير حتى رائحة «الكولاّ» التى أصبحت حبيسة فى أكياسها، أوضاع متردية تعانى منها ورش صناعة الأحذية بسبب المواد الخام التى ارتفعت أسعارها مع أزمة الدولار الأخيرة وجشع التجار، إضافة إلى كثرة المنتج الصينى الذى يدخل السوق بأرخص ثمن وأبهى شكل وأسوأ خامة حسب وصف صنايعية الورش.
أصحابها: الحال واقف بعد ارتفاع أسعار الخامات وانتشار المستورد الأرخص والأقل جودة
«مابقاش فيه شغل، الماكينات بتشتغل عشان شبشب مقطوع أو جزمة عاوزة تتخيط أو شنطة عاوزة غرزتين» هكذا يعبر «عبدالحليم على» الذى عرفت قدماه ورش الأحذية فى منطقة شبرا منذ 35 عاماً وأصبح يمتلك واحدة خاصة به منذ 20 عاماً: «التجار الكبار بيحتكروا الخامات عشان لما ينزلوها لينا يقولوا دى غليت بسبب الدولار وللأسف إحنا بنضطر نشترى عشان شغلنا مايقفش.
الحذاء الصينى هو عدو «عبدالحليم» وغيره من أبناء كاره، انتشر فى السوق المصرية وزحف إلى الشعبية ويباع بـ30 جنيهاً أى أقل 3 أمثال من نظيره المحلى: «الواحد بيفكر فى الرخيص ويقول اللى يخلينى أشترى جزمة عمولة بـ100 جنيه، ما أنا أشترى 3 جزم، ولما واحدة تبوظ أرميها وألبس التانية». على مقربة منه ورشة أخرى لصناعة الأحذية، يجلس بداخلها «مجدى إسكندر»، يشرب الشاى ويدخن السجائر، يبدو كأنه لا ينتظر قدوم زبون: «أنا بقيت آجى أفطر وأشرب الشاى وأقعد طول اليوم لا شغلة ولا مشغلة، يدوب حتتين فى الأسبوع ممكن أعملهم وممكن لأ»، الشاب الذى يبلغ 31 عاماً وتعلم المهنة على يد زوج أخته ينعى حظه الذى قاده إليها: «المهنة مابقتش زى الأول وكل حاجة أسعارها ولعت بسبب المحتكرين اللى بيقولوا الدولار هو السبب مع إن كل خاماتنا محلية أصلاً، الكولا بقت بـ38 جنيه بعد ما كانت بـ20 والوش بتاع الشبشب الحريمى كان بـ6 و7 دلوقتى بقى بـ12 و13 والرجالى أغلى، والمسامير غليت والإبرة بتاعة المكنة من نص جنيه لجنيه ونص وإبرة المكنة الكبيرة من 4 لـ8 طب ليه».
الحال لم يختلف عند «محمد عبدالرحمن» الذى كان يجلس داخل ورشة عاكفاً على صناعة حذاء، تبين فيما بعد أنه يصنعه لنفسه: «أنا صنايعى معنديش ورشة، بتنقل فى الشغل من هنا لهنا، وكنت شغال فى ورشة لمدة 15 سنة ولما الشغل قل صاحبها مشانى، ومن ساعتها بلف على الورش»، مشيراً إلى أنه ندم على تعلمه تلك الصنعة التى ضُربت فى مقتل: «الصنعة دى بالذات مستقبلها مالوش ملامح ولو الدولة متدخلتش هتختفى خالص».