ومن قال إن «الإخوان» تريد استمرار الدولة؟ إنها تريد إسقاط كل المؤسسات، لأنها فكرت ودبرت، وتوكلت على الله وقررت أن تحوّل المحروسة «مصر» إلى «شركة»، بذلك يمكن أن نفهم دعوة حزب الحرية والعدالة إلى التوسع فى إنشاء شركات الأمن الخاصة، والتفكير فى منح الموظفين بها حق الضبطية القضائية، وبذلك يتيسر لكل مواطن كان يحلم أن يصبح ضابطاً أن يحقق حلمه، ويكون من حقه جرّ أى مواطن آخر من قفاه، ولا يُشترط لذلك أن يتمتع باللياقة أو اللباقة أو الوعى بالقانون، الشرط الوحيد أن يتمتع بـ«لحية» إخوانية، أو سلفية، أو جماعة إسلامية، وممكن يكون المواطن «أجرودى» بشرط الانتماء والعضوية فى واحدة من تلك الجماعات. يخطئ من يظن أن النظام الإخوانى ينشئ بذلك دولة الميليشيات، فالإخوان لا تريد الدولة من الأصل، بل تريد أن تحول مصر إلى شركة كما ذكرت!
لذلك لا تعجب إذا تمت «خصخصة» الدولة لنعيش جميعاً «عهد ميمون»، فالمسألة لن تتوقف عند شركات الأمن الخاصة، كله «حيتخصخص»: الكهرباء والماء والغاز والعلاج والتعليم والرمل والتراب والهواء والفضاء والأرض والسماء، وكل «اللى نفسك فيه»، وإذا دققت النظر وأمعنت التفكير فى كلمة «خصخصة»، فربما تذكرت السنوات الأخيرة من حكم «المخلوع» التى ترددت فيها هذه الكلمة بقوة، خصوصاً مع سيطرة ولده «جمال» على دولاب إدارة الدولة: سياسياً واقتصادياً كخطوة من خطوات رحلته الخائبة فى وراثة حكم أبيه، حين تحوّل الحزب الوطنى «المنحل» الذى رأسه «الابن» فعلياً إلى مجرد مجلس إدارة، لتنفيذ خطته ورجاله فى تحويل مصر إلى شركة.
الإخوان تريد استكمال مسيرة الحزب المنحل، كما تسعى إلى التحول من فكرة الجمعية الاستهلاكية التى يقتصر نشاطها على توزيع الزيت والسكر والأرز إلى شركة تدير كل الأنشطة، أياً كان نوع النشاط أو خطورته. وإذا كان قطار هكذا (عهد ميمون) قد وصل إلى الأمن، فتوقع أيضاً أن يصل إلى جهاز المخابرات، فلابد أن «يتخصخص» هو الآخر. فما المانع أن يتحول كل مواطن إلى جاسوس على أخيه المواطن، كما تحول إلى عسكرى يمنحه الحزب حق حمل السلاح، وحق الضبطية القضائية. العدل مطلوب يا «إخوان»، ممكن مواطن يشتغل «ضابط»، ومواطن آخر يعمل «جاسوس»، ومن خلال هذه السياسة يمكن لحزب الحرية والعدالة أن يضرب أكثر من «ميمون» -بمناسبة العهد الميمون الذى نعيشه- بحجر واحد، فيقوم بعمل أكبر حملة دعاية حزبية فى التاريخ، إذ سيهرول المواطنون من كل حدب وصوب للانضمام إليه حتى يجدوا لهم «عيش» فى هذا البلد، يضاف إلى ذلك المساهمة الفعالة فى حل مشكلة البطالة، حيث ستتوافر فرص عمل للكثير من المواطنين، لأن الحاجة للمواطن الضابط والمواطن المخبر ضرورية لأى عهد ميمون.. وسلام للبيه الأمريكانى!