«الوطن» فى أماكن الذكريات من دمنهور إلى الإسكندرية: وراء «نوبل».. رحلة كفاح
أهالى دسوق ينظمون مسيرة فى حب دكتور أحمد زويل
قضى أهالى منطقة «منشية إفلاقة» فى دمنهور بالبحيرة ليلة حزينة، أمس الأول، بعد تلقيهم نبأ وفاة ابن المنطقة، الدكتور أحمد زويل، الذى عاش طفولته فى منزل خاله على ربيع بشارع 10 حتى مرحلة الدراسة فى مدرسة البكالوريا، التى تغير اسمها إلى «الثانوية العسكرية» حالياً، فيما تحولت شوارع المدينة إلى سرادق عزاء كبير، وأعلن عدد من الشباب عن الاتفاق مع أوتوبيسات لنقل أهالى المدينة للمشاركة فى جنازة الفقيد.
كان يعشق «المذاكرة» على أضواء مسجد «إبراهيم الدسوقى».. ويقضى سهرته فى معمل الكلية
فى بداية الخمسينات من القرن الماضى، وصل زويل إلى الشارع 10 للإقامة مع أسرته فى منزل خاله، وبحسب الأهالى «كان الخال يعيش فى عزلة، لذلك اعتقد الجيران وقتها أن زويل، الذى كان يلقب بشوقى، هو ابنه،»، وقالت ملكة حسن السيد، 75 عاماً «لم نكن نشاهد شوقى فى الشارع كثيراً مثل باقى الصبية، ومع اجتيازه المرحلة الابتدائية كان يفتح شباك حجرته ليلاً، ليذاكر على إضاءة عمود الإنارة، حتى لا يتحمل أصحاب المنزل فاتورة كهرباء مرتفعة»، مشيرة إلى أنها تربت مع زويل لتقارب عمرهما، ولم تلتقه بعد مغادرة المدينة إلا عند زيارته دمنهور لحضور حفل تكريمه، بعد الحصول على جائزة نوبل. وقال فؤاد سعد إسماعيل، 68 عاماً، «للفقيد العديد من الأصدقاء فى المنطقة، والذين استمر تواصلهم معه رغم سفره إلى الولايات المتحدة، بينهم محمود أمين، وإسماعيل محيى الدين، وفريد خطاب، والسيد طلبة»، مشيراً إلى أن زويل كان يحل المعادلات على صوت أم كلثوم، ويقول لرفاقه «سأكون أحسن واحد فى العالم».
وأضاف «لم يكن صاحب محل البقالة فى المنطقة، الحاج عبدالعزيز، يؤخره عندما كان يشترى منه احتياجات الأسرة، حتى لا يتعطل عن المذاكرة، لأنه كان معروفاً بحبه للمذاكرة، وتفوقه فى الدراسة، كما كان البقال يلقبه بالنابغة»، وتحدث نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار خيرى زويل، ابن عم الفقيد، مؤكداً أن «وفاته خسارة كبيرة للعلم والإنسانية، ولا نعرف حتى الآن إذا ما كان سيدفن فى مسقط رأسه بمدينة دمنهور، أم فى مدينة 6 أكتوبر بالجيزة، ونتواصل حالياً مع العائلة لمعرفة مكان الدفن». وبعد ساعات من وفاة زويل، انطلقت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعى لإقامة تمثال للفقيد فى مدخل مدينة دمنهور، تخليداً لذكراه، فيما أصدر محافظ البحيرة، الدكتور محمد سلطان، بياناً نعاه فيه، مؤكداً أنه «سيظل رمزاً للعالِم الذى أفنى حياته فى العلم منذ صغره حتى وفاته، كما سعى لنقل تجاربه إلى أبنائه الطلاب، لمواكبة التطور التكنولوجى الهائل فى الأبحاث العلمية فى مختلف المجالات». فيما قالت «سهام زويل»، شقيقة العالم الراحل الدكتور أحمد زويل، فى تصريح خاص لـ«الوطن»، إن خبر رحيله كان بمثابة صدمة لجميع أفراد الأسرة، معلنة أنه أوصى بدفنه فى مقابر العائلة بالقاهرة.
وأشارت هبة صلاح زويل، ابنة شقيقته إلى أن الدكتور زويل كان دائم الاتصال بهم، ويحنو عليهم باستمرار، ومعروف عنه التواضع، وخفة الدم، مضيفة: «كان يطالبنا عندما يتواصل معنا، بعرض أى مطالب عليه حتى يوفرها لنا، وقبل وفاته أرسل منحة مالية لأوائل الثانوية العامة تقديراً وتشجيعاً لهم على مواصلة التفوق، وآخر مكالمة تلقيناها منه كانت فى عيد الفطر المبارك، ليهنئنا بالعيد ويطمئن علينا». وقال زكى حشاد، (72 عاماً)، تاجر أقمشة، مقيم بمدينة دسوق بكفر الشيخ، وأحد أصدقاء الراحل الدكتور أحمد زويل، إن الراحل كان دائم التواصل مع أصدقائه القدامى وأهله قبل رحيله بفترة طويلة، وأضاف حشاد: «كنا نقيم أيام الطفولة فى شارع الخليفة، حيث كانت تسكن أسرة زويل، فى منزل مستأجر ثم انتقلت الأسرة للسكن فى شارع «ابن هشام» بمنطقة «المستعمرة»، وكان والده يعمل «عجلاتى»، ونشأ فى أسرة بسيطة حيث التحق بمدرسة النهضة الابتدائية بمدينة دسوق، ثم مدرسة «درشابة» الإعدادية، ثم مدرسة دسوق الثانوية، والمسماة حالياً «جمال عبدالناصر، وكان «زويل» يعشق المذاكرة، ويستذكر دروسه فى جميع المراحل بجوار مقام العارف بالله «إبراهيم الدسوقى»، حيث أضواء المسجد، وروحانياته».
ولفت إلى أن العالم الراحل التحق بكلية العلوم فى الإسكندرية ثم تخرج وعين معيداً بها، ومن حسن حظه إصدار الرئيس الأسبق عبدالناصر قراراً بإلحاق المتفوقين ببعثات خارج مصر، وكان من بين المتفوقين «أحمد زويل»، حيث تم إيفاده فى بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد انتهاء بعثته لم يعد إلى مصر، وفضل البقاء فى أمريكا ورغم ذلك احتفظ بعدد من الأصدقاء منهم نبيل السنهورى، تاجر بمدينة دسوق، ومن شدة حبه له أطلق اسمه على اسم نجله «نبيل».
وقال فتحى جاويش، أحد أصدقاء الراحل زويل، «كنا معاً بمدرسة «النهضة» بمدينة دسوق، ثم انتقلنا لمدرسة «النجاح» الإعدادية بدسوق، ثم بعد ذلك التحق بمدرسة دسوق الثانوية «جمال عبدالناصر» حالياً، مضيفا كان زويل علاقته طيبة بكل زملائه، ويحب التجارب العلمية، وكان له معمل صغير خاص به بمنزله يعيد عليه تطبيق التجارب التى تتم بالمدرسة، وحصل على مجموع أكثر من 70% فى الثانوية العامة، إلا أنه لم يتمكن من الالتحاق بكليات القمة، فالتحق بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية، لأنه حصل على الثانوية العامة عام 1963، وانقطعت علاقته بنا بعد أن سافر لأمريكا. «ظهر عليه النبوغ منذ أول سنوات الدراسة، كان مشاغباً علمياً، وجريئاً فى العلم، ودائماً ما كان يقضى سهرته فى المعمل علشان ينفذ التجارب العلمية» هكذا وصف الدكتور محمد الصادق، أستاذ بقسم الكيمياء بكلية العلوم، العالم الراحل أحمد زويل، الذى عين معيداً بكلية علوم الإسكندرية مع الراحل زويل عام 1967.
وأعلن الدكتور محمد إسماعيل عبده، عميد كلية علوم الإسكندرية، التى تلقى فيها العالم الراحل تعليمه الجامعى عن إقامة سرادق بمقر الكلية بمنطقة الشاطبى لتلقى العزاء فور وصول جثمان الفقيد إلى مصر، فضلاً عن إقامة حفل تأبين بالمدرج الذى يحمل اسمه ليتحدث أصدقاؤه وزملاؤه عن ذكرياتهم معه أثناء الدراسة وأثناء عمله كمعيد بالكلية. من ناحية أخرى، طالب أهالى مركز ومدينة دسوق اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ، بفتح دار المناسبات بالمدينة لإقامة عزاء شعبى فى رحيل العالم الكبير الدكتور أحمد زويل وقال إبراهيم جمعة، من أبناء المدينة، إن الراحل تلقى مراحل تعليمه فى مدينة دسوق، وهو ابن عم «حسن زويل» الذى كان يعمل فى هيئة إسعاف دسوق، ويسكن بمنطقة المستعمرة.
وقال الكاتب والإعلامى أحمد المسلمانى، محرر مذكرات الدكتور أحمد زويل «عصر العلم» وعضو مجلس الدراسات العليا بجامعة الإسكندرية: إن جامعة الإسكندرية قررت إقامة عزاء لفقيد مصر والعالم فى كلية العلوم التى تخرج فيها حائز جائزة نوبل وعمل معيداً فى قسم الكيمياء بها. وأضاف «المسلمانى» الذى يقدم اليوم واجب العزاء لعائلة الدكتور زويل بالإسكندرية: إن السيدة نانا زويل شقيقة الدكتور أحمد زويل أبلغتنى باتفاق العائلة على إقامة العزاء فى مدينة دسوق حيث كان عزاء والدة الدكتور زويل قبل سنوات وحيث قبر والد ووالدة الدكتور زويل. واستطرد «المسلمانى»: اتصلت باللواء سيد نصر محافظ كفر الشيخ واللواء أحمد بسيونى زيد رئيس مدينة دسوق لبحث الترتيبات مع عائلة زويل. وقد أعلنت المحافظة استعدادها لاستقبال المواطنين المعزين من كافة المحافظات، وأنها بصدد إطلاق اسم الدكتور أحمد زويل على شارع الشركات. أكبر الشوارع فى دسوق، وكذلك رفع كفاءة ميدان زويل ومدرسة أحمد زويل بدسوق.